بتاريخ ١٥ / ١ / ١٤٤٣ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )


لماذا نتعاهد هذا النوع من الدروس المتعلقة بأحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-؟

أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-  لاتقل أهمية عما جاء في القرآن من الكتاب والتفسير، ولذلك لدينا في الإسلام أصلان نرتكز عليهما في الأخذ

والاستدلال وهما القرآن والسنة. فهذان الأصلان مهمان لأننا نستنبط منهما جميع أركان الشريعة وأحكامها واستدلالاتها. 

أليس القرآن كافٍ؟

كلا، لا يكفي والسبب أن السنة جاءت إما:

  1. لتبين المبهم من القرآن وما هو غير واضح فجاءت السنة لذلك (مثل تفسير قوله تعالى ” لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ” (يونس:26) بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها النظر إلى وجه الله عز وجل الله).
  2. أو يكون في القرآن شيء مجمل فجاءت السنة بتوضيحه وتفصيله (مثل تبيان مواقيت الصلاة وعدد ركعات كل صلاة).
  3. وقد تأتي السنة بأحكام غير موجودة أصلًا في الكتاب (كتحريم الذهب والحريرعلى الرجال، وتحريم الخالة والعمة من الرضاع وغيرها ما جاءت إلا في السنة).

لذلك الدين لا يؤخذ فقط من الكتاب بل يؤخذ من الاثنين معًا، القرآن والسنة.

من هم القرآنيون ؟

القرآنيون هي فرقة اشتق اسمها من كون أصحابها يأخذون ما وجد في القرآن فقط ولا يأخذون بالسنة. وحجتهم بأن الله -عز وجل- 

تكفل بحفظ القرآن في قوله تعالى “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر:9)

ولم يتكفل بحفظ السنة بزعمهم.

فمن يقرأ القرآن يعلم أن هذا الكلام عارٍ من الصحة، فالله -عز وجل- يقول: “وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ(1)  مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ(2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (النجم:1-3). 

أي كل ماينطق به رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ماهو إلا وحي يوحى، والله عز وجل كما تكفّل بحفظ القرآن تكفل أيضًا بحفظ سنته.


حكم إنكار حجية السنة

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله- مفتي المملكة (أن السنة حجة قائمة مستقلة على جميع الأمة من جحدها أو أنكرها

أو زعم أنه يجوز الإعراض عنها والاكتفاء بالقرآن فقد ضل ضلالًا بعيدًا وكفر كفرًا أكبر وارتد عن الإسلام بهذا المقال فإنه بهذا المقال قد كذب القرآن، وكذب بماجاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-).


الحديث الأول:

قال النبي -عليه الصلاة والسلام – عن عبدالله ابن عمر قال:

“رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ”

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: حسن موقوفا وصح مرفوعا]

حديث عظيم جدًا يبين مكانة الوالدين، قد يغيب عن الذهن هذا الارتباط بين عدم الإشراك بالله -عز وجل-  وبين بر الوالدين، فكل ماتفعله في حياتك

في إرضاء أمك أو أبيك فهذا من رضا الله -عز وجل- وإذا أسخطتهما تكون مستحقًا لسخط الله -عز وجل-.


الحديث الثاني:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ” قِيلَ: مَنْ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:

“مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ”

[أخرجه مسلم، صحيح]

رغم أنفه يعني أنفه دخل في التراب، وهو كناية عن الذل والخزي. والداك أحوج ما يكونان لك عندما

يشتد عودك وتصبح مستقلًا  بذاتك وبمالك، وأنت لست بحاجتهما لأنهما صارا إلى ضعف.


الحديث الثالث:

قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ” ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دعوةُ الوالدِ، ودعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ”

[أخرجه أبو داود في سننه، وقال الألباني: حسن]

مستجابات لاشك فيهن أي مباشرة تذهب للسماء، لأنه لايمكن أن يدعو والد على ولده إلا في شيء يحرقه من الداخل. ولو تأملنا في من حولنا

سنجد أن كثيرًا من النجاحات خلفها أم تلهج بالدعاء لهذا الابن بالذات، وخلف محق البركة قد تكون أم تدعي بذلك على أبنائها.

كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقول: (احذروا دعاء الوالدين فإنما في دعائهما النماء والانجبار والاستئصال والوبال).


الحديث الرابع:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: تُرْفَعُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ دَرَجَتُهُ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: وَلَدُكَ اسْتَغْفَرَ لَكَ”

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: حسن]

كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يلزم هذه الدعوة (اللهم اغفر لأبي هريرة ولأمه ولمن استغفر لهما).

يقول محمد ابن سيرين أحد التابعين (فكنا نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة -رضي الله عنه-).


الحديث الخامس:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ”

[أخرجه أبو داود في سننه، وقال الألباني: صحيح]

لنركزعلى كلمة صالح، لأنها دليل على زرع وغرس. فالعبرة ليست في إنجاب الأبناء والاهتمام بأكلهم وشربهم

وتحصيلهم الدراسي فحسب، بل بتنشئتهم ليكونوا من الولد الصالح وهذا ما سيبقى للآباء.


الحديث السادس:

قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:  “إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ”

[أخرجه مسلم، صحيح]

وهذا من بر الوالدين بعد مماتهم، فتنظر إلى من كان يحبه والدك من أصدقاء أو أقرباء فتفعل ما كان

يفعله معهم من زيارتهم وغيره. وكذلك تنظر كيف كان يتعامل مع الخدم أو السائقين، فتقوم بنفس عمله

وعلى طريقته، هذا كله من أبرّ البر؛ لأن أي شيء تفعله مثل والدك هو استمرار للأجرالذي كان عليه.


الحديث السابع: عن عبدالرحمن بن عوف أنه سمع رسول -عليه الصلاة والسلام- يقول :

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” قَالَ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا

اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ ”

[أخرجه أبو داود في سننه، وقال الألباني: حديث صحيح]

فمن يصل رحمه يصله الله -عز وجل- ومن يقطعها يقطعه الله -عز وجل- من رحمته وإحسانه.


الحديث الثامن:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:

“مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”

[أخرجه البخاري، صحيح]

صلة الرحم من أعظم الأبواب لمن يبحث عن الرزق والبركة.


الحديث التاسع:

قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا”

[أخرجه البخاري، صحيح]

قد يقول البعض أنا أزورهم وهم لا يزوروني وأنا أفعل لهم وهم لا يردون ذلك، فالنبي -عليه الصلاة والسلام-

وضّح هذه الفكرة فقال ليس الواصل بالمكافىء، بل من يصل من قطعوه.


الحديث العاشر:

عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ

مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ

أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:

“إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ”

[أخرجه مسلم، صحيح].

لقد رحمها الله برحمتها لابنتيها، فهذه  الرحمة التي وضعت في قلب الأم لصغارها أدخلتها الجنة. ومن أرحم الرحمات

فيهم أن ترحمهم في الآخرة كما ترحمهم في الدنيا، فليست الرحمة فقط أن تخاف عليهم من الجوع والبرد، لكن الرحمة أيضًا أن ترحمهم من حر النار

يوم القيامة كأن تجتهد في إيقاظهم لصلاة الفجر أو صلاة الجمعة.


الحديث الحادي عشر:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَاوِرِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:

” لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ، وجارُه جَائِعٌ”

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: صحيح]

قد يقول البعض: وماشأني؟ جاري في بيته وما أدراني أنه جائع؟! فلم  يحدد النبي -عليه الصلاة والسلام-

أنك إذا عرفت أن جارك جائع، وهنا نعرف أنه يوجد خلل في منظومة الجيرة، وأن هؤلاء الجيران لايعرفون

عن بعضهم البعض فوضعوا للجيرة حدود ولم تصبح كما أمر بها النبي -عليه الصلاة والسلام-.


الحديث الثاني عشر:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زمانٌ – أَوْ قَالَ: حِينٌ- وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الْآنَ الدِّينَارُ

وَالدِّرْهَمُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” كَمْ مِنْ جَارٍ متعلقٍ بِجَارِهِ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ، يَا رَبِّ! هَذَا أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي، فَمَنَعَ مَعْرُوفَهُ! “

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: حسن لغيره]

هذا حديث مفزع، فبعض الناس منطوون على أنفسهم يغلقون أبوابهم دائمًا، ومنعزلون اجتماعيًا عن أهل الحي، لو كان الحي

حي سوء فلابأس في ذلك، لكن لو كان هذا الحي حي خير فهنا يجب أن تكون بارًا في جارك.


الحديث الثالث عشر:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ”

[أخرجه البخاري، صحيح]

ظن النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الجار سيكون من ضمن المواريث من شدة توصية جبريل -عليه السلام- بالجار.

وهذا ما يجب أن يكون عليه المجتمع المسلم من عطاء ومعروف للجار.

الحديث الرابع عشر: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

“خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ”

[أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح]

صنع الخير للجار كأن ترسل لهم من طعامك، وتسأل عنهم ولا تؤذيهم وهذا نفع دنيوي. وهناك أيضاً نفع أخروي

كأن تشملهم في الدعاء وتكون سبباً في هدايتهم وصلاحهم. فالمؤمن لا بد أن يكون علامة فارقة

في أي مكان يكون فيه، ويكون شعلة من نور تضيء لجيرانه وأهل حيه.


الحديث الخامس عشر:

عن أبي هريرة، أن رجلا قال: “يا رسول الله، إن فلانة ذكر من كثرة صلاتها، غير أنها تؤذي بلسانها قال:

“في النار”، قال: يا رسول الله، إن فلانة ذكر من قلة صلاتها وصيامها، وأنها تصدقت

بأثوار أقط، غير أنها لا تؤذي جيرانها، قال: “هي في الجنة”

[أخرجه ابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: صحيح]

المرأة الأولى في النار لأن لو كانت صلاتها وأعمال الخير التي تفعلها صحيحة لنهتها عن ذلك الأذى المتعدي

الذي تفعله وهو إيذاء الناس بالكلام. بينما المرأة الثانية التي تصلي الصلوات المكتوبة فقط وتتصدق بالقليل هي

من أهل الجنة كونها لا تؤذي جيرانها. فعلينا أن نربي أنفسنا ألا نؤذي الغير ولو بكلمة عابرة.


الحديث السادس عشر:

قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ»

قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ”

[أخرجه البخاري، صحيح]

البعض يظن أنه من القوة أن يهابه الناس، والحقيقة أنه لا يدخل الجنة من لايأمنه جاره ولا يأمن الحديث معه.


الحديث السابع عشر:

قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا”

وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.

[أخرجه البخاري، صحيح]

قد يظن البعض أن في كفالة اليتيم خير لهذا اليتيم فقط وأن الأجر للصدقة عليه، لكن ما لا نعلمه أن في

كفالة اليتيم الخير والرزق والبركة للكافل. فكم سمعنا عن قصص لأناس فتح الله عليهم أبواب رزقه بعد كفالتهم لأيتام.

ولذلك من يستطيع أن يكفل يتيمًا فليكفل، سواء كانت كفالة مادية أو كفالة حقيقية.


الحديث الثامن عشر:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

“لاَ يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ، إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ”

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

[أخرجه البخاري، صحيح]

فلو مات لأحدهم ثلاثًا من الولد واحتسبهم عند الله لا تمسّه النار إلا تحلّة القسم

الوارد في الآية الكريمة وهو الورود على النار، لكن لاتمسّه النار أي لاتحرقه.


الحديث التاسع عشر: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

“مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟” قَالَ قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ، قَالَ: “لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا”

[أخرجه مسلم، صحيح]

الرقوب في ميزان البشر أي العاقر أو الذي لا ينجب، ولكن الرقوب في ميزان الشرع

من له أولاد ولم يقدم منهم شيئًا أي ما مات منهم أحد في حياته.


الحديث العشرون:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

“أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ”

[أخرجه الطبراني في الأوسط، وقال الألباني: صحيح]

هذا الحديث فيه بشارة ونذارة فأهل المعروف والخير في الدنيا هم المعروفين بالخير في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا

هم أهل المنكر في الآخرة، فكما تكون هنا ستكون هناك والجزاء من جنس العمل. فليفكر الإنسان بما يُعرف به في الدنيا، ما الذي ارتبط باسمه ؟ الخير والصلاح؟ أم المنكر ؟!


الحديث الحادي والعشرون:

قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ”، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ:

“يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ” قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: “يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ” قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ:

“فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ”

[أخرجه البخاري، صحيح]

على كل مسلم صدقة مهما كانت ظروفه. فمن لم يجد ما يتصدق به من مال فليعمل بيده حتى يكسب المال

وينفع نفسه ويتصدق بما زاد. ومن لم يستطع فليعن صاحب الحاجة أو المكروب. فمن لم يستطع فليعمل

وليأمر بالمعروف ويمسك نفسه عن أنواع الشر فإنها صدقة منه على نفسه.


الحديث الثاني والعشرون:

عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بالشَّيء يَقُولُ:

“اذْهَبُوا بِه إِلَى فُلانَةٍ فَإنَّها كَانَت صَدِيقةُ خَدِيْجةَ. اذْهَبُوا بِه إلى فُلانَةٍ فَإنَّها كانت تُحِبُّ خَدِيّجةَ”

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: صحيح]

غاب الجسد وغابت خديجة -رضي الله عنها- والنبي -عليه الصلاة والسلام- عنده من الزوجات الأخريات ومع ذلك لا زال يحتضن الودّ

لزوجته الأولى وهذا من المعروف ومن الودّ الذي يميز أهل الإيمان في علاقاتهم أنهم يحفظونها إلى الآخرة.


الحديث الثالث والعشرون:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

“المُؤمن مرآةُ أخِيه، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو المؤمنِ، يَكفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَه ويحُوطُه مِن وَرَائِهِ”

[أخرجه البخاري في الأدب، وقال الألباني: حسن]

كان السلف يقولون رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي.

فمن وظائف المسلم مع المسلم ومن حقوقه السبعة أن ينصحه إذا استنصح، فيكون الإنسان هو مرآة أخيه المؤمن، كما لو أنك تمسك بمرآة

وتنظر فيها لنفسك والعيوب التي فيك، فتخيل أن تمتلك أخًا كذلك، يخبرك بعيوبك وخطئك. فكثير من الناس تمدح بعضها

حتى يستمر الود في العلاقة، لكن من يهديك عيوبك بنية الإصلاح؟ وليس لمجرد الانتقاد أو الاستصغار والتصيد لأخطائك.

هذه كانت طائفة من أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- أسأل الله أن ينفعنا بها وأن يجعلنا

ممن يحشرون في زمرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وأن يسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.