بتاريخ ٢٢ / ٠٤ / ١٤٤٥ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

سنة كونية من سُنن الله عزّ وجل تسير بها الحياة , لا يمكن للتغيير في حياتك ولا النصر

أيًا كان شكله إلا من خلال “الخطوة الأولى التي تكون من الشخص نفسه” فهي الخطوة الأولى

و الشبر الأول كما يسمونها بعض العلماء استنباطًا من الحديث القدسي (ومن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقربْتُ منه ذراعًا

ومن تقرَّبَ إلي ذراعًا تقربتُ منه باعًا ، ومن أتاني يمشي أتيتُه هرولةً “أخرجه البخاري”

كل هذه المفاهيم تعني أن الخطوة الأولى لا بد أن تكون منك!

 فلنتحدث بحديث مباشر  عن الخطوات الأولى التي تقربنا من الله عز وجل,  وأهمها موضوع “التوبة”  ونطرح سؤال مباشر للقارئ:

“من يحول بينك وبين التوبة؟”

هذا السؤال  مهم! ويُهم الذي لم يتخذ قرار بالتوبة بعد!  فنحن نحتاج إلى توبة من كبائر وصغائر الذنوب, لأن الذنوب قد تكون

حاجز بينك وبين أي قرار مهم في حياتك، و قد تكون سلاسل تربطك عن أيّ عمل مهم ومُثمر قد تقوم فيه.     

ولذلك لما جاء الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال له:

يا رسول الله “هو يتحدث بصيغة المجهول” فقال يا رسول الله:

(رجلٌ لم يترك حاجة ولا داجة ( ، وفي رواية (شاردة ولا واردة إلا وقد فعلها)  بمعنى ختم كل أنواع الذنوب

فما بقي شاردة ولا واردة إلا وقد فعلها, فقال: (هل لهُ من توبة؟)

فقال له النبي عليه الصلاة والسلام وقد فهم الخطاب، قال: (تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟ فقال يا رسول الله أما أنا فنعم)

فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (إذًا يغفر الله لك سيئاتك ويبدّلها حسنات) فنسي الرجل ما كان يقول “أن رجلًا..” قال:

(يا رسول الله وغدراتي وفجراتي؟) بمعنى كل شيء؟! فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (وغدراتك وفجراتك) “صححه الألباني”

كل ما سبق يغفره الله عزّ وجلّ بلحظه إذا كنت أنت تبت منها هذه التوبة الصحيحة.

ماذا  تعني التوبة؟ وما هو الفرق بين هذه الكلمة وبين أن أترك الذنب؟

لفظ تاب  باللغة العربية معناها:

رجع يعني أخذ مخرج ورجع مرة أخرى  وتاب إلى الله عزّ وجلّ

فإنه يتوب إلى الله متابًا ، لذلك قال الله عزّ وجلّ:

(إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَة ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیب فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۗ..)  سورة النساء/آية 17.  

تفسير قوله من قريب ماذا تعني؟ هل المقصود أن التوبة للناس اللي مثلًا يعمل الذنب والآن 

لابد عليه أن يتوب بعدها مباشرةً  فقط؟ لا! بل التوبة  مفتوحة لك ما لم تغرغر الروح، فالباب مفتوح لا يغلق في وجهك أبداً!

وهذا من كرم الله عزّ وجلّ.

من المطالَب بالتوبة؟ الله عزّ وجلّ يحب من عبادهِ التوبة ويحب التوّابين، لكن السؤال هُنا.. من مطالَب بالتوبة؟

للناس التي تظن أنها هي خارج نقاش التوبة ،الذي يظن أنه إنسان ممتاز و ما عندي شيء أتوب منه ، طبعاً من يتكلم بهذه اللغة

أو يراوده هذا الشعور  فأنت لم تفهم معنى التوبة! العلماء يقولون لا تنظر إلى صغر المعصية لكن أنظر إلى عظمة من عصيت،  أنت لا تنظر ماذا فعلت

بمقياسك بأنه ذنب صغير، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول :(إياكم ومحقرات الذنوب)“صححه الألباني”

لكم انظر إلى الجبار القوي المتين، و تخيل للحظة لو تخلى الله عنك فلم يؤيدك, ولم ينصرك, ولم ينزل السكينة

على قلبك, ولم يثبتك, ولم يرضيك, تخيل بس لو إنك عشت في هذه الحياة من غير الله! كيف تستطيب الحياة؟!

 نحن نحتاج إلى التوبة لنغير من حياتنا فتكون حياة قائمة على مراد الله وليس فقط ذنب واحد، بل حياة قائمة على ما يريده الله

منا لا على ما تهواه أنفسنا, فحقيقة أن تكون عبد مسلم إنك تسلم أمرك لله, قال الله عز وجل: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)سورة البقرة / آية 85.

هو ليس بالمزاج؟ نأخذ من دين الله الذي نريده ونترك مالا نريد؟ ولذلك قال الله عز وجل: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)سورة النور آية 31. 

توبوا فعل أمر؛  يخاطبني فيه الله عز وجل ويخاطبك أنت شخصيا فتوبوا، إذا هذا أمر ولا بد أن يشغل ذهننا طول الوقت أنا عن ماذا أتوب؟

يظن بعض الناس أن  الخيار لدي أتوب أو لا أتوب! وتظن أنت إن طالما الخيار موجود عندي لسه

ما قررت و ممكن أفكر و أؤجل ، لكن تذكر بإنك المسؤول عن قرارك واختياراتك في الحياة فإذا اخترت

إنك تستمر على معصية أنت تعرف جزماً أنك ستدفع ثمن لهذا القرار, وإذا أردت ان تتوب من هذا الذنب اليوم ستجازى على هذا القرار

من عمل خيرا فسيجازى خيرا ومن عمل شرا سيجازى شرا .

 الحسن البصري يقول: (أيها العبد الآبق عد لمولاك). ماذا تعني كلمة الآبق؟ تعني “الهارب” فيقول الحسن:

أيها العبد الهارب صار لك سنين وشهور وأنت مثل الهارب من ربه، لا تريد أن تفكر ولا تتذكر ولا تريد أي أحد

يضيق صدرك بكلمة و لا يشعر في داخلك تأنيب الضمير ،فالحسن البصري يقول : (أيها العبد الآبق أيها الهارب عد لمولاك)

ارجعي إلى مولاك لأن لو  هربنا ثم هربنا أنتِ ستعودين إلى الله عز وجل إما مكرهه و إما وانت بعافيتك وبصحتك ولذلك عد إلى مولاك الآن قبل غد.

لماذا نتوب؟

السبب الأول: لأنك لو لم تتب و أسلمت نفسك لهواك وذنوبك ،عشت عيشة البهائم. 

ولا حظي أنت فلانة بنت فلان الشخصية المرموقة الي عندك سيرة ذاتية و عندك المنصب الفلاني, تخيلي!

في النهاية تكون حياتك مساوية لحياة أيا من هذه البهائم, لأن القضية كانت: آكل ، أشرب، أجمع فلوس، أجمع جاه، سمعة، منصب، استمتع في الدنيا فقط

بدون أي بُعد أُخرَوي, بدون ما يكون فيه أي شيء ثاني يحتسب فيه ما عند الله والدار الآخرة. هذه العيشة “عيشة البهائم”

هي عيشة الغافل ولذلك فيه ناس ما تعرف إنها يجب أن تتوب لأن ما تعرف أصلاً أنها في حالة يجب أن تتوب ، عينها تشوف الحسنات بس ، تشوف  أعمال الخير

الي هي مسويتها لكن ما تشوف جبال من السيئات و من ذنوب الخلوات ومن المجاهرة بالمعاصي قال عنها الله عز وجل في القرآن:

(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)سورة الأنبياء / آية 1و2 و3 

اقرؤا الأوصاف : معرضون، يلعبون، لاهية، تذكركم في أحوالنا؟ تذكركم لما أحد ينصح ولا أحد يبغى يقولك كلمة خير فأنت تعرضين و مالك خلق

وحتى لو سمعت بس القلب معرض وهل يذكرك بيلعبون بقضية هذا الإغداق المادي في إشغال الناس باللعب و باللهو و بالطرب أهم شيء لا ينتبهون إلى الحقيقة

وإلى ما سيصادفهم و إلى الدار الآخرة,  لاهية قلوبهم.

السبب الثاني :  احسبها حسبة رياضية ! واحد زائد واحد يساوي اثنين، طريقك اللذي أنت ماشي فيه أين يوصلك؟

ولذلك واحد من أسئلتنا الكبيرة أين تريد أن تصل ؟ وهل ما تفعل يوصلك له أم لا! لابد أن تدرك

أنك عبد لله  وليس لهواك ومزاجك ،حاضر الذهن بقرار التوبة.

السبب الثالث: نحن نحتاج للتوبة لنرتاح، حقيقي! نحن نحتاج للتوبة عشان نرتاح،الله عز وجل يقول:

( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)سورة طه / آية 124. البعيد عن الله عز وجل يعيش حياة الضنك، بل هو لا يعرف أن هناك

حياة أفضل، فهو مشغول في دائرته دائرة ذنوبه ومعاصيه اللي تلقب بدائرة الراحة، والحياة من دون الله مظلمة موحشة

ولذلك أولئك السلف كانوا يقولون: (مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها)، ويقول هذي الكلمة وهو في كوخ فقير معدم! و مقولة أخرى:

( لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف)

هذه الدروس التي كنا نسمعها كلمات كنا نستشهد فيها ، لكن نراها اليوم في أحداث غزة ونرى

كيف هم يقولون، يقولون والله لا نتمنى أننا لنا يوم من أيامكم ولا نتمنى أن نعيش هذه الأيام في مكان آخر غير هذا المكان.

اسأل نفسك في نهاية يومك هل أنت سعيد ؟

ارجع لقلبك قليلاً واسأل نفسك هذا السؤال الصريح ، لن تجد طعم السعادة في معصية أبداً ، هذا قضاء الله قضى الله ألا يجعل سعادته في معصية أبداً، لا يستطعمها

من يعصي الله عز وجل إلا أولئك الذين ختم الله على قلوبهم ،فما عاد يعرفون منكر ولا ينكرون معروف.

أما الذي لا زال في قلبه شيء من الحياة و تأنيب الضمير فلا يمكن أن يستطيب معصية الله عز وجل ولذلك التوبة هي الهروب الكبير من هذا الشعور بالضنك .

من يملك السكينة و الطمأنينة في قلبك؟

قال الله عز وجل:( هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ) سورة الفتح/آيه4. ، ويقول الله عز وجل:( أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَىِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ) سورة الرعد/ آيه 28.

ويقول الله عز وجل:( وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ) سورة محمد / أيه 2.فنحن نتكلم عن صلاح البال و الرضا

والاطمئنان و السكينة، هذه الأمور بكم تشترى اليوم؟! بكم تشترى فقط السكينة!؟ تخيل أن هؤلاء كلهم من يعيش مع الله

عز وجل ومن يتوب إلى الله ومن يلوذ بحماه فقد قضى الله عز وجل بهذه الأمور كلها. هو الذي ينزل

السكينة في القلوب، لذلك إذا الله نزع السكينة في قلبك فلا تسألين عن رجفة قلبك طول الوقت لأن الله لم ينزل السكينة، فيظل الإنسان

طوال الوقت قلق غير مطمئن، غير سعيد تأتيه مباهج الحياة إلى عنده لا يستطيبها.

قال الله عز وجل 🙁 رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ)سورة المائدة / آية   119.

لذلك ابحث في القرآن أين أتت هذه الجملة “رضي الله عنهم ورضوا عنه”؟ وماهي صفات المؤمنين. 

ويجب أن تكون قراءتنا للقرآن  ليست قراءة عادية! قراءة؛ يجب أن تستفتح معها قلوبنا ونحن

نرى أن هذا القرآن “منهج حياة”يعلمنا. ولذلك ماذا يُثّبت أولئك الآن في غزة تحت القنابل!

كل وقتهم وهم يلهجون بآيات القرآن لأنهم يرونها عياناً بياناً. فالله عز وجل إذا لم يُنزِل في قلبك الرضا فمن يُنزِلَه؟

كيف يشعر الإنسان بالرضا والسعادة إذا الله نزعها؟  من يجعل هذا النوع من السكينة والاطمئنان في قلبك إلا الله عز وجل!.

هل الذي يتوب يعيش حياة كئيبة؟

لا يعني أن يتوب الإنسان أو أن يلوذ بحمى الله عز وجل أنه يعيش حياة كئيبة  أو حياة مظلمة. لا أبداً, أنت ترى

الصورة من بعيد ، تظن هكذا يعيشون لا يسمعون ولا ينظرون للحرام, طيب يعني كيف يقضون يومهم؟

أنت تظن أنه لا يوجد هناك خيارات وعايش أنت في دائرتك فقط من ذنوبك وخطاياك وتظن أن هُنا السعادة !

إذا الله يتكفل إنه يمتعك أنت متاعاً حسناً ،فماذا تتكلمين  عن متاع الدنيا!؟ لا يمكن أن يمتعك

إلا الله عز وجل فإذا الله تكفل فيها فما الذي يحول بينك وبين التوبة؟.


أضرار الذنوب و المعاصي :

يقول ابن القيم عن الذنوب والمعاصي وأضرارها سرد في كتاب الوابل الصيب أكثر من اثنين وخمسين

ضرر من أضرار الذنوب، منها مثلا: حرمان الرزق، الوحشة في القلب، وحشة تجاه الخلق. الناس الذين فيهم

رهاب اجتماعي ولا يستطيعون مقابلة الناس ويأتي لهم نوع من القلق، وأيضا فيها ضعف في البدن

من عقوبات المعصية, الضعف والوهن في البدن تشعر أنك ضعيف لا تدري ما سبب ضعفك! هذا الضعف والوهن

قد يكون سبب من أسبابه هذا الذنب. و أخيراً؛حرمان العلم فما عاد يعرف أين الصح وأين الخطأ .

قال الله عز وجل:( وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ یُسۡرا) سورة الطلاق / آية 4.

فالذي لا يتقي سيكون أمره عسراً، ولذلك تكلميني عن الذنب والمعصية أن لها حلاوة ولها لذة، أقولك أي نعم لكنها

لذة مؤقتة والوحشة التي ما بعدها تطول وهي أشد، ولذلك ما الذي لا يزال يمسّكُنا بهذه الذنوب؟  

مر النبي عليه الصلاة والسلام بقبرين وسمع صوت عذابهما. سمع صراخهم في داخل القبر وهم يعذبان، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :

(من أصحاب القبور فذكروا له، فقال النبي عليه الصلاة والسلام إنهما ليعذبان)“أخرجه البخاري”. 

الكلمة هذه مؤلمة!! نمر نحن في القبور ونراها من بعد مصمتة، لا نرى إلا حجار، لكن لا نعرف

من المنعم بها ومن المعذب، وما أعرف لا أنا ولا أنت عندما نضع في قبورنا أي الناس سنكون ،يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(إنَّهما ليُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ ثمَّ قال: بلى أمَّا أحدُهما فكان يسعى بالنَّميمةِ وأمَّا الآخَرُ فكان لا يستنزِهُ مِن بولِه )“أخرجه البخاري”.

هذا شيء نحن ممكن أن نقول أن هذه من الصغائر يمشي بالنميمة خرب بين اثنين فقط كلام سمعه في أذن فنقله بين اثنين بس مشى بالنميمة.

يقول البعض الله لم يكتب لي التوبة  :

المقتنع بهذا الكلام, هل يطبقه في الرزق وفي الوظيفة؟  بأنك لا تبذل السبب و تجلس في البيت وتحدث نفسك

بأن الله سيرزقني الراتب هو الرزاق ،نفهم جيدا أننا  لابد أن نسعى لنحصل على نتيجة جيدة في الامتحان . إذا الله هو “التواب “

لكن نحن أيضًا لابد أن نسعى إلى التوبة بالتحرك و البذل، لذلك في سورة الكهف نقرأها في كل جمعة، أصحاب الكهف لم يجلسوا

في مكانهم قالوا يا ربنا فقط ،قال الله عز وجل من بداية القصة: (إِذْ قَامُوا فَقَالُوا ربنا) سورة الكهف/ آية ١٤ كلمة (إذ قاموا )

صنفت فيها مؤلفات، إن هؤلاء الفتية لم ينتظرون المدد من الله فقط بل بذلوا السبب ثم أتاهم المدد الرباني .


شروط التوبة :

أولاً : أن يكون هناك عمل، أن تقلع عن الذنب الآن  ،تنوي أنك تقلع عن الذنب وعدم الرجوع إليه.

ثانيا: وهذا الأهم وهو المفروض كلنا بدأنا فيه هو” الإخلاص” أن تتوب إلى الله ابتغاء وجه الله.

 فلا تتوب فقط لأجل الصحة ولكي يرزقني الله و يفتح علي! أنت تتوب أولاً من أجل الله وابتغاء وجه الله.

الشرط الثالث: أن تندم على ما فات :وهذا الندم أنك تشعر بهذه الحرقة أني أنا كيف فعلت الذنب! أنا كيف سويت هذا الشيء! 

وتحدث نفسك الحمد لله يا ربي أنك أنت ما خذيت روحي وأنا كنت قائمة على هذا الذنب.

الشرط  الرابع: أن تعزم على ألا تعود :حقيقة التوبة ولا تعتبر توبة إلا لو كنت عازم على عدم العودة إليها، ولذلك فرق التوبة عن الاستغفار

الإنسان يستغفر فقط من ذنب لكن التوبة هي الرجوع من مكان آخر و أنك تنقلب من حال إلى حال.

ولذلك قال الله عز وجل عن هؤلاء: ( إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ) سُورَةُ فُصِّلَتۡ / آية٣٠.

ثم استقاموا معناها الآن  تاب إلى الله عز وجل ثم استقام العمر كله، وهذه الاستقامة أنه هو يتحرى  عدم اعْوِجَاجٌ يميناً أو يساراً ، فهذا مراد الله عز وجل أن تستقيم على الأمر الذي يريده طول حياتك .

اسأل الله أن يرزقني وإياكم توبة نصوحا، وأن يجعل من توبتنا نصرة لدينه وكتابه وسنة نبيه وعباده الصالحين، وأن يحبب إلينا الإيمان

وأن يزينه في قلوبنا، وأن يكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان. والحمدلله رب العالمين.


تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.