بتاريخ ٣ / ٠٧ / ١٤٤٥ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل

فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله أما بعد فإن الله عز وجل يقول في ختام سورة يوسف ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ …) سورة يوسف/آية ١٠٠

ويوسف عليه السلام قال هذه الجملة في الفصل الأخير من فصول قصة يوسف عليه السلام والتي جرت فيها أحداث عظام

وأحداث من يعيشها في تلك اللحظة ويعيش تلك الفصول يشعر أنه ليس هناك أي معنى ولا رابط لهذه الأحداث منذ البداية حينما رمي في الجب

( في البئر ) إلى أن تآمر عليه إخوانه إلى أن استرق وأصبح عبداً رقيقاً مقهوراً من يد إلى يد إلى أن وصل إلى بيت العزيز .

 هذه القصة التي لم تنتهي أحداثها وحصل لها ما حصل سنأتي عليها بعد قليل ، في ختام هذه الأحداث وفي لحظة العز

والتمكين ليوسف عليه السلام قال ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) سورة يوسف/آية ١٠٠، ما الذي حدا بيوسف أن يختم

رحلة هذه من الأحداث المتتالية والأحداث المؤلمة والموجعة والتي لم تكن مفهومة أبداً إلى أن يختمها بهذا الاسم من أسماء الله عز وجل وهذه الصفة إن ربي لطيف لما يشاء ؟

 هذه القصة في قصة يوسف دائماً يسمى سورة يوسف بأنها سلوى المحزون وجبر المصاب، لأن هذه القصة وما فيها من فصول

تجعل للإنسان أن ما في إنسان ولا بشر غني أو فقير ملك أو أمير أم هو وزير أو أي إنسان في أي مرتبة كان إلا وتمر به

تلك الأحداث من الحياة سواء تلك الأحداث ما بين سراء وضراء و ما بين حزن و ما بين فرح، هذه الأحداث التي يقلبنا الله عز وجل

فيها تأتي منها فترات قد لا تكون فترة سهلة وقد تكون الفترات صعبة ومؤلمة أيضاً و تجري فيها أحداث عظام ، بعض هذه الأحداث

قد تكون جزء منها أن هذا الحدث تفقد فيه إنسان عزيز وغالي قد تصاب أنت بمرض في جسدك قد تمر بك ضائقة مالية مثلاً

أي إن كان ذلك المصيبة أو ذلك البلاء والتي قد نشعر نحن أحياناً أن أعظم البلاية أن تفقد من تحب سواء كان أباً عزيزاً

أو كانت أماً أو كان أخاً أو أختاً أو ابناً أو ابنة  ، أي كان فيبقى دائماً فقد العزيز له الشعلة أو له جزء من القلب كأنه ينتزع انتزاعاً،  ولذلك تأتي هذه

الأيام الثقال وتمر على الإنسان وكأنها أيام متطاولة كأن شمسها لا تشرق وشمسها لا تغرب وكأن اليوم يتطاول عليك

فتشعر أن اليوم أصبح بأيام يقال مثلاً الآن مرت عليهم مئة يوم، ولما تسألينهم هم وتسألين قلوبهم وصدورهم

وأرواحهم يقولون مضت علينا مئة عام وليست مئة يوم، لأن كل يوم من هذه الأيام كان محمل بالأحداث والمشاعر

والأوجاع التي قد تكون مؤلمة إلى درجة أن لا يشعر الإنسان أن مر عليه يوم واحد وإنما كأنه مرت عليه أعوام وبالتالي

يأتي هذا السؤال المهم الذي يسأل كل إنسان منا نفسه ما الذي يجعل الإنسان يتماسك في مثل تلك الفترات المؤلمة و الصعبة ؟

ما الذي يجعل الإنسان يثبت حينما لا يثبت الناس؟ وما الذي يجعل هذا الإنسان يكمل مشواره في الحياة

ويكمل رسالته ويعيش بين الإنسان مبتسماً؟ ما الذي يعيده للحياة مرة أخرى وقد أصيب بما أصيب؟ هذا السؤال هو الذي حير

وقد يكون هو الذي أعجز الغرب والشرق بالمناظر التي تأتيهم يومياً والمواقف التي تأتيهم محمولة، ولعل من آخرها تلك الأم وهي

أم التي جلست بين أربع من أبنائها وهم مكفنين بجانبها وتنظر إلى السماء وتقول يا ربي خذ من دمائنا حتى ترضى.

 لما تفقد واحد تشعر أن أصلاً جزء منك انهار واحد فقط، فكيف عندما تكون أنت فقد بأنك فقد كنت أستمع لواحد يقول فقدت في لحظة

قصف واحدة فقدت أبي وأمي وأخي وزوجته وأولاده و أخي الثاني وزوجته وأولاده وخالي وأولادهم عد تسعة وثلاثين شخص

كأنك تتكلمين عن جمعتكم الأسبوعية كأنكم تتكلمون عن جمعة رمضان اللي أنتم كلكم تجتمعون على مائدة الإفطار تخيلي

أن كلكم لم يبقى منكم إلا واحد فما الذي يجعل الإنسان يثبت في مثل هذه اللحظات المؤلمة ومصائب الله عز وجل البلاية التي قد يبتليها

العبد لا تتحكم أنت فيها لا بقدرها ولا بمستواها ولا تعرف كيف تأتيك لا شيء يثبت إذا أردنا جوابا لهذا السؤال

فهو موجود في كلمة واحدة فقط هو الإيمان بالله وهذا الجواب العام اللي يمكن نلتقي في كل أسبوع نتعاهد هذا الإيمان بالله ونحاول

في كل مرة نحن نرممه ونحن نحاول نصلح ما ترقع منه أو تخرق منه ، ولأنه ليس في حياة الإنسان شيء مهم بمثل إيمانه الذي يكون معه طيب تعالي إلى هذا الإيمان .

خلونا اليوم لا أخذ هذا الجواب العام لكن سندندن كذا بمفهوم دقيق في وسط هذا الإيمان بالله والذي يعنينا نحن وهو قضية لطف الله بعباده

في لحظة المصيبة، لاحظي هي الآن مصيبة وهو ابتلاء قد يكون عظيم وكل إنسان منا مبتلا بشكل أو آخر كيف يلطف الله عز وجل

بعبده في نار الابتلاء وفي نار المصيبة؟ هذا الذي يعنينا ولذلك هو يمكن المفتاح الذي مسكه يوسف عليه السلام حينما قال

إن ربي لطيف لما يشاء، خلونا نأتي إلى هذا الصفة من صفات الله عز وجل ولما نقول لطيف فهو اسمه

من أسماء الله اسمه اللطيف، ماذا يعني اللطيف؟ في اللغة هي البر والحفاوة والإكرام والعلم بدقائق الأمور إذا ايش يفرق الكريم و الرحيم

و الجواد و المحسن عن اللطيف ؟الان هي فيها معنى البر و الحفاوة والإكرام والعلم بدقائق الأمور الذي يفرق عنهم

اسم الله اللطيف أن فيه معنى النعم الخفية، و النعم الخفية التي تأتي فتكون تمر مثل النسمة الباردة على قلبك المكدود

وتشعر أن ثمة الشيء أصلا مثل البلسم أتى عليك وما تدري من وين جاك، هذه النعم الخفية هي يمكن مصداق

لكلمة البر والحفاوة والإكرام حينما علم الله عز وجل بدقائق أمورك فيعرفك أنتِ ويعرف شخصيتك ويعرف مشاعرك

ويعرف إيش اللي تتحملينه و إيش اللي ما تتحملينه فيأتيك البر والحفاوة والإكرام على شكل هذه النعم الخفية ولذلك هذا

سر من أسرار اقتران اسم الله اللطيف باسم واحد فقط في القرآن ، الخبير فلأن الله عز وجل خبير بك وبدقائق أمورك

كان الله عز وجل لطيف بك فما اقترن اسم الله عز وجل اللطيف إلا باسم الخبير ودائما ما يأتون معًا.

 طيب فلنسمع في آية أخرى يقول الله عز وجل ( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) سورة الشورى/ آية 19.

فالله لطيف بعباده يرزق من يشاء جاءك الرزق على قدر اللطف على قدر ما يعتلي في قلب الإنسان من معاني الإيمان، فتأتيك القاعدة على قدر ما يعلم

الله عز وجل في قلبك من معاني الإيمان فتأتيك الألطاف، فيلطف الله عز وجل بك وبقلبك وبلحظة الحزن

أو بلحظة المصيبة على قدر ما يعلم الله عز وجل في قلبك من الرضا ومن الحب ومن الرجاء ومن التوكل على الله عز وجل

فتأتيك ألطاف الله عز وجل على قدر هذا ما يعتلي في قلبك، ولذلك لو جينا خذينا هذول الآيتين وركزوا كذه الحين معايا شوي، الآية الأولى قال الله عز وجل

قال ليوسف في هذه الآية ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) سورة يوسف/آية ١٠٠.

والآن الآية اللي قرأتها يقول الله عز وجل ( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..) سورة الشورى/ آية 19،  هذه الباء وهذه اللام فيها فرق كبير جدا، فقالوا بعباده الله يلطف بهم

قبل أن يقدر المقدور، الله لطيف لعباده اللي هي لما يشاء فكأن الله لطيف لعباده قال وهذه الله يلطف بعباده بعد ما يقدر المقدور تعالوا نشوف كيف .

فأما اللطف بعباده قبل أن يقدر المقدور فالله عز وجل الآن خبير بك ويعرف قدرك وقدر تحملك

وقدر شخصيتك وخصائصك الجسدية والنفسية وإيمانك يعرف الله عز وجل كل شيء يعرف الأصل اللي أنت ما تعرفينه عن نفسك

فما يكون فإذا قدر الله عز وجل عليك مرض معين فيكون قدر الله عز وجل أن يأتي المرض مثلا في مكان معين ولا يكون منتشرا

أو يكون في مكان آخر وليس في مكان ثاني أو يأتيك المرض الفلاني وليس المرض الفلاني وكل واحد من هذه الأشياء

هي لحكم الله عز وجل يعلمها ويعلم أن هذا الشيء هو الذي يصلحك وهو اللطيف بحالك لو زاد يمكن ما تحمله الإنسان

وما قدر عليه وما أصلحك لكن هذا القدر مثلا من المرض أو من البلاء يصلح معاه الإنسان، وأنا أحضر اليوم الدرس مررت بفوائد الحمى

تخيلوا الحمى الحرارة وأن الحمى والحرارة غير الأجور التي أصلا يأتي الإنسان ويأخذها وأنها تحط الخطايا حطا إلا أن الحمى أصلا تصلح البدن ففيه خلايا أصلا في الخلايا فالجسد لا تصلحها

إلا الحرارة والحمى وتقوم هذه الحمى والحرارة كأنها بعملية تطهير وحرب داخلية ما تصلح إلا في داخل الحمى وكأنها

تطلع شيء من سموم من الجسم ولذلك الإنسان الذي لا يمرض بين فينه وأخرى هذا فيه مشكلة ولا ينظر الإنسان

على أني أنا صحيح ومعافى وما فيك شيء لأن جسمك مش قاعد يطهر ومش قاعد يأخذ دورته الطبيعية، فتخيلوا هذه فقط الحمى

فلطف الله عز وجل في ابتلائه لا نعلمه متى يدركه الإنسان حينما يسلم وحينما يرضى وحينما يعامل الله عز وجل بقلب صافي من التسخط، فلا يسأل ويقول

يا ربي شلون وكيف وش معنى أنا؟ وأنا لسه شباب وش معنى الناس كلهم و ليش أنا اللي أصبت؟ وإنما يسلم أمره لله فإذا رضي

وإذا سلم رأى من ألطاف الله عز وجل التي تأتي على قلبه إذا هذا لطف الله عز وجل بك قبل أن يقدر المقدور فيعطيك المصيبة أو البلاء على القدر الذي يصلحك ويصلح حالك .

والأمر الثاني حينما يقول الله لطيف لعباده اللي هي بعد تقدير المقدور وهذه فيها معنى المصلحة تعالوا

نشوف قصة يوسف اللي ابتدأنا فيها ويوسف لما تقرينها كذا بأحداث سريعة كأنك تشوفينها الشريط يمر عليك، تشوفين هي ابتدأت القصة

بإنسان يتكلم مع أبوه في أسرة هانئة وعنده 11 أخ  وكانوا في عائلة سعيدة وإذا بالأيام تمر يتآمر عليه أخوته و يكيدون له كيدا

فيرمونه بالبئر كانوا على وشك أن يقتلوه أن تتخيلوا أن يسفك دمه لكن لأمر يريده الله عز وجل والله غالب على أمره

ولكن أكثر الناس لا يعلمون وإذا به يوضع في البئر فتأتي سيارة فيأخذونه فيكون رقيقًا وعبداً، الآن لو أنت تقرأين سورة يوسف لأول مرة

فأنت تقرأين وتقولين ليش يحصل هذا للكريم ابن الكريم ابن الكريم؟

لما سئل النبي عليه الصلاة والسلام من أشرف الناس نسباً قال يوسف هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم،”أخرجه البخاري، صحيح

يعني هو من سلالة مصطفاه أصلاً عند الله عز وجل والله يحبه ويحب بيته ويحب أبوه ويحب آله أصلاً

ومع ذلك يكون من أمر هذا الإنسان أنه يصبح كذا طيب يكون رقيقاً ثم يأخذ في بيت العزيز إلى أن وصل في قصة بيت العزيز

فلا تنتهي الأحداث إلى هنا، وإنما تتآمر عليه امرأة العزيز وتحاول أن تفتنه، ثم النساء المعلومة في القصة، ثم يسجن مظلوماً مقهوراً، وقد أطيح بسمعته

لأنه سجن كأنه هو الذي تعرض لها، فيسجن مقهوراً مظلوماً، ويريدون أن يذلونه بهذا السجن، ثم يخرج من هذا السجن بعد ذلك إلى إلى التمكين.

لو كان في بيته يرعى الغنم لما كان أهلاً لأن يكون ملكاً، ولو لم تحصل القصة، لو لم يرمى بالبئر، لو ما جاء هؤلاء، لو لم يسافر به إلى مصر، لو لم يدخل إلى المكان

العاصمة في ذلك الوقت ما كان يمكن لاحظي قول الله عزو وجل (وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ)سورة يوسف /آية ١٠٠

فمعناها أهله كانوا أصلا في أطراف البلاد كانوا من البدو، فماذا الذي جاء بيوسف إلى وسط  العاصمة إلى وسط قصر الملك؟

فيأتي لأن الله كان يدبر أمره منذ أن كان طفلا، فالأحداث المؤلمة التي نحن رأيناها أنها مؤلمة كان الله يشد من عضد يوسف عليه السلام، يقول الله عز و جل: (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ) سورة يوسف /آية ٢٢

ما كان يمكن أن يتعلم الإدارة ولا السياسة ولا غيرها من هذه الأشياء لو كان فقط يرعى الغنم عند البدو، لكن الله عز وجل أخذه

فوضع في هذا البيت في بيت العزيز حتى يتعلم حتى يكون عن قرب، ثم لما أراد الله عز وجل أن يمكنه كان ممكن أن يكون فقط 

في حاشية الخدم، لكن أراد الله له أن يسجن، فلما يسجن تكون تلك الرؤية فيعرف بأمره الملك. لأن ايش كانت وظيفة

يوسف أصلا في داخل هذا القصر؟ خادم عبد لا أكثر ولا أقل، ويمكن مع الأسرة يعني حتى لم يصل إلى الملك ولا إلى الأشياء السياسية

لم يصل هناك، لكن لما صارت الرؤية وصارت الأشياء قال الملك في نهاية القصة يقول الله عز و جل:

(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ)  سورة يوسف / آية ٥٤

(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ)سورة يوسف / آية ٥٥.
فأصبح هو الملك من بعد الملك. إذا عندما نرى هذه الأحداث نرى من لطف الله عز وجل بعد تقدير المقدور، ونستطيع أن نتلمس

المصلحة التي حصلت. ولذلك الأحداث التي قد تأتي يمكن الإنسان يتململ، يعني نحن نقرأها في سورة يوسف أربع أو خمس صفحات

هي كم أخذت من عمر يوسف؟ كم وصل الملك عندما قال (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ  ۞ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ)سورة يوسف/ آية ١٠٠- ١٠١.

وعلمت متى قالها هذه عمره كم كان؟ قيل كان في الأربعين، قيل أصلا كان في النهاية، فنحن نتكلم على أكثر من أربعين سنة

مرت بهذه الأحداث، هذه الأحداث فيها من لطف الله عز وجل به، ولذلك قرأها يوسف بالمشهد كامل فقال إن ربي لطيف لما يشاء.
ولذلك من لطف الله عز وجل أنه لا يعاجل عباده بذنوبهم. فتخيل لو أننا نحن في كل مرة نذنب ذنب أو نحن لا نصبر على بلاء أو نجزع

عند مصيبة إن الله يعاجلنا بالعقوبة. فأنت ما صبرت يحدث لك، إن جزعت يحصل لك كذا، إنت قاعد يصير لك كذا، أنت أذنبت فيصير لك كذا.

من لطف الله بعباده أنه لا يعاملهم بهذه الذنوب بل إنه يلطف بهم. ولاحظي هذا الموقف الذي أنا متأكدة أنه ما من أحد إلا وقد مر به شيء مشابه بأحداث مختلفة.

أحيانا تقومين مثلا دوامك المفترض تكونين الساعة ثمانية في الدوام، فجأة أنت تتأخرين و تجدين نفسك تأخرت عن الدوام وعندك موعد مهم

كان المفترض أنك أنت تذهبين وإذا بهذا الموعد يتأخر لأنك أنت صحيت متأخر أو السيارة لم تكن موجودة لأي سبب كان، تجدين نفسك وأنت قادمة بعدها

في الطريق إن مثلا على مقدار التأخر الذي أنت سويتيها كان الطريق مسدود، مثلا سيارة منقلبة، شاحنة منقلبة أو غيرها.

قد لا تعلمين أن من لطف الله عز وجل بك أن أخرك وإن ماجعلك تأتين لأنك لو أتيت رأيت شيء لا يسرك. الله منعك من انكم ما تقابلتوا لأنك انت

لو تقابلتوا يمكن صار شيء لا يسرك، انك مارحت ما سافرت ذيك السفرة لأنك لو سافرت يمكن ما اعجبك اللي انت شفتيه او يمكن انت كنت تتلطخين

بذنوب أخرى، فأحيانا من لطف الله عز وجل أن يحول بينك ويمكن هذا الان اللي قام متأخر منزعج هو لا يدري لطف الله الذي ساقه

ولذلك دائما نقول أنه لو انكشف ستار الغيب لما تمنيت غير المكتوب أيا كان المكتوب، والله هي ضائقة في مال هي مرض في جسد هو فقد

في عزيز أو غالي أيا كان، لو انكشف ستار الغيب لما تمنيت غير المكتوب ولذاب قلبك شوقا من محبة الله، إن كيف الله يلطف بك!

وكيف الله رحيم بك، عمركم مرت فيكم منظر المريض الذي يشكر الدكتور والدكتور أصلا مخرقه من فوق إلى تحت بعملية وكله عبارة

عن حدايد وغيره، ويجلس هذا الإنسان يمكن سنة كاملة بآلام عظيمة ومسامير في داخل ظهره، ثم بعد سنة يذهب ويشكر الدكتور أنه سواله و إنه حطه ليش؟

لأنه أحسن له حتى لو كان فيه ألمه، فسنة مرت عليك من الآلام المبرحة والموجعة، والفقد موجع والبلاء موجع، لكن لما تنظر إلى ألطاف الله

عز وجل تنظر إلى أنه كان يصنعك وكان يربيك، وكان يلطف بك من حيث لا تعلم، وهذا هو حينما نقول إن الله لا يعاجل عباده بالذنوب.
 مجموعة من الشباب متواعدين أنهم يسافرون وهذه حقيقية، بيسافرون من منطقة إلى منطقة، فالمهم لما تجمعوا تأخروا نصف ساعة

عن موعدهم وكانوا في ناس ذاهبين إلى برنامج، فالبرنامج هناك في وقت محدد، يعني هم يروحون هناك يعملونه فتأخروا نصف ساعة

واستلاموا مع بعضهم، أنت أخرتني و أنت أخرتني المهم وركبنا السيارة ونحن في السيارة وضائقة صدورنا لأن مجرد تأخرنا

معناه يتأخرون الناس الذين نحن نروح لهم في المنطقة الثانية، يقولون أول ما مسكنا  الخط ونمر على حادث فيه خمسة عشر

سيارة منقلبة، داخلين كذا في بعض يقولون حادث مؤلم يقول هو بطأنا السيارة وجلسنا نطالع يعني ما هي القصة؟

يقول خمسة عشر سيارة وراء بعض ومؤلمة والإسعاف، فيقول وكأن الله يسمعنا فواحد يقول ونحن نطالع فاتحين شبابيك

ويرون اللي هذا مبطأة السيارات لين ما عدوا، يقول واحد من الموجودين قال يا أخي نحن صار لنا نصف ساعة هنا، هم كم تأخروا؟

نصف ساعة، يقول فلما قال نحن صار لنا نصف ساعة! يقول طالعنا بعض إن نص ساعة! فالله لطف بهم بهه النصف ساعة، فما تعرف أنت كيف يأتيك لطف الله عزوجل.
 ويمكن شيء قريب من هذا لما نقول أنك تذهب أحيانا للدكتور من ألم ثاني فيقول لك نعمل لك أشعة يقوم يطلع فيك ألم ثاني أكبر أهم من الشيء الذي أنت رايح له

ولو ما أوجعك سنك، أو لو ما أوجعك مثلا الصداع كان ما عرفت أن في مكان ثاني مؤلم ويحتاج إلى عملية عاجلة، وقد يكون هذا الشيء أصلا

ستضطر معه لو جلس فيك قد يكون مساوئه أكبر، لكن من لطف الله عز وجل بك أن قدر لك هذا الألم البسيط تفاديا لهذا

الألم الأكبر منه، وهكذا لطف الله عز وجل ولذلك كيف يمكن أن يصل إحسان بالإحسان إليك والبر إليك إلا من ممن يعرف دقائق أمورك؟ 

فإنسان يعني يحسن إليك لو لم يكن يعرفك أنت يمكن أن يؤذيك، يمكن إنسان هو حاسد، أنا والله سويت لك

هذا الشيء يعني رحمة فيك، أنا أفزع لك، يمكن نسوي الدنيا مصيبة، فيمكن هذا الإنسان سوا هذا الشيء وآذاك، لكن من الذي يحسن إليك تمام الإحسان؟

الذي يعرفك ويعرف تفاصيل أمورك ولذلك هو اللطيف الخبير.
وتعالوا لو نرى إلى لطف الله عز وجل في أخذه ولطف الله في عطائه. ويمكن للإنسان الموجوع أو المصاب والذي فقد هذا العزيز والغالي

يقول أين من الممكن يكون اللطف وذهب أبي؟ أين ممكن يكون اللطف وقد ذهبت أمي؟ أين ممكن يأتي اللطف وذهب الركن وذهبت الحضن؟

أين ممكن يكون اللطف هذا وإبني مات بين يديني؟ أين لطف الله؟.
اسمعوا للحديث الذي رواه مسلم حينما جاءت إمرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالت يا رسول الله أدعوا لي أدعوا الله لي فقد دفنت من أبنائي

ثلاثة يمكن كل حصيلتها في الدنيا هي هذه الثلاثة فذهبت للنبي عليه الصلاة والسلام تعزى، فقالت يا رسول الله ادع الله لي فقد دفنت من أبنائي ثلاثة.

فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام دفنت ثلاثة؟ فقالت له نعم يارسول الله قال لقد احتضرت بحضار شديد من النار.”أخرجه مسلم، صحيح”
يعني انت كأنك تسورت وصار هناك حاجز كبير بينك وبين النار. هذا من لطف الله، يمكن هي لو تسعى بدينها ورجلها والصلاة والصيام وصدقات

لما يمكن انها تأخذ هذه المرتبة العلية عند الله، لكن لما مات هؤلاء الثلاثة فإذا هي تحتضر بتحضار شديد من النار يقول لها النبي

عليه الصلاة والسلام ثلاثة؟ قالت نعم. قال احتضرت بحضار شديد من النار يعني وين تمسكك النار هذه لثلاثة فقط فكيف بمن فقد اكثر؟

ولذلك عندما نأتي لمثل هؤلاء يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: (ليس لعبدي المؤمن من جزاء أنظروا هذا على الإطلاق

ليس لعبد المؤمن من جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا إلا الجن أخرجه البخاري، صحيح يعني الله إذا قبضت صفيه ماهو الصفي؟

صفي الروح ترى ما معنى كلمة صفيه؟ لاحظي لم يقل أخوه أبوه أمه حبيبة حتى ماجت هذه اللفظة قال صفيه الصفي لما نقول العسل المصفى

صفي الروح اللي داخل من الحشاشة اللي طالع من داخل، فيقول ليس لعبدي من جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.

إلا الجنة هذه ترى ماجت إلا في الحج، الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة جات هناك، ولاحظي أنت هنا وقاعدة في بيتك وتاخذين هذا الجزاء

لمجرد احتساب هذا الصبر لهذا العزيز أو الغالي. وانظر إلى لطف الله عز وجل حينما يسأل من فوق سبع سماوات عن لحظة الفقد الموجع

التي أصلا أنت أصبت فيها، ويعلم الله عز وجل قد أيش يكون صعب أن يأتيك مهما كنت ممهد، مهما كان هذا الشخص تظن أنه متعب ـسطصصصصيرو ة

أو كنت تنتظر أنت أصلا وفاته أو أيا كان.
هذه اللحظة لا شك أنها تكون موجعة سواء كانت حادث سيارة على سرير مرض تحت القصف أيا كان لا يوجد شيء أهون من شيء

وكل الآلام قد تكون يعني الآلام شديدة لكن هذه لحظة الفقد هي عند الله بمقدار ولذلك الله عز وجل هذه اللحظة بعد ما يخلص ملك الموت والملائكة

التي معه مهمتهم وقبضوا روحه مباشرة يأتون يعرجون إلى السماء فيقول لهم الله عز وجل: قبضتم صفيّه؟ فالله يسأل من فوق سبع سماوات يسأل عنك أنتِ، شوف الحين ما يسأله

عن الميت الميت له حساب جزء ثاني وهذه أخذناها في دروس كثيرة، لكن الله يسأل عن الحي، يسأل عن عياله، يسأل عن إخوانه، يسأل عن أهله اللي بعده

فيقول قبضتم صفيه؟ فيقولون نعم، فيقول الله عز وجل من فوق سبع سماوات وهو المستوي على عرشه يقول قبضتم حبيبه؟ فيقولون نعم، فيقول الله عز وجل قبضتهم ثمرة فؤاده؟

الله يسأل عنك، فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع، قال ابنوا لعبدي بيت الحمد. أخرجه الترمذي، وقال الألباني حسن

عندما تكون أنت موجوع أو مصاب واحد يقول لك هذا الحديث تحسين تقولين شبي في بيت الحمد؟ أنتم رجعوا لي أبوي فقط رجعوا لي أمي

يعني وشو بيت الحمد و أيش يكون؟ لكن عندما تعرفين كم سيخلد الإنسان؟ كم سيبقى هذا الأب أو الأم أو الابن؟ كم  يعيش ستين سنة؟ سبعين سنة؟

كم أنت أصلا تعيشين أنت عندك ضمانات؟ أنت أصلا كم تعيشين؟ فكم سيخلد على هذه الأرض؟ من فينا أصلا الموجودين سيكمل إلى مئة سنة؟

فعندما نقول نحن أصلا عارفين هذه الحقيقة ان احنا أصلا عبارة عن أرقام وأعداد، ولما نعرف أنه إحنا أصلا هذا الموت هو تحصيل حاصل، وكل الذي بقي لنا

عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة وتقارنينها بنعيم أبدي سرمدي وخلود في الجنة، فمين في عاقل يقدم هذا على هذا؟

يقول لك لا والله ما أبي الجنة ولا أبى بيت الحمد وخلوا لي حبيبي عندي، مين فيه عاقل؟ ولذلك الدنيا لا تأتي على كيفنا ولو كانت علينا يمكن احنا مسكنا بعض وحنطنا بعض لكن الله يلطف بنا وهذا اللطف يمكن هذه الحقيقة التي نكابرها ولا نريد أن نستسلم لها أن كل واحد منا مكتوب أجله فوقه، وكل واحد ما يعرف كم باقي له شهر شهرين أو سنة أو سنتين.

واحد من المرضى يحكي الدكتور عنه يقول اكتشف أنه فيه مرض السرطان، فيقول رأيته جاي العيادة لحاله ما معه أحد، فقلت له ما معك أحد؟ قال ليه؟

قال يعني عيالك وما معك أحد ثاني وكذا قال يا دكتور قول أنت خائف من شيء قال فيني سرطان؟ قال أنت تعرف؟

قال لا رأيتك أنت خائف قلت ما أسوأ شيء؟ قال سرطان؟ قال نعم. قال له الدكتور بس ترى هذه كتبت الله وإن شاء الله يعني، قال للدكتور

هون عليك أنت تضمن لي أني ما أخرج من عندك ويصير لي حادث. فأنت يعني تضع الأمور في مقدارها الصحيح فلا نقدر نحن كلنا نحن عبارة

عن أرقام مؤجلة لا أكثر ولا أقل، وكلنا عندنا أجل الأجل هذا انكتب في اللحظة التي ولدنا فيها، ومن اللحظة اللي ولدنا فيها انكتب معها يوم الميلاد

ومكتوب يوم الوفاة، لكن نحن ما نعرفه رحمة ربي ولطفه أننا لا نعرف هذا اليوم، وأمرنا الله عز وجل فقط بالإعداد له.

وتقولين أين اللطف؟ أين لطف الله عز وجل بنا في هذا الأخذ؟ الله أخذه لطف الله عز وجل بنا فيما قاله مثلا الفضيل بن عياض حينما

رأى رجل مكلوم على ابنه دفن ولا يزال يجد عليه وجادة في قلبه فعزوه الناس فلم يتسلى، فجاءه الفضيل بن عياض وقال له يا هذا أرأيت لو أنك أنت وابنك

في سجن فأفرج عن ابنك قبلك؟ فهل تحزن أم تفرح؟ قال له بل أفرح. قال فإن ابنك قد خرج من سجن الدنيا.

تخيلوا كيف الناس هؤلاء كيف يلبسون النظارة التي ترى المنظار بشكل صحيح.

ولذلك في الحديث الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. أخرجه مسلم، صحيح

فما يزعل أصلا الإنسان على الدنيا شي هي سجن وارتاحت سجن وارتاح الإنسان منه لكل من يخرج من هذه الدنيا إن كان نحسبه عند الله عز وجل من الصالحين.

أبو ذر لم يكن يعيش له ولد فكل ما ولد له ولد مات، فقيل لأبي ذر إنه لا يعيش لك ولد يعني ابتلاء ومصاب أنه لا يعيش لك ولد.

قال لا لقد لطف الله بي إذ حولهم من دار الفناء وأدخرهم لي في دار البقاء.

هي وجودنا في الدنيا وجود مؤقت لا أكثر ولا أقل. ولذلك يشعر الإنسان أن هذا الوجود لا تعطيه أكبر من حجمه لأننا نحن على سفر.

نرجع مرة ثانية ونقول وأين لطف الله؟ انظروا لطف الله كيف يحاوطك من كل مكان. لطفه في السؤال عنك، لطفه أصلا في كتابة ما يصلحك أنت، لطف الله عز وجل في تقدير حجم المصاب وأيضا لطفه فيما يصيبك أنت من هم وحزن.

واسمعي لقول النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث اللطيف وهذا الحديث الحنون حينما

يقول النبي عليه الصلاة والسلام:( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفرت عنه بها خطاياه). أخرجه البخاري، صحيح

أيش باقي شيء ما نقدر ندخله في هؤلاء؟ وصب ونصب تتكلمين عن التعب والألم والوجع هذا كله يدخل فيها والهم

والحزن هي هذا الشيء الموجود اللي كنتِ لا تظهرينه للناس هي حزنك الداخلي، هو الهم الموجود، يمكن خوف من المستقبل أو خوف

من ماضي أو ذكريات تتجدد عليك، هي هذا الهم وهذا الحزن وأذى وغم، فحتى الأذى الذي يصابه وحتى الغم الذي يغم على قلبك، وغم لأن مثل الغيمة

التي غمت على قلبك فلا يصيبه من أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها. أنتم تتخيلون ماذا يعني حتى الشوكة يشكلها؟ حتى تغرز، يعني لو قلنا

إبرة فهذا شيء كثير، لكن حتى الشوكة يشاكها إلا كفرت عنه بها من خطاياه.

إذًا لما نعرف كم حجم المصاب حينما الله عز وجل في كل لحظة حزن أو في كل لحظة هم، أو في كل دمعة تنزل منك، أو في أي ذكرى

من شوق يهتز لها القلب، أو حنين لإنسان عزيز إلا والله عز وجل يكتب لك بها أجر ويكتب بها الحسنات. ولذلك هنيئا لأصحاب الابتلاءات

ونحن نمر في شهر رجب تتضاعف فيها الحسنات، فحتى الصبر عندهم يكون مضاعف.

فإذًا ما يصيب المؤمن من هم ولا حزن ولا وصب ولا نصب ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفرت عنه بها من سيئاته. وأيضا هذه الآلام

قد يكون بعضها أشد من بعض، قد نشعر نحن هنا بشيء من الترف والنعيم أنك والله ألقيت نظرة أخيرة على حبيبك قبل أن تدفنه أنه كان عندك الوقت

أصلا للصلاة عليه والدعاء له إنه كان عندك الوقت لأن تملأ عينيك منه، وأن تدفنه وأن يكون فقط من الرخاء ومن الترف ومن النعيم أنك تستطيع فقط

أن تدفن هذا العزيز والغالي. قارن هذا كله بأخوة لنا الآن يمرون في مجازر تحصل وينظرون إلى أحبائهم و أشلاؤهم في الطريق لا يستطيعون

أن يدفنوهم ولا أن ينتشلونهم. تخيل أنك ترى هذا المنظر أبوك وجدك أو عيالك وهم أصلا مرميين في الطريق وتنهشهم الكلاب والقطط وهذه مسجلة

فيديوهات وهم لا يستطيعون حتى أن يصلوا لأن هناك أحزمة نارية وصواريخ لأي إنسان يقترب مثلا من هذا المكان ويمر عليهم أكثر من ثمانية عشر يوم لم يستطع أحد أن يقترب منهم.

تخيلي حينما يكون من الترف أنك أنت تستطيع فقط أن تدفن ميتك هذا الألم عندما يشعر الإنسان به ويقول يعني أين ممكن أن يكون لطف الله عز وجل بمثل هذه المصائب؟

 بالأمس رجل واقف على ركام وهو أصلا من الدفاع المدني فواقف على الركام في غزة وهو يقول أنا ابنتي هنا صار لها خمسة وعشرين

يوم راكب هو فوق الحديد والاسمنت مبنى عمارة يقول أنا بنتي هنا ويؤشر على هذا المكان، شقتنا هنا بنتي صار لها خمسة وعشرين يوما

مش قادر أطلعها، أنت متخيلين هذا الشعور بالفراغ الموجود من الداخل وأنت منت قادر تطلع ثمرة فؤادك وحبيبك من الداخل وأنت تعرف

أنه أشلاء ويصبح من النعيم فقط من النعيم أن نحن والله قدرنا نمسكه أو نحن نقدر والله رأيناه على الأقل هذه اللحظة الأخيرة وهؤلاء لم يستطيعوا حتى أن يدفنون موتاهم.

أين اللطف؟ هو اللطف فيما أخبرنا الله عز وجل أن هذا الذي نراه نحن هي إنما أجساد.

قالت أسماء بنت أبي بكر على جسد ابنها المعلق قالت ما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.

فإن تسلخ الشاة ما تسلخها لا يضر، هي ماتت خلاص انتهى. نحن تزعجنا منظر هذه الأشلاء المرمية، لكن عندما تعرف أن أرواحهم

قد طارت أصلا في أعلى عليين فتعلم أنهم في مكان أخر، ولذلك الله عز وجل يصحح النظرة لنا ويعلمنا المعيار الذي يجب أن نشعر به، وأن يعني نقيس أحزاننا عليه حينما

قال تعالى:( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) سورة آل عمران / آية 169.

ولو نهشت أجسادهم الكلاب ولو نهشتهم القطط، ولذلك جعفر وحمزة وهم أحب الناس للنبي عليه الصلاة والسلام قال

لولا صفية وإلا لدعوة الله عزوجل أن يحشره من بطون السباع دعينا جثته مرمية إلى أن يحشره الله عز وجل

من بطون السباع كرامة له، فتخيلوا الآن لأن هذا مجرد جسد لا أكثر ولا أقل، وإنما الأرواح قد طارت.

فيقول الله عز وجل : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ

بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) سورة آل عمران / آية 169-171.

 تخيلي هالحين كل الألفاظ لو رجعتي لهذه الأيات إذا هم أحياء وليسوا أموات وليسوا أحياء فقط وإنما يرزقون ليلا ونهارا

وليسوا بعد أحياء فقط وإنما فرحين وليسوا فرحين فقط وإنما مستبشرين. فتخيلي هذه الأوصاف تأتي لهذا الجسد الذي نراه مجرد أشلاء أو نحزن عليه لأننا لم نستطيع أن ندفنه، وأما الأرواح فقد طارت.

إذًا هذه السلوى وهذا اللطف من الله عز وجل في الأخذ حينما نقول أين لطف الله عز وجل في أخذه؟ ولذلك لو كانت الدنيا تدوم ولو ظل أحد لأحد

لظل محمد صلى الله عليه وسلم ولو بقي كان بقي وهو أحب الخلق إلى الله عز وجل، ولكن هذه الدنيا ليست بدار مقام.

انظري أيضا إلى لطف الله عز وجل في عظائم المقادير التي تستبعدها أكثر العقول، ولا تظن أنها هي باب للخير، فإذا أراد الله عز وجل أن ينصرك

أتى بسبب لم يأت على عقلك، أنت في موقع مظلوم وأنت في مكان تبغين النصر من الله عز وجل، ما تبغين أحد يخذلك، يأتيك النصر من الله عز وجل

من الباب يمكن الذي لم تتخيلي أنه ممكن أن ينقذك الله عز وجل منه أو يأتيك النصر منه، وقد يأتيك الكرم، وقد يأتيك اللطف والجود

من الشخص اللي ما كنتِ أنت تأملين فيه، ولا كنتِ تأملين فيه خير، ولا تظنين أن هذا الإنسان ممكن أن يطلع منه، وفجأة يكون هذا الخير كله من هذا الإنسان، وهذا من لطف الله عز وجل، ولذلك الله عز وجل إذا أراد أن يصرف عنك السوء مثلا وأن يلطف بحالك، ويعرف أنك أنت مثلا ما تقاومين لو شفت الشيء الفلاني أو أحد طرى المكان الفلاني أنك أنت لا تقومين هذا الذنب، فإذا لطف الله بحالك ويعرف أنت ويعرف بدقائق أمورك، ويعرف قدرتك وإرادتك، فيصرف عنك السوء أساسا، ما تشوفينه فما يضعك أصلا في موضع الاختبار، ولا يضعك في موضع الفتنة، وإنما يلطف الله عز وجل بك فيمر بك لا تدرين أنه أصلا مر هذا الشيء بجانبك.

ومن لطف الله عز وجل أن الله إذا أراد أن يعصمك من معصية وأراد الله أن يلطف بك فإنك أنت تتركينها خلاص فيبغضها لك ويكرهها لك ويصعبها عليك، فتلقين نفسك أنت هذا الشيء يمكن فقط قبل شهرين كنت بتموتين لو ما سويتيه وتنتظرين اليوم الذي توصل فيه لكي أبدأ ولا أسوي أو بسافر فيه أو بحط وأنت حاطة ألف شيء فكرة من ذنوب وخطايا فيك. وإذا الله بعد هذا الشهرين يكرهك في هذا الذنب، فترينه قدام تقولين ماني مشتهية أحس إني مالي خلق وترين هذا الذنب تمر فيك وهذا المعصية لا مابي معد لها طعم لا تشعرين أن لك خلق أصلا أنك تعصين الله عز وجل أو تذنبين ذلك الذنب ويصعبها الله عز وجل أحيانا عليك فتذهبين أنت تلحقين وراها وهي تهرب منك إلى أن يصرفها الله عز وجل تماما عنك، وهذا أيضا من لطف الله عز وجل فيها، ولذلك أحيانا قد يخطط الإنسان لسفرة، وهذه السفرة يعني ناوي فيها شر وناوي فيها من قبل يمكن ستة شهور أنا بسافر ذيك السفرة وأنا بأسوي، وإذا رحت ماني متحجبة وأنا بانبسط وبسوي كل اللي في خاطري وعادي وخلاص وما علي من أحد وناوية أنت كل الأشياء التي بتسوينها فإذا الله عز وجل يؤجل لك هذه السفرة ثم أجلها مرة ثانية ومرة ثالثة إلى أمد الله يعلمه ويدبره، فإذا جاء الوقت الذي قال لك يالله هالحين سافري تسافرين فإذا أنت يمكن أبغض شيء لك أنك تعصين الله بهذه السفرة فتسافرين سفرة عادية لا تعصين الله فيها، وكل الأشياء التي خططتيها من ذنوب أصلا تركتيها وانبسطت أصلا انبساط ثاني فيما يرضي الله عز وجل، لكن هذه من لطف الله بك أن لا تأتي الدنيا على كيفك، وأن لا تأتي على الوفق التي أنت مخطط لها، وإنما الله عز وجل هو الذي يدبر أمرك وحياتك، ولذلك لما أراد الله أن يعيد موسى إلى أمه هل قاد بني إسرائيل الذين كانوا موجودين حرب ضد فرعون لكي يسترجعون موسى؟ أنت لو ماكنت تعرفين القصة أي شيء ممكن يطلع موسى من بيت فرعون؟.

هذه حرب يبغى لها أناس فدائيين يقتحمون عليه القصر لكي يطلعون موسى لكي يرجعون. لكن كل النصر الذي جاء لموسى وأعاده الله عز وجل لأمه أن جعل فم موسى عليه السلام لا يقبل أي حليب إلا حليب أمه. ولما أراد الله عز وجل ليوسف أن يخرج من السجن ما كانت بأحداث عظام ولا شيء كبير أنت تتخيلينه ولكن رأى الملك هذه الرؤية فقط، فلما رأى تلك الرؤية تذكر هذاك الإنسان الذي يفسر، فذهب إلى يوسف عليه السلام وانتهت القصة.

 إذاً نصر الله عز وجل ولطفه لا تعلم من أين يمكن أن يأتيك.

ولذلك كان يقال كم في الخبايا من عطايا، فكم في أشياء خفية تمر عليك من الأحداث، وفيها من عطايا الله عز وجل التي لا تعرف. ولذلك نمر الآن أحيانا في منطقة تمرين عليها يمكن في دوامك كل يوم وهي أرض صحراء جرداء ما فيها شيء يمطر المطر مثلا يومين أو أسبوع أو أسبوعين تراها أي شيء صار فيها؟ أخضرت وصار فيها عشب، وناس الحين الذين ذهبوا إلى مكة يرون جبال مكة كيف صايرة خضراء فقط من أسبوع إلى أسبوعين فقط أمطر عليهم المطر. هذا المطر الآن ليس شيئا عاديا وإنما يقول الله عز وجل يلفت انتباهنا إلى شيء مهم في هذا المنظر الذي أنت ترينه،

لاحظوا قول الله عز وجل: ( أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیر)

سُورَةُ الحَجِّ/ آية ٦٣.

يعني هل رأيتم هذا المشهد؟ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة؟ إن الله لطيف خبير. لماذا جاء اسم اللطف؟ وخبر الله عز وجل وأنه خبير بعباده في هذا الموطن. لأنه إذا أتاك لطف الله عز وجل فأنت إنسان أخر. ولا تعلم أن المطر الذي يسوقه الله عز وجل إلى قلبك قد تكون المصيبة التي أنت كرهت هي التي فيها حياة قلبك. قد تكون الضائقة التي مررت أنت فيها هي ربيع قلبك، وما كان يمكن لقلبك أن يحيى لو ما سار هذا المنعطف الحاد في حياتك، لو ما سارت هذه السنتين الشداد التي أنت مريت فيها، يمكن الله يمهدك لأمر أعظم ومرتبة أعلى. ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ، لَمْ ‌يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ، أَوْ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي وَلَدِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ ابْنُ نُفَيْلٍ: «ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ – ثُمَّ اتَّفَقَا – حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» أخرج أبو داود قال الألباني صحيح

فعندك منزلة عليا مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وأنتِ لا عمرك خضت حرب ولا معركة ولا أنتِ والله تشعرين نفسك أني أنا ما أنا بأطوع الناس، ولا أحسن الناس، ولا عندي أشياء، لكن الله ابتلاك بلاء فرضيت وصبرت. هذا الرضا والصبر يرفعك في مقام العالين، ويجعلك في مقام الأنبياء والشهداء والصالحين، وهؤلاء الذين يغبطهم الأنبياء على ذلك. ولذلك من لطف الله عز وجل أنه يلطف بقلبك ويسوق له المطر على هيئة ما تكره، ويقول الله عز وجل وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم أو العكس.

لقمان يقول لابنه ( یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیر) سُورَةُ لُقۡمَانَ/ آية ١٦.

تعالي حطي حبة خردل وإذا تعرفين حبة خردل. إذا معك قلم لكن حطي حطي قلم نقطة قلم في يدك هذه حبة خردل.

 وقارني بين حبة الخردل وبين كفك، لو حطيت كذا نقطة وطلعت لا يوجد مقدار بين النقطة وبين هذا كله! قارني بين حبة الخردل وبين الخيمة كلها، ما في مقدار بين هذه الحبة وبين هذا المكان كله!

 قارني بين حبة الخردل وبين المدينة كلها، كل المنطقة الشرقية مافي مقارنة!

 قارني بين حبة الخردل وبين كوكب الأرض، مافي مقارنة!

 قارني بين حبة الخردل وبين السماوات السبع والأرضين السبع، مافي مقارنة!

 ثم يقول الله عز وجل : ( یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیر) سُورَةُ لُقۡمَانَ/ آية ١٦.

 فالله يعرف الخبايا ويعرف دقائق الأمور إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ولذلك هذا اللطيف الخبير هو الذي يسوقه إليك إحسانا من حيث لا تشعر،

 ولذلك قال الله عز وجل: (وَیَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَیۡثُ لَا یَحۡتَسِبُۚ) سُورَةُ الطَّلَاقِ/ آية ٣.

 ابن القيم يقول ما يبتلي الله به عباده من المصائب وما يأمرهم به من المكاره يأمرهم به من المكاره. المكاره هي التكاليف التي يأمرنا

الله عز وجل بها، وقد تكون صعبة مثلا يأمرنا الله عز وجل بصلاة الفجر، تقومين في ليلة شتاء وبرد وتتوضين، ليس شيء سهل.

يأمرنا الله عز وجل مثلا بالحجاب بالغطاء، وعند الحر والصيف طيب شلون نتنفس وشلون نروح؟  هذه المكاره يقول ابن القيم:

يبتلي الله عز وجل عباده بالمصائب، ويأمرهم بالمكاره، وينهاهم عن الشهوات وكل ذلك هي طرق توصلهم إلى سعادة العاجل والآجل. ثم قال:

حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات. إذن ما في طريق للجنة إلا بالمكاره، وليس هناك طريق للنار إلا من خلال الشهوات، فلو أعطيت نفسك على غاربها

وما منعت نفسك من شيء فأنت الطريق الذي تمشين له واضح إلى أين يقودك؟

وأما لو الإنسان غالب هواه وجاهد هواه لما تسمعين هذا الحديث حفت الجنة بالمكاره، يعني أنا لازم أكره يعني كل شيء نحبه حرام وكل شيء نسويه؟

يعني كيف الواحد يدخل الجنة وهو على ما يكره؟ لا، الموضوع ليس هكذا، هي مثل ما نحن نقول أنت لازم تدرسين لكي تنجحين يجب أن تصحين

لكي تذهبين لدوامك لكي تحققي نفسك لكي يأتيك راتب ،أي شيء لا يمكن أن توصل إلى الراحة من غير التعب، فلا يمكن إنسان يرتاح لو لم يتعب

أصلا أولا، وهذا المعادلة الطبيعية التي نحن أصلا نربي عليها عيالنا.

 أنك لازم تصحى أنك أنت لازم تتعب، لازم تمشي لازم تجيب شغلك، لازم يتعود على شيء من المسؤولية، هذا الشيء نحن نعانيه في حياتنا، فنحن لازم نعرف

أن هذه الدنيا هي ممر للمقر الأخروي، وهذه هي سعادة العاجل والأجل، ولذلك حفت الجنة بالمكاره والمكاره هي هذه أنك أن تجاهد نفسك فقط.

وحفت النار بالشهوات لطف الله بك أن حرم عليك هذه الشهوات، ولأن هذه الشهوات لو لم يحرمها الله عز وجل ولو تركها لنفسك أنك

أنت تكونين أسيرة لهذه الشهوات، لضاقت عليك الدنيا لم يعد للدنيا طعم.

وقال ابن القيم قال : يأتي على أهل الشهوات زمان لا يستلذون فيه بملذاتهم ولا هم يستطيعون الفكاك عنها، تعالي لأي إنسان مدمن

مدمن سيجار، مدمن خمر، مدمن، أي شيء، مسلسلات، أفلام تلقينه بعدين يصل إلى مرحلة يقلب يقلب، لا يوجد شيء مشبعه، لكنه لا يقدر أن ينام من غير ما يقلب من غير ما يشرب

من غير ما يعمل، نسأل الله العافية.

 فيأتي عليهم زمان لا هو يستلذ بالشيء الذي هو يعمله، ما له متعة ولا له لذة، ولو أحد يعمل معه مقابلة يقول تكفى لا تصير زيي، ولا هم يستطيعون الانفكاك عنها.

نحن لماذا نصل إلى هذه المرحلة؟ فالله أصلا ابتداء أمرك أنك أنت تجاهد نفسك وهواك حتى لا تكون مدمنا ولا تكون أسيرا لهذه الشهوات. ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر وليس لذلك إلا المؤمن)  أخرجه مسلم، صحيخ

وأيضا يعني لو بغينا الآن نختم بما هو أسرع طريق إلى معية الله ولطفه وعطفه ونصره.

 فأنا أبغى الحين بعد كل هذا الكلام ما هو الشيء اللي ممكن يجعل الله عز وجل قريب مني وأنا أكون قريبة من الله عز وجل ويثبتني عليه

وأن أكون ينزل علي صبره وجبره وينزل علي رحمته ولطفه وعطفه. ما هو الشيء الذي نحن ممكن نسويه؟

أولاً: أنك تتعبده بشرعه تروح تبحث عن شرعه.  تروح تبحث عن شرع الله عزّ وجل وإلى أي درجة أنت مطبقه في نفسك؟ هذا الواجب الحياتي الي طوال الوقت مهمة العمر!

طالع أنت تكاليف الله عزّ وجل الذي أمرنا بها وشوف دائرة الأوامر أنت ايش مسوي منها؟ وكم تعطي نفسك من 10؟ فـ هذه دائرة التكاليف

والأوامر صلاتك، صيامك، أشيائك كل الأوامر الي أمرنا الله عزّ وجل فيها.

فكم تعطين نفسك من 10؟

فلو عطيتي نفسك حتى 9.5 من 10 ليش باقي نص؟

فلا ترضين إنك تطلعين من الدنيا وباقي لك نص! فكيف لو عطيتي نفسك 5 من 10؟!

ولا عطيتي نفسك 4 من 10 !

ولا عطيتي نفسك حتى 6 من 10 معناها في مسافة لسه باقية!

فلا ترضين إنك انتِ تطلعين من هذه الدنيا وانتِ باقي لك هذه الأربعة أو باقي لك حتى هذا النصف، فالمؤمن لا يرضى على نفسه، وإنما هو طول الوقت هو يحاول أن يجوّد من علاقته بالله عزّ وجل.

فانظري إلى تكاليف وأوامر الله عزّ وجل وشوفي وش اللي ناقصك الآن ويحتاج إلى ترميم؟ وايش الشيء اللي موجود في حياتك لسه ما أخذتي فيه قرار وتبغين تأخذين فيه قرار.

وانظري في المقابل الآخر إلى نواهي الله عزّ وجل وحُرماته !

وتعالي طالعي ايش الشيء اللي لا زال مستيقظا في حياتك، وتطالعين في هذه الحياة إن والله في عندي هذه الدوائر من الحرام انا للحين قاعدة أسويها.. انا ماني راضيه أن الشيء الفلاني والشيء الفلاني لا زلت أسويهم!

أنا هذول ما أبغا أموت وهم عندي!!  ولا أبغا أموت وألقى الله عزّ وجل ويسألني عنهم أنتِ ليش للحين مسويه الشيء الفلاني؟ أقول ياربي ممم كنت آجل! كنت آخر، ما ظننت اني بموت وأنا شباب، ما ظننت إني بموت بحادث كنت أتوقع إني بعرف قبل ما أموت .. أيش ممكن تقولين؟

ولذلك انظري إلى دائرة الحرام ونواهي الله عزّ وجل وحاولي إنك أنتِ تنظفينها تمامًا وتطهرينها من حياتك..

وهذا التطهير ترى جزء مهم! وهو ترى جزء من فكرة (إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیر) سورة لقمان / آية 16

 فإذا هو الله يعلم دقائق الأمور فإحنا ممكن نكون أحسن الناس قدام بعض، لكن هل انتِ أحسن الناس بينك وبين الله عزّ وجل أم لا؟

وإذا تعبدنا الله عزّ وجل بشرعه وامتلأت قلوبنا بكلامه وسنة نبيه ..

فتروحين تراجعين علاقتك بكلام الله عز وجل وكتابه حفظك، فهمك، تدبرك، تفسيرك للقرآن، وشفنا هؤلاء الناس في غزة كيف القرآن وآيات الله حاضرة في لسانهم!

 يتلقون المصاب الآن فتقوم هي تتلو آيات الله الآن! هذا ما هو شيء سهل إن الله يثبتك في لحظة المصيبة، فتقرأ الآيات في اللحظة التي تصاب

فيها بستة من أبناءها أو بخمسة من أبناءها  أو بزوجها اللي قاعدة معه 30 سنة أو غيره..

هذا لا يمكن إلا لأن (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده اتجاهك) واذا عبدت الله عزّوجل وكنت معه في السراء كان الله عزّ وجل معك في الضراء!

فإذا حفظت أمر الله عزّ وجل في سرائك وفي لحظة الرخاء، يثبتك الله عزّ وجل في لحظة الضراء.

والأمر الآخر مثل ما قلنا “إنك تتعبد الله عزّ وجل بشرعه، وأنك تعيش مع كلامه، وأنك تستن بسنة نبيه”

من الأشياء التي تسلي القلب ترى ويتلمس فيها لطف الله في المصاب مجرد إنك تراجع سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، سيرة النبي عليه الصلاة والسلام لوحده هي ما هي بس غزوة بدر وغزوة أحد وغيرها..

لما تشوفين حياته الشخصية هو بتلقين فيها سلوى لكل محزون!

النبي عليه الصلاة والسلام لم يعش له ولد

وكل بناته ماتوا في حياته! رقية وأم كلثوم .. ما بقي له أحد إلا فاطمة رضي الله عنها

فماتوا كل هؤلاء، ويعيش هو أصلًا يتيمًا، مابين الأب الذي مات والأم التي ماتت وهو لا يزال في 7 سنين ثم يتبناه عمه فيموت العمّ ثم يتبناه جده والذي كان له الأب والسند إلى أن جاءته النبوة فيموت هذا الجد الذي هو كان الحصن الحصين، فتكون عنده زوجته الرؤوم الحبيبة والتي كانت هي العضد له فإذا هي تموت أيضًا.

فتخيلي كمية الأحزان التي مرت في قلب النبي عليه الصلاة والسلام!

ويموت عمه ويموت جعفر ويموت هؤلاء كلهم في حياته .. لكن مع ذلك تعالي في سيرته وانظري إلى وجهه البشوش وأنظري للصحابة

حينما كانوا يقولون ما كنا ننظر إلى انفسنا بشيء “أو يصيبهم شيء” فننظر إلى وجه النبي عليه الصلاة والسلام حتى يُسرَ ما بنا!

وكانوا يشتاقون إلى وجهه الأنور والأصبح فينظرون إلى وجهه فيذهب عن الواحد فيهم مافيه.

كيف كان يستطيع أن يوزع هذه الرحمة وهو المحزون؟

وكيف يستطيع انه يملأ كل هؤلاء الناس برحمته، وأن يعيش معهم إلى درجة الأطفال الصغار والحيوانات والبهائم بل حتى النخلة التي حنّت حينما بني للنبي عليه الصلاة والسلام المنبر، وسعت رحمته وعطفه لهؤلاء الكائنات كلهم.

مجرد اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام والقراءة في سيرته تجعلك أصلًا تنظرين للحياة بمنظار آخر، ولذلك كان هو الذي يقول عن نفسه:

( إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ، فَلْيَذْكُرْ ‌مُصِيبَتَهُ ‌بِي، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ) أخرجه الدارمي وقال الألباني صحيح يعني اذكري بس مصيبتك!

احنا مو بس فقدنا أم أو أب، احنا فقدنا النبي عليه الصلاة والسلام وهذه أعظم مصيبة قد يصاب بها مسلم.

ومن ضمن اللطف وهذا ملحظ خفيف ولطيف، لكنه مهم جدًا!

أنك تعامل الناس باللطف، فالله رحيم يحب الرحماء، و كريم يحب الكرماء، ولطيف جلّ جلاله يحب اللطفاء.

الله يُحب الذين يتشبهون بصفاته؛ فيحب الرحمة ويحب والكرم ويحب الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ويحب الذي يسعون الناس بلطفهم ومشاعرهم.

 ولذلك إذا استطعت أن تتلطف مع الناس فتنقي أحاسن الكلمات، فالكلمة التي ممكن أن تكون مؤلمة وموجعة أنت تنتقي الأحسن والألطف والتي لاتجرح وتعرف أنها لن تؤخذ بمحملٍ آخر.

وأيضاً من لطفك أن تصلح بين متخاصمين فهذا متخاصم وهذا متخاصم فأنت تلطف بحالهم وتصلح بينهم.

ومن اللطف أيضاً في الزمن الذي نتنافس فيه على شهرة وغيرها على حساب التنمر على آخرين وغيرها أنهم يجرحون الآخرين بالاستخفاف بمشاعرهم بتجريح الكلام فأنت تمشي بين هؤلاء الناس وأنت تصلح وأن تنتقي أطايب هذه الكلمات.

ومن اللطف أيضاً أنك تجبر الناس وأن تجبر خواطرهم لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام على ثواب من عزّى مسلماً (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة، إلا ‌كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة» أخرجه ابن ماجة وقال الألباني حسن

تخيل أن يلبس هذا الإنسان هذا اللباس لمجرد أنك عزيت وليست من السنة أن يكون العزاء 3 أيام وإنما من أعراف الناس وأشياء تنظيمية ولكن لا يوجد في الشرع ولا في السنة أن السنة لثلاث أيام لأن الناس اختلط عليها ويظنون أنها من السنة وإنما من السنة أن لا يحدّ على ميت أكثر من 3 أيام إلا على ذات زوج.

ولذلك من لطف يوسف كما بدأنا فيه نختم فيه ..

من لطف يوسف أنه قال لأخوانه في النهاية، في قول الله عز وجل: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ) سورة يوسف / آية ١٠٠.

ماقال أخرجني من البئر/الجب اللي قطيتوني فيه وأحياناً حين تصاب بمصاب تبقى الكلمة في نفسك تريد أن ترمي بها. تبغين تدقينها فيها هذا جرح 30 سنة .. جرح 17 سنة .. أي نعم أنا عفيت و رضيت والله يسامحك ونحن

متصافين ولكن وجعها مازال في قلبي. أنا لم أنساها.

كيف يوسف في هذه اللحظة وهم للتو جددوا عليه الجرح قبلها بأيام، في قول الله عز وجل: ( قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ) سورة يوسف/ آية ٧٧.

دقوه مره ثانية ومع ذلك حين تمكن قال الله عز وجل: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )  سورة يوسف / آية ١٠٠.

الشيطان هو الذي نزغ .. فتخيل هذا اللطف في ذلك ولذلك من هدي النبي عليه الصلاة والسلام عندما حصل من زوجاته ماحصل وأراد

أن يناقشهم في الخطأ الذي ارتكبوه ماذا قال الله عن ذلك الموقف قال الله عزو جل(عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ) سورة التحريم / آية ٣.

يعني مقالها أنت سويتي كذا وأنت فعلتي كذا .. ورحتي لفلانة وجاني الخبر وعرفت والطير الأزرق علمني وقالي .. لا لا لا إنما عرف بعضه وأعرض عن بعض.

خلاص هي عارفة إنها غلطانة لماذا تحسسها بالذنب أكثر وتعطينها التفاصيل وتحرقينها بالتفاصيل وتذلينها إني عرفت وشفت ووصلني الكلام اللي إنت قلتيه، لاحظوا هديّ النبي علية الصلاة والسلام (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ) سورة التحريم/ آية ٣.

وهذه خصال الكرام وهذي خصالٌ عليّه لايمكن لإنسان أن يتحلى بها إلا إيماناً وإيثاراً بما عند الله عز وجل.

ومن أسرع الطرق لمعية الله عزو جل ولطفه أنك تضع هذا المفهوم ( إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) سورة لقمان/ آية ١٦.

ومثال حبة من خردل) تجعلها دائماً حاضرة فأنك تحاسب وتراقب نفسك. فإذا عرفت أن الحساب يوم القيامة على مثاقيل الذر.

قال الله عز وجل:(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) سورة الزلزلة / آية ٧ – ٨.

لاحظ الآية تقول مثقال ذرة فلو مثقال ذرة ستراها ولو فعلت مثقال ذرة من شر ستراه فهذا الحساب موجود وسيكون حاضر.

فإذا عرفت أن الله لطيف و خبير بهذه الدقائق فأعدّ للسؤال جواباً.

جاء رجل إلى الفضيل ابن عياض

فقال له الفضيل: قال له كم عمرك؟

قال: ستون عاماً

فقال الفضيل: ستون عاماً وأنت ترحل إلى الله يوشك أن تبلغ

قال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون .. يعني ليتك لم تسألني عن عمري.

فقال الفضيل: أو تعلم ما تقول؟ إنك تقول أنّي لله راجع ومن عرف أنه لله راجع فليعدّ للسؤال جواباً.

فقال الرجل: ما الحيلة ؟

فقال له الفضيل: يسيره .. أصلح ما بقي يغفر لك ما مضى.

الحيلة يسيره .. أصلح لك ما تبقى من عمرك يغفر لك كل ما مضى .. هو خاطر التوبة لو مر فقط على خاطرك، لو فقط نويتها نية.

أنك تبت من هذا الذنب وإني أعلنها لك يا رب إني تائبة من هذا الذنب.

يغفر لك كل ما مضى من غير حساب وهذا من لطف الله وكرمه بعباده ومن لطف اللطيف أن يغفر لك كل ما

مضى بلحظة توبة واحدة ولذلك الحيلة يسيره، أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى.

نزل جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام يثبت عنده هذا المفهوم فيقول له

 يا محمد عشّ ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه.

لو طلبت شيئاً يلخص لك كل الحياة فهي هذه الثلاثة جُمل.

عيش حياتك بما تريد لا أحد له أن يجبرك لكن اعرف أن كل شيء ،

قال الله عز وجل (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )

سورة الكهف / آية ٤٩

ولذلك إن كان ثمة عزاء فإن كل مصاب وكل فراق هو في الدنيا مؤقت .. وهناك لقاء أبدي يوم القيامة والموعد الجنّة.

لذلك قال الله عز وجل يبشر عباده

( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )

سورة الرعد / آية ٢٣ – ٢٤.

أسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا الذين ربونا صغاراً وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وأن لا يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت .. استغفرك ربي وأتوب إليك.


تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.