بتاريخ ١٧ / ٠٧ / ١٤٤٥ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

الحديث الأول:

ما حذّر منه النبي عليه الصلاة والسلام

سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [صحيح البخاري]

وأيضاً في الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام: «بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، … وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»

أمر النبي صلى الله عليه وسلم:

أن نبلغ عنه صلى الله عليه وسلم ولو آية: نشر كل ما يمكن نشره في أي مكان

وزمان عنه صلى الله عليه وسلم فالتبليغ عنه يعتبر شرف لنا.


من كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار: التأكد من صحة كل ما يمكن نشره عنه صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون ابتداع في الدين.


الدين لا يموت فهو باقٍ ما بقي إلى قيام الساعة كما ورد في الحديث الشريف: قال صلى الله عليه وسلم:

«لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وفي رواية: وهُمْ كَذلكَ»[صحيح مسلم].


لم يبق لليهود والنصارى من دينهم شيء، لذلك حفظ أصالة الدين ونقائه حق واجب، قال صلى الله عليه وسلم:

«تركتُ فيكم شيئَينِ ، لن تضِلوا بعدهما : كتابَ اللهِ ، وسُنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوضَ»[صحيح الجامع].

يعلمنا النّبي عليه الصلاة والسلام وجوب التحري في النقل عنه في حديث أم سلمة عن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«دخَلَ ناسٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على أمِّ سلَمةَ، فقالوا: يا أمَّ المؤمنينَ، حَدِّثينا عن سِرِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.»

وكان سؤالهم من حبهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام، والرغبة في معرفته في سره، فقالت رضي الله عنها «كان سِرُّه وعَلانِيَتُه سواءً، ثمَّ ندِمَتْ»

يعني خفت أن أكون أفشيت سر رسول الله عليه الصلاة والسلام، تقول «فقلْتُ: أفشَيْتِ سِرَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. قالتْ: فلمَّا دَخَل أَخْبَرْتُه، فقال: أحسَنتِ» [المسند لشعيب].

موقع/تطبيق مناسب للبحث عن الأحاديث الصحيحة: الدُّرر السَّنيَّة dorar.net.


الحديث الثاني:

قصة النّبي عليه الصلاة والسلام مع الأنصار وتصرفه معهم لحل المشكلات.

« لمَّا أصابَ رسولُ اللهِ الغنائمَ يَومَ حُنَينٍ ، وقسمَ للمُتألَّفينَ مِن قُرَيشٍ وسائرِ العربِ ما قسمَ ، ولَم يكُن في الأنصارِ شيءٌ مِنها ، قليلٌ ولا كثيرٌ

وجدَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ في أنفسِهِم حتَّى قال قائلُهُم : لَقيَ – واللهِ – رسولُ اللهِ قَومَهُ . فمشَى سعدُ بنُ عُبادةَ إلى رسولِ اللهِ فقالَ :

يا رسولَ اللهِ إنَّ هذا الحَيَّ مِن الأنصارِ وَجدوا علَيكَ في أنفسِهِم ؟ قالَ : فيمَ ؟ قالَ : فيما كانَ مِن قَسمِكَ هذهِ الغنائمِ في قَومِكَ

وفي سائرِ العربِ ، ولَم يكُن فيهِم مِن ذلكَ شيءٌ . قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ : فأينَ أنتَ مِن ذلكَ يا سعدُ ؟ قالَ :

ما أنا إلَّا امرؤٌ مِن قَومي . فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ : اجمَعْ لي قَومَكَ في هذهِ الحظيرةِ فإذا اجتمَعوا فأعلِمني ، فخرجَ سعدُ فصرخَ فيهِم فجمعَهم في تلكَ الحظيرةِ .

حتَّى إذا لَم يبقْ مِن الأنصارِ أحدٌ إلَّا اجتمعَ لهُ أتاهُ ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ اجتمعَ لكَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ حَيثُ أمرتَني أن أجمعَهُم .

فخرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقامَ فيهِم خطيبًا فحمِدَ اللهَ وأثنَى علَيهِ بما هوَ أهلُهُ ، ثمَّ قالَ : يا معشرَ الأنصارِ ألَم آتِكُم ضُلَّالًا فهداكُم اللهُ ، وعالةً فأغناكُم اللهُ ، وأعداءً فألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِكُم ؟

قالوا : بلَى ! قالَ رسولُ اللهِ : ألا تجيبونَ يا معشرَ الأنصارِ ؟ قالوا : وما نقولُ يا رسولَ اللهِ وبماذا نُجيبُكَ ؟ المَنُّ للهِ ورسولِهِ . قالَ : واللهِ لَو شِئتُم لقُلتُم فصدَقتُم وصُدِّقتُم:

جئتَنا طريدًا فآوَيناكَ ، وعائلًا فآسَيناكَ ، وخائفًا فأمَّنَّاكَ ، ومَخذولًا فنصَرناكَ . . . فقالوا : المَّنُ للهِ ورسولِهِ . فقال : أوَجَدتُم في نُفوسِكُم

يا مَعشرَ الأنصارِ في لُعاعَةٍ مِن الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا أسلَموا ، ووَكَلتُكُم إلى ما قسمَ اللهُ لكُم مِن الإسلامِ ! ! أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ

أن يذهبَ النَّاسُ إلى رِحالِهِم بالشَّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم ؟ . فَوَالَّذي نَفسي بيدِهِ ، لَو أنَّ النَّاسَ سَلَكوا شِعبًا وسَلَكتِ الأنصارُ شِعبًا

لسَلَكتُ شِعبَ الأنصارِ ، ولَولا الهجرةُ لكُنتُ امْرَأً مِن الأنصارِ . اللَّهمَّ ارحَمْ الأنصارَ ، وأبناءَ الأنصارِ ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ . فبكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم . وقالوا :

رَضينا باللهِ رَبًّا ، ورسولِهِ قسمًا ، ثمَّ انصرفَ . . وتفرَقوا . . . » [الألباني]

ساء الأنصار تصرف رسول الله صل الله عليه وسلم بعد توزيع الغنائم. ذلك، لأنهم فتحوا بيوتهم وقلوبهم للنّبي عليه الصلاة والسلام

وهم الذين – بعد الله- آووا النّبي عليه الصلاة والسلام حتى بلّغ رسالته، وحتى انتصر في بدر والأحزاب وغيرها من هذه المعارك.


وبدأوا يتكلمون حتى كَثُرَت فيهم القالةُ، فجاء رئيسهم سعد بن عبادة وقال: يا رسول الله إنَّ هذا الحَيَّ – يعني الأنصار- قد وَجدوا علَيكَ في أنفسِهِم

لِما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، فكانَ مِن قَسْمِكَ هذه الغَنائِمَ في قَومِكَ وأعطيت عطاياً عظاماً في قبائل العرب ولم يكن في الأنصار شيء.


النبي عليه الصلاة والسلام سأل سعد: «فأينَ أنتَ مِن ذلكَ يا سعدُ ؟» أي ماذا تقول في الأمر؟ فقال سعد: «ما أنا إلَّا امرؤٌ مِن قَومي»، يعني وأنا مثلهم في ذلك.


استجاب النبي الكريم إلى حديث سعد مباشرة وقال صلى الله عليه وسلم: «اجمَعْ لي قَومَكَ في هذهِ الحظيرةِ» يعني في مكان معين، فجمع سعد بن عبادة قومه، وقال له:

«يا رسولَ اللهِ اجتمعَ لكَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ».


جاءهم النبي عليه الصلاة والسلام وبدأ بحمد الله ثم أثنى عليه، ثم قال لهم: «ما قالَةٌ بَلَغَتْني عنكم، وجِدَةٌ وَجَدتُموها في أنْفُسِكم؟!» [المسند لشعيب]

ثم قال: «أَلَمْ آتِكم ضُلَّالًا فهَداكمُ اللهُ؟ وعالةً فأغْناكمُ اللهُ؟ وأعداءً فألَّفَ اللهُ بيْنَ قُلوبِكم؟ قالوا: بَلِ اللهُ ورسولُه أمَنُّ وأفضَلُ» ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام:

«ألَا تُجيبونَني، يا مَعشَرَ الأنْصارِ؟ قالوا: وبماذا نُجيبُكَ يا رسولَ اللهِ؟ وللهِ ولرسولِه المَنُّ والفَضْلُ».


فهم النبي الكريم أن صمتهم عن الأمر من تأدبهم معه صلى الله عليه وسلم، قال:«أمَا واللهِ لو شِئتُم لَقُلتُم، فلَصَدَقتُم وصُدِّقتُم، أَتَيتَنا مُكذَّبًا فصَدَّقْناك

ومَخذولًا فنَصَرْناك، وطَريدًا فآوَيْناك، وعائِلًا فآسَيْناك»

أكد لهم صلى الله عليه الصلاة والسلام أهميتهم بسؤالهم:

«أفَلا تَرضَوْنَ يا مَعشَرَ الأنْصارِ، أنْ يَذهَبَ النَّاسُ بالشَّاةِ والبَعيرِ، وتَرجِعون برسولِ اللهِ في رِحالِكم؟»

دعا لهم عليه الصلاة والسلام حتى بكوا من الرضا: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأنْصارَ، وأبْناءَ الأنْصارِ، وأبْناءَ أبْناءِ الأنْصارِ!»

قدم الفضل لهم وذكّرهم بالعلاقة الأولية بينهم وبينه، فالغاضب لا يرى من المعروف شيئًا.


الحديث الثالث:

الابتداع في الدين

قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أنا فرَطُكم على الحوضِ» يعني انتظر رجال منكم لأرفعهم،

«وليختلجنَّ رجالٌ دوني فأقولُ : يا ربِّ أصحابي فيقال : إنك لا تدْري ما أحدَثوا بعدكَ» [ الراوي عبدالله بن مسعود]

يشعر الناس بالظمأ بعد تجاوز الصراط من أهوال يوم الوقوف تحت الشمس خمسين سنة، ويحتاجون إلى شربة ماء.

يستقبلهم عليه الصلاة والسلام على الحوض الذي فيه نهر الكوثر.

في الحوض أواني مثل عدد النجوم وسيشرب منها أمته. اللهم اسقنا من يد نبيك شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا.

هذه الشربة دلالة على بداية الجنة ونعيمها.

 ينادي النبي عليه الصلاة والسلام أمته فيقول أمتي أمتي، ربِّ أصحابي، فيراهم غُرًّا مُحَجَّلِينَ، إلا من أحدثوا بعده، سواء من ذنوب

أو معاصي أو بدع في دين الله عزّ وجلّّّ ما لم يأتِ به رسول الله صلى وسلم.

النجاة هي: التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم.


الحديث الرابع:

عُظم فضل الصلاة على النّبي صلى الله عليه وسلم

«يا أيها الناسُ ! اذكروا اللهَ ، جاءتِ الراجفةُ ، تتبعها الرَّادفةُ ، جاء الموتُ بما فيه ، جاء الموتُ بما فيه . قال أبيُّ بنُ كعبٍ : فقلتُ :

يا رسولَ اللهِ ! إني أُكثِرُ الصلاةَ [ عليك ] ، فكم أجعلُ لك من صلاتي ؟ قال : ما شئتَ . قال : قلتُ : الرُّبعَ ؟ قال : ما شئتَ

وإن زدتَ فهو خيرٌ لك . قلتُ : النِّصفَ ؟ قال : ما شئتَ ، وإن زدتَ فهو خيرٌ لك . قال : قلتُ : ثُلُثَين ؟ قال : ما شئتَ ، وإن زدتَ فهو خيرٌ لك

قلت : أجعلُ لك صلاتي كلَّها . قال : إذًا تُكفَى همَّك ، ويُغفَرُ لك ذنبُك.» [صحيح الترغيب]

يعني بذلك أن القيامة قَرُبت، وهو ما قاله النّبي عليه الصلاة والسلام قبل ألف وأربعمائة سنة.


قول أُبيّ يدل على رغبته في المزيد من الطاعات بعد أن عرف قُرب القيامة.


عِظم فضل الصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبركةُ تأثيره على الحياة.

«إذًا تُكفَى همَّك» تستوعب هذه الكلمة كل الأحلام والآمال التي يرجوها الإنسان.

«ويُغفَرُ لك ذنبُك» فكل الذنب الماضي الذي يؤرقك يغفر.

ذُكرت الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة في القرآن والسنة مثل:

﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب، ٥٦] 

﴿هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ﴾ [الأحزاب، ٤٣]

(من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ) [صحيح النسائي]

«وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ» [صحيح أبي داود]

«رغِمَ أَنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ» [صحيح الترمذي]

«البخيلُ الَّذي مَن ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ» [صحيح الترمذي]

«ما جَلَس قومٌ مجلسًا لم يذكروا اللهَ فيه ولم يُصلُّوا على نبيِّهم إلَّا كان عليهم تِرةٌ فإن شاءَ عذَّبَهم وإن شاءَ غفَر لهم» [صحيح الترمذي]


الحديث الخامس:

حسن الختام مقرون بحسن بواطن النيات

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: « إنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ، فِيما يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ وإنَّه لَمِنْ أهْلِ النَّارِ

ويَعْمَلُ فِيما يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أهْلِ النَّارِ وهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، وإنَّما الأعْمالُ بخَواتِيمِها » [صحيح البخاري]

أبلى أحد رجال المسلمين بلاءً حسنًا في المعركة، فكان يتتبع المشركين، ويقتل فيهم، فقال الصحابة:

«ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فُلَانٌ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَمَا إنَّه مِن أَهْلِ النَّارِ » [صحيح البخاري]

تتبعه أحد الرجال لمعرفة سره وأصبح مثل ظله.

شاهده الرجل الذي يتتبعه بعدما أصيب، فقال: «فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأرْضِ، وذُبَابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ علَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ» [صحيح البخاري]

«فَخَرَجَ الرَّجُلُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ» [صحيح البخاري]

«إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا عَسَلَهُ » [الجامع الصغير]. ومعنى عسله:

يوفقه لعمل صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه.

الحديث السادس:

عبادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو مغفور الذنب

« جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا:

وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ:

أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا؟!

أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي.» [صحيح البخاري]


جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول في آخر وتره « اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ

وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كما أثْنَيْتَ علَى نَفْسِكَ» [صحيح مسلم] وهي استعاذة للرجوع بها إلى الله، وتحوي معاني العبودية.

الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام: «لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ» [صحيح البخاري]

أي تتشقق من كثرة الوقوف.

فقيام النبي عليه الصلاة والسلام قيام عبد راجي ما عند الله عزّ وجلّّّ.


عن عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: « رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي

وفي صدرِه أزيزٌ كأزيزِ الرَّحى مِنَ البكاءِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.» [صحيح أبي داود]

ولم يكن بكاءه صلى الله عليه وسلم، بل صوت أزيز في صدره من البكاء، وهذا غاية الرهبة والتعظيم لله عزّ وجلّّّ.

لم تكن صلاة الرسول الكريم صلاة صورية، فكان يتعبد الله بهذه الصلاة وكان يبيت عند الله يناجيه.

وهذا البكاء قد لا يكون بكاء خوف قد يكون بعضه بكاء رجاء وبكاء شوق.


قال عنه حذيفة: « أنَّهُ صلَّى إلى جنبِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلةً فقرأَ ، فَكانَ إذا مرَّ بآيةِ عذابٍ وقفَ وتعوَّذَ ، وإذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ وقفَ فدعا ، وَكانَ يقولُ في رُكوعِهِ :

سبحانَ ربِّيَ العظيمِ وفي سجودِهِ : سبحانَ ربِّيَ الأعلى» [صحيح النسائي]. وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يستفتح باب الجنة.


يدعو الرسول الكريم صل الله عليه وسلم: « رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ

وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ» [ صحيح البخاري].

فلا يُنسى في ذلك اليوم وإنما يكفى ما يخاف وقد قال الله عزّ وجلّّّ: «وعِزَّتِي لا أجمعُ على عَبدي خَوفيْنِ وأَمنيْنِ» [صحيح الترغيب] ونحن الأحوج لهذا الدعاء.


أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل أن ينام:  «أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كان إذا أخذ مضجعَه من الليلِ قال:

بسم اللهِ وضعتُ جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأخْسئْ شيطاني، وفكَّ رِهاني، واجعلني في النديِّ الأعلى» [صحيح أبي داود].


تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.