بتاريخ ٠٨ / ٠٩ / ١٤٤٥ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

للاستباق في حصد أعمال الخير نبدأ في حديث أثر لأيوب -عليه السلام-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ ‌جَرَادٌ ‌مِنْ ‌ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ ” [أخرجه البخاري، صحيح].

اغتسل أيوب -عليه السلام- ذات يوم وهو عريان، وخرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب -عليه السلام- يحثي في ثوبه هذا الجراد. رأى أيوب -عليه السلام- أن هذا رزق من الله عز وجل. نزلت عليه الأموال كما نزل عليه الشفاء، في قصته المشهورة، في قوله تعالى:{مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} الأنبياء (83)، فناداه الله -عز وجل- وقال: ”يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟“ فقال أيوب: ”بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ“.

لا غنى لنا عن فضل الله وبركته

اسم الله الغني:

كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أجود ما يكون في رمضان، فكيف بجود الله -عز وجل-، وكيف بكرمه في شهر رمضان المبارك.


إن الله -عز وجل- هو الجواد، وهو الكريم، وندعوه ونحن موقنون بأنه هو الغني، وهو الذي يملك مفاتيح أرزاقنا، ويملك مفاتيح الفرج، ومفاتيح الكرم.

فإذا كنا نوقن بالله -عز وجل- هو الغني، فلا نسأل عن إجابة الدعاء، قال الله -عز وجل-:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فاطر (15)


يروي الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي عن الله -سبحانه وتعالى-:

(… يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي ‌فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي…) [أخرجه مسلم ، صحيح]

فالتأخر عن الطاعة، أو التهاون بها، لن يضر الله سبحانه وتعالى بشيء، أو يقلل من غناه. فالله لا تضره معصية عاصٍ ولا تنفعه، ولا تزيده طاعة طائع.

يقول الغني -عز وجل-: أنه هو الغني عن عباده ولو كفر به العالم كله، وأشرك بالله كل من في الأرض، فلن ينقص ذلك من مُلك الله شيئا.


يقول النبي عليه الصلاة والسلام عن فضل ليلة القدر: (…إِنَّ السَّمَاءَ ‌أَطَّتْ، وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ … مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ….)

[أخرجه ابن ماجه في سننه، وقال الألباني حسن]

لا يوجد بها موطن أربعة أصابع، وهذا من عظمة الله سبحانه وتعالى.


إن الله -عز وجل- غني عن العالمين: جاءت هذا الجملة بالذات حينما قال الله -عز وجل- عن الحج

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} آل عمران (97)

فالحج لك، ليغفر لك الله -عز وجل-، ويتوب عليك، ومن كفر وتأخر وتردد فإن الله غني عنه.


من كمال غنى الله -عز وجل- أنه يحسن إلى العباد ويريد بهم الخير، لا لشيء إلا ليرحمهم فجاءت آية:

{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} البقرة (133).

فهو يرحمك وإن كان غنياً عنك: رُبط اسم الله الغني في الآية السابقة بالرحمة، وهذا وصف له

-سبحانه تعالى- ليجمع بين الغنى والرحمة.


من كمال غنى الله عز وجل، أنه لا يحتاج لأحد، لا لصاحبة، ولا ولد، ولذلك نحن نردد:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)} الإخلاص. ولا يُعرف بشيء أكثر من الاحتياج والافتقار إليه، كما قال ابن القيم:

لا يمكن أن يكشف الكرب إلا الله -سبحانه وتعالى-.


من كمال غناه -سبحانه وتعالى-: أنه أمر عباده بالدعاء، فقال في كتابه الكريم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر (60)

فالغنى يطلبك أن تسأله ويعطيك سؤالك. قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنه من لم ‌يسأل ‌الله تعالى ‌يغضب عليه) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح].

وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لَيْسَ شَيْءٌ ‌أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ ‌الدُّعَاءِ) [أخرجه ابن ماجه في سننه، وقال الألباني: حسن]

فما فيه شيء أكرم على الله من الدعاء، لذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ ‌الدُّعَاءَ هُوَ ‌الْعِبَادَةُ) [أخرجه ابن ماجه في سننه، وقال الألباني: صحيح].

يفتقر أكمل الخلق -عليه الصلاة والسلام- إلى الله -عز وجل- تمام الافتقار، ويدعوه باسمه الغني، ويقول: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.

وهي من الأدعية المفصلية. وجعلها السلف الصالح، وكبار العلماء من أذكار الصباح والمساء، ويجدون أثرها في الحياة اليومية. فهي تمام الافتقار لله وتمام الاحتياج.


يدعو زكريا -عليه السلام- الله -عز وجل- بالولد، وهو الذي يقول كما ورد في كتاب الله: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} سورة مريم (8)

وإضافة لذلك {امْرَأَتِي عَاقِرًا} سورة مريم (8)، وقال: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} سورة مريم (6)

فأرسل له الله -عز وجل- الملائكة بالبُشرى:

{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران (39).

وفي قصة يعقوب، يقول عليه السلام: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}

سورة يوسف (87)، ولديه هذا الأمل بعد سنوات طويلة ينتظر فيها يوسف.


إن الافتقار لله، هو تمام العبودية باسم الله الغني:

  • الافتقار الاضطراري: فقر الجميع، البر والفاسق والكافر، فكل عباد الله -عز وجل- مفتقرين له.

الافتقار الاختياري: عليه الثواب والجزاء، لأنك تختار أن تطيع الله، وأن تخشاه، وأن تذل له

وأن ترى غناه في فقرك، وأن ترى قوته في ضعفك، وأن ترى لطفه في انكسارك، وأن ترى عزة في ذلتك.

هذا الافتقار يعالج أغلب مشاكل البشر، وأعظم مشاكلهم على الإطلاق، وهي مشكلة الكبر، فقد تكون هناك

آفة قلبية من الداخل تحتاج إلى الإصلاح، ولذلك فالله -عز وجل- يكسرك أحيانا، ويجعل هناك منعطفات حادة في حياتك؛ ليختبر إيمانك

وليعلمك، ولترى بنفسك أنك فقير محتاج إليه -جل وعلا-، فلا تتكبر عليه.

في سورة الليل، يقول الله عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)

وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} الليل (10-5)، أي أن التقوى في العطاء.

معنى الغني، المعطي، الكريم والجواد:

  • الله عز وجل هو الغني، يقول الله -عز وجل- في الحديث القدسي: (… يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ ‌الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ…) [أخرجه مسلم ، صحيح]. ولذلك لا ينقص من ملك الله -عز وجل-، والله -عز وجل- هو الغني، وهو المعطي، وهو الكريم، وهو الجواد.
    • الغني يملك السماوات والأرض وخزائنهما، وما فيهما، بيده الرزق.
    • المعطي: يعطي من تلك الخزائن سبحانه، وليس أي عطاء، بل عطاء الكريم.
    • الكريم: يحب أن يكرم عباده، حيي كريم يستحي من عبده أن يمد له يديه ويردها صفراً.
    • الجواد: يحب أن يعطي ويجود بكرمه وفضله.

معنى اليقين:

قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ ‌مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال حسن] فما معنى كلمة موقنون؟ قال العلماء اليقين: ألا يخطر في بالك قط أن الله سبحان يردك، لأن الله أكرم من أن يوقفك عند بابه ويفتح عليك في الدعاء، ثم لا يجيبك. ادع الله عز وجل وأنت موقنٌ بالإجابة. يقول عمر بن الخطاب: ”إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء“. لأن الله سيجيب. وهذا اليقين.

كيف نتعبد الله عز وجل باسمه الغني؟

بالافتقار إليه، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} فاطر (15)

خطوات الافتقار إلى الله:

التفرغ لعبادة الله:

عن النبي عليه الصلاة والسلام، يقول الله -هز وجل- في الحديث القدسي: (يَا ابْنَ آدَمَ ‌تَفَرَّغْ ‌لِعِبَادَتِي، أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ

وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ) [أخرجه ابن ماجه في سننه، وقال الألباني صحيح]

أي أن يغنيك الله سبحانه عن الناس وعن الدنيا، وعن شعور النقص، والضعف.

ومعنى كلمة تفرغ لعبادتي: أن تفرغ شيئاً في يومك وفي حياتك لله، مثلاً: ساعتين في اليوم لا تغفل عنهما:

ساعة قبل الفجر وساعة بعد الفجر، تتعرض فيها للقرآن، وتيقظ قلبك، و تستنهضه بالقرآن. وفي الأسبوع:

لا تغفل عن يوم الجمعة، ولا عن زادك يومي الاثنين والخميس. ضع لك أيام توقف فيها قليلاً، كي ترتبط بنفسك وتتفرغ للعبادة.


أن تنزل بالله عز وجل حاجتك ولا تنزلها بالناس:

قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله

له برزق عاجل أو آجل) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني صحيح]. مثل بلال -رضى الله عنه-، الذي سمع النبي -عليه الصلاة والسلام-

صوت نعليه في الجنة، أظهر فاقته واحتياجه إلى الله، وكلما اشتد به الألم، قال أحد أحد، هذا اليقين، أن تنزل فاقتك وفقرك إلى الله -عز وجل-.


أن تتابع بين الحج والعمرة:

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (تَابِعُوا ‌بَيْنَ ‌الْحَجِّ ‌وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا، تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ، خَبَثَ الْحَدِيدِ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني صحيح].

هذا الذهاب إلى الله -عز وجل-، الوفود إليه حجاجاً ومعتمرين، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم، تذهب واسم الله الغني حاضر في ذهنك

إنه شهر الجود وشهر الكرم وحاجاتك -أخروية أو دنيوية- موجودة عند الله -عز وجل- الغني، لن يردها. وهذا الذهاب إلى الله

يبعد عنك الفقر والذنوب كما ينقى خبث الحديد، وقال علماء اللغة وعلماء العلوم أن أخبث المعادن تصفية هو الحديد، لا تُزال الشوائب

منه بسهولة، ويحتاج عمليات كثيرة للتخلص من الأشياء العالقة. والله -عز وجل- أكرم من أن تأتيه إلى بيته بهذا الفقر وهذا الاحتياج ثم لا يستجيب لك.

قال الله -عز وجل-: {وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4)} سورة البلد (2/3/4)

قال فيها العلماء: فمن ذهب إلى مكة فليس فيها كَبَد؛ لأنك في ضيافة الرحمن، قال الله -عز وجل- في الحديث القدسي:

(إن الله تعالى يقول: إن عبداً ‌أصححت ‌له جسمه ووسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم) [أخرجه ابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: صحيح]


التقوى:

لقول الله -عز وجل- :{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ(3)} سورة الطلاق (2-3)، والتقوى أن تعمل بطاعة الله -عز وجل-

ترجو ثوابه، وأن تترك معصية الله -عز وجل- تخشى عذابه. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام :(اجْعَلوا بينَكُمْ وبينَ الحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الحَلالِ) [إسناده حسن]

فلا تعبد الله على الخط الأخير.


أن تستغفر الله عز وجل:

 يقول الله -عز وجل- في قصة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ

وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً (12)} سورة نوح (10-12)، المَدَد من الله -عز وجل-، والرزق منه -سبحانه وتعالى-، ويمددك من خزائنه التي يملكها في كل مرة تستغفر؛ لأنك أظهرت افتقارك وحاجتك إليه.


الاستعفاف بالحلال:

يقول الله -عز وجل-: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ } سورة النور (32)،

فوعد بالغنى لكل من يريد أن يستعف، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:

(ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: … وَالنَّاكِحُ الَّذِي ‌يُرِيدُ ‌العَفَافَ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن]


أن تستغني بالله عز وجل عن خلقه:

في الحديث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (…وَمَنْ ‌يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ) [أخرجه البخاري، صحيح] ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي ‌بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن]، لا تعبد الله -عز وجل- بالأسباب المادية، وعند الله عز وجل يكون الفرج قريب.

أن تصل رحمك:

قال النبي ﷺ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، ‌فَلْيَصِلْ ‌رَحِمَهُ)، [أخرجه البخاري، صحيح]، ومعنى أن يبسط له في رزقه: أن يغنيه الله.


الزكاة والصدقة:

يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ‌أَنْفِقْ ‌أُنْفِقْ عَلَيْكَ….) [أخرجه البخاري، صحيح ]

(… ‌مَا ‌نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ …) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن].

يقول الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} سورة الروم (39)

الزكاة والصدقة: تُكتب عند الله أضعافاً مضاعفة، في الدنيا قبل الآخرة.، قال النبي ﷺ:

(ما فتحَ رجلٌ ‌باب ‌عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله تعالى بها كثرة …) [أخرجه البيهقي، وقال الألباني: صحيح]


أن تكون الآخرة همك:

من كانت الآخرة همه، جمع الله أمرهُ، وجعل غناهُ في قلبه، وأتتهُ الدنيا وهي راغمة.

الدعاء:

قال الرسول ﷺ: (إِذَا بَقِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ يَنْزِلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟

مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي ‌يَسْتَرْزِقُنِي فَأَرْزُقَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَكْشِفُ الضُّرَّ فَأَكْشِفَهُ عَنْهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ) [أخرجه أحمد في مسنده ، وقال شعيب الأرنؤوط صحيح]،  فينادي الله -عز وجل- بهذا النداء في ثلث الليل الآخر.

وصايا: أصول المعاملات

يتواصل الصحابة رضوان الله عليهم بثلاث كلمات، هي قواعد:

الأولى: من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس وإن كرهوا.

الثانية: أن من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.

الثالثة: أن من اهتم باخرته كفاه الله أمر دنياه.

أسباب الفقر:

المعصية: قال النبي ﷺ: (إنَّ روحَ القُدس قد نفثَ في رُوعِي، أن نفسًا لَن تموتَ حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا الطلب، ولا يحملنَّ أحدكم استبطاء الرِّزقِ على أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينالُ ما عنده إلا بطاعته) [أخرجه ابي نعيم في الحليه، وقال الألباني: صحيح].

أن تسأل الناس: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ‌بَابَ ‌فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح].

الربا: قال الله عز وجل: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} سورة البقرة (276).

الكذب: قال النبي ﷺ: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، – أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا – فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ ‌بَرَكَةُ ‌بَيْعِهِمَا) [أخرجه البخاري، صحيح].

الحلف بالبيع: يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، ‌مَمْحَقَةٌ ‌لِلْكَسْبِ) [أخرجه النسائي في سننه، وقال الألباني: صحيح].

أنك تمنع الزكاة: يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لم يمنع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم ‌لم ‌يمطروا) [أخرجه الطبراني في الكبير، وقال الألباني: صحيح].

أن تكون متسخطًا يائسًا: يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: إن من ضعف اليقين إرضاء الناس بسخط الله، وحمد الناس على رزق الله، وذمهم على قدر الله، وجلب الرزق بمعصية الله، فإن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يدفعه كره كاره، فإن الله برحمته جعل الروح والرَوحُ في الرضا واليقين، وجعل الفقر في السخط والقنوط.

أن تكون الدنيا همك: قال الرسول الكريم: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ ‌تَفَرَّغْ ‌لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح].


تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.