كيف وجدوا النور ؟

بتاريخ ٢٣ / ٥ / ١٤٤٣ هـ

---

لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط)

إذا اشتد الظلام حولك وعميت عيناك عن الرؤية؛ فلن تهتدي إلى مواضع قدمك ولن تستطيع أن تأخذ خير الأشياء

أو تتجنب شرها لأنه لا نور لديك، لذلك سمّى الحق – تبارك وتعالى – المنهج الذي يهديك في دروب الحياة نوراً، و يشاء الله أن ينبثق

نور الهداية وسط الظلام و الحيرة على صاحب حكايتنا لليوم

[ الشاب الفرنسي جوليان درولون ]

هو شاب فرنسي نصراني على دين الكاثوليك ولد عام 1982 في مدينة نانت الفرنسية، كان مراسلاً صحفيًا دوليًا في

الإيكونيميست ونيويورك تايمز، أسلم عام 2012م، من خلال مقابلته سأسرد لكم تفاصيل قصته لعشرين سنة قبل إسلامه.

تبدأ الحكاية منذُ أن ولد، يقول:

“كنت أميل إلى أي شيء غيبي وعالم الغيب، ولم أكن ماديا بطبعي”

فهو ليس كبقية الأطفال تغريهم لعبة أو مثلا يحلم بأن يكون طبيبا، يقول: “كانت أكبر أحلامي أن أكون قسيس”!

هل بإمكانكم تخيل هذا؟

طفل صغير أكبر أحلامه هي أن يكون قسيسًا، أقف في الكنيسة وأدعو الناس إلى الله عز وجل. يقول:

“كان فيني هذا العطش الشديد منذُ أن كنت صغيراً وأنا أبحث عن شيء ولا أعرفه، فكبرت

وأنا دائما عندي هذه المحاولات، أذهب للكنيسة ثم تأخذني الدنيا بالمدرسة ثم أرجع مرةً أخرى، وكانت أمي تعلم بحاجتي لهذا الغذاء الروحي، فقالت لي:

“يا بني لماذا لا تقرأ بالبوذية إنهم أناس Spiritual أناس روحانيين عندهم التأمل والسلام الداخلي فاقرأ فيها”.

---

ترك النصرانية و اعتناق البوذية:

كفار الغرب ليس لديهم مشكلة بالديانة والاعتقادات بالبوذية، لأنها بظنهم عبارة عن سلام داخلي لا تؤثر على مسار الحياة، يقول:

“أصبحتُ بوذياً بعد أن كنت نصرانياً وصرت أؤمن ببوذا وأقوم بعمليات التأمل البوذية، و في خلال بحثي كنت أقرأ  كثيراً

في الأديان وحينما أمر على الإسلام أتخطاه مباشرةً، لم أفكر مطلقاً في دين الإسلام لشدة التشويه الحاصل عندنا

في فرنسا، كنت أظن أنه دينٌ للعرب فقط، ثم اتضح لي بعد اعتناقي للإسلام أن العرب لا يشكلون من المسلمين إلا 15% فقط

و كنت أقول في نفسي مستحيل أن يكون هذا الإسلام صحيحًا، لذا لم أعطِ نفسي فرصة للقراءة عنه.”

---

شعور جوليان عند سماع الآذان:

كما قلنا سابقاً أن جوليان يعمل مراسلاً دولياً، يقول:

“كنت أسافر حول العالم في كل مكان أغطي أخبار الصين الهند أوروبا ..إلخ، بلدين كنت أسمع فيهما الأذان يتكرر دائماً؛ قبرص ودار السلام في تنزانيا، فعندما

أسمع الأذان كنت أشعر بانتماءٍ روحيٍّ بداخلي يتنامى اتجاه هذه الكلام وهذا الصوت، وأني أريد سماعه

لمدةٍ أطول، لكن بمجرد معرفتي أن هذا نداء الصلاة للمسلمين مباشرةً تتغير طريقة تفكيري (Block)

استبعد الفكرة لأنه ليس لي أي علاقة بالإسلام، فأكملت عملي وحياتي وسافرت حول العالم لأكثر من 50 دولة، ثم أعجبتني

دولة الفلبين لأنها بلد مسيحي ملتزم، وتركت البوذية وعدتُ إلى النصرانية”.

---

ليس هناك صدفة بل تمهيدٌ للقدر:

يقول: “في يوم ما، كنت في مدينة دبي أغطي خبرًا من الأخبار، ثم ركبت سيارة أجرة لأنتقل من دبي إلى أبو ظبي

وكان سائق الأجرة باكستاني الجنسية يستمتع أثناء قيادته بتشغيله أغنيةً جميلةً جداً في الإذاعة، تبادلت أطراف الحديث معه ثم سألته ما اسم هذ الأغنية؟”

قال: لا يا أخي (No Brother) هذه ليست أغنية بل قرآن! فقلت هذا قرآن؟ ماذا يعني!! رد سائق الأجرة:

هذا كتابنا المقدس القرآن الكريم، ثم أكمل حديثه معي وقال: أنتَ رجلٌ طيب وأنا أخاف عليك من نار جهنم، أنقذ نفسك

وعائلتك من النار، فقلت له انتظر ماذا تقول؟ لا بل كلنا سندخل الجنة!

هذا ردي له وأنا كنت من الشباب العصريين، أتبنى فكرة أن الله عز وجل أكبر من أن يكون له دين

أو طريق واحد يوصلنا إلى الله، وأن الله هو رب الأديان كلها، فقال لي سائق الأجرة: عدني وعد، قلت له ماذا؟ قال

” عدني أنك ستقرأ القرآن” فأجبته بأني وضعته ضمن خطتي القرائية في عام كذا، ونزلت من السيارة.

---

يا الله أرسل لي نورك كي أتحرر:

“قررت أن أحج على الطريقة النصرانية للقس جيمز، وهي الحج سيراً على الأقدام.

فمشيت مسافة ألف كيلو متر لمدة 30 يوم، كنت مغنيًا ومعي جيتار. ليس لي أي عمل سوى أني أجلس

وأغني يا ربي إني أبحث عنك فهبني النور. ثم أتممت الحج الذي هو أصلاً بدعي، فليس بموجودٍ

بالنصرانية ولا بالكنيسة، وبعد هذا الحج قررت أن أكون مغنياً وأؤلف الأغاني من نوع “يا رب أرسل لي نورك لكي أتحرر”

كنت شعر وكأني مُقيد، رغم أن حياتي كانت سعيدة وكنت أشعر بنوع من الاستمتاع، لكن حينما أضع رأسي على المخدة

أعرف أن حياتي ليست صحيحة بل يوجد شيء خاطئ فيني، كنت أعي أنه ثمة شيء لا يزال مفقود.”

---

الانفتاح على الإسلام

 بعدما استقريت في الفلبين في عام ٢٠١٢م ازداد شعوري بحاجتي للقراءة في كافة الأديان، وفي هذه المرة

انفتحت على كل الأديان، وسمحت لنفسي لأول مرة أن أقرأ عن الإسلام، وما إن قرأت عن الإسلام

حتى أتاني الشعور أن هذا ما أبحث عنه، لكن كنت أقاوم الشعور، لا يمكن أصبح مسلم! 

---

احتكاك جوليان بالمسلمين:

يقول: كنت أقاوم هذا الشعور لكني أسترق النظر للمسلمين، ولما دخل علينا رمضان في عام ٢٠١٢م كنتُ أزور المسلمين

في مساجدهم، وأثنـاء فطورهم، ولم يكونوا يمانعون ذلك، كنت أتأمل التجربة كاملة.. كيف يصلون؟ وكيف يصومون؟

كنت أشعر أن هذا المكان هو الذي يشبهني لكني لم أقوى بعد على اتخاذ القرار.

لما انتهى رمضان وأعلنوا عن العيد، شاركتهم. وهذه المرة ذهبت

وصليت معهم وأنا غير مسلم. كنت أريد أن أختبر شعوري، ولما دخلت معهم شعرت أن هذا هو الدين الذي أحتاجه. 

---

جوليان ينطق الشهادة لوحده:

يحكي جوليان أنه في يوم من الأيام كان يشاهد إحدى البرامج على قناة Peace TV

وهي قناة خاصة بدعوة غير المسلمين ناطقة بالإنجليزية، يقول: ثم اتصلت عليهم

وشهدت أن لا إله الا الله وأن محمدًا رسول الله! يقول: شهدت لوحدي في قرية من قرى الفلبين، أمام الشاشة!

ثم دلّوني بأنه يجب أن أذهب للمسجد وأشهد هذه الشهادة أمام الجميع ليشهدوا بذلك، وبالفعل أسلمت.

---

أثر دعوة السائق الباكستاني على جوليان:

 نحن مليار مسلم، فتخيل لو كنا جميعاً مثل هذا الرجل الباكستاني، كيف وإلى أين قد نكون وصلنا؟

يقول: هو لم يجامل، بل دعاني دعوةً صريحةً زلزلتني. نعم لم تكن السبب المباشر بإسلامي!

لكنها من الأمور التي أثارتني لأقرأ القرآن، ولو كان يسمعني الآن أود أن أقول له:

أنك أحد أقوى الأسباب التي جعلتني أسلم بالأخص حينما قلت لي:

أنقذ نفسك أو ستذهب إلى النار، كانت الكلمة صادمة بالنسبة لي لكنها مباشرة وواضحة.

---

التخوف من الفايروس الأكبر “الشرك“:

يقول: “الناس الآن تخاف من فيروس كورونا لكنهم ينسون أن الفيروس الأكبر هو الشرك، أن تموت وأنت

 غير مسلم، هم خائفون أن يموتوا لكنهم لا يعلمون أنهم أموات في أجساد أحياء، أنت حي تتنفس، لكن لأنك لا تعرف الله عز وجل

وما اتخذت القرار الذي يقربك من الله عز وجل، فأنت في الحقيقة ميت!

أنت تظن بأنك حي ومستمتع في حياتك! لكنك في ميزان الآخرة شخص ميت!”

مصداق كلامه ما يقوله الله عز وجل في سورة الأنعام:

” أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ”

(الأنعام:١٢٢).

وكل إنسانٍ اتخذ القرار الذي يقربه إلى الله هو إنسان تحقق له نور وتحققت له الحياة!

ولذلك كان يقول: إذا كنت حريصًا فعلاً على عدم إيذاء غيرك وحريصًا على سلامة الآخرين؛ فيجب أن تكون

حريصًا على الناس أن لا يموتوا من غير لا إله إلا الله.

---

إسلاموفوبيا:

يقول جوليان: “إذا كنتم تظنون أن الإسلاموفوبيا في بريطانيا وأمريكا فقط، فإن الذي يحصل في فرنسا شيء مختلف!”

يقول:

أنا ومع كوني فرنسي أتعرض إلى الكراهية بمجرد معرفتهم بأني مسلم! لا لشيء إلا لأنه لا يمكن

أن تمر ساعة في الإعلام الفرنسي دون أن يحارب فيها الإسلام!

افتح أي قناة!

افتح أي إذاعة أي شيء ستجد أن الإسلام يحارب!

وهذا الحرب ممنهجة.”

---

صناعة الإعلام والتأثير:

يقول: “ومن أجل هذا بدأت أنا في صناعة الإعلام وقررت أن أترك صناعة الأغاني

وأبدأ بصناعة مواد إعلامية أرجو أن تقرب غير المسلمين إلى الإسلام.”

لم يقف موقفًا سلبيًا!

بل ذهب مباشرةً إلى الثغر المفتوح، إلى المكان الذي يحتاج أن نقتحمه ونخدم فيه، وندعو فيه إلى الإسلام.

---

فلم الحرية Freedom Film:

يقول: “وجدت أن المسلمين ضعفاء جداً في مجال الإعلام، وأن ما ينتشر في الغرب عنهم مشوّه جدا، فقررت أن أقوم

بما قد يسد الثغر في هذا المجال”.

فأنتج جوليان فلم اسمه:

الحرية freedom.

يقول: “لأني وجدت أن أقوى رسالة يوصلها لنا الإسلام هو أنك بمجرد أن تسجد لله وتعبده؛ فأنت حر.

أن تعلن أنك لست عبدًا لبشر ولا عبدًا لموضة ولا عبدًا لما يمليه عليك الغرب أو الأفلام، أنت حر!”.

وأسلم بفضل الله ثم بفضل هذا الفلم –بحسب الاستطلاعات- أكثر من 200 شخص!

---

التحرر من قيد الشهوات والفراغ الداخلي:

يقول: أنتم كمسلمين لا تشعرون بالنعيم الذي أنتم فيه لأنكم لم تجربوا معنى

“أن تكونوا عبيدًا لشهواتكم!”

يقول لا تعرف ماذا يعني أن تعيش وليس عندك حدٌّ للحرام أو حدٌّ للحلال ولا أحد يوجهك للصواب أو الخطأ!

يقول:

“كنا عبيد لشهواتنا نشرب كما نريد نمارس ما نريد، وكان هذا الأمر الذي يزيد من شعوري بالفراغ!”

وقد تكررت هذه الجملة كثيرا في المقابلة!

يقول: “فشعرت أنه من الحرام ألا أوصل لغيري فكرة الحرية الحقيقية”.

عجبًا لذلك!

مع أننا سمعنا من أبناء الإسلام أن الإسلام نفسه هو الذي يقيدنا، ونتردد في اتخاذ القرارات لشعورنا بفرضه القيود علينا؟

جوليان ينظر إلى الإسلام على أنه دين الحرية!

وأنه الدين الذي يعطيه التحرر من عبودية كل ما سوى الله….. وكان يقول

ما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلا بهذه الرسالة، ولذلك قال ربعي بن عامر كلمته تلك حينما جاء ووقف أمام رستم وقال له “

:جئنا لنحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد”

---

العوائق التي شعر بها جوليان بعد إسلامه:

 الفتنة الأولى

المال، يقول جوليان: ” كانت النصف مليون التي لدي كلها نتيجة ربا، فلما أسلمت قال لي أحد الإخوة “

يا أخي، المال الذي يأتيك بهذه الطريقة هو من الربا فاتق الله واخرج منه”، يقول: “فخرجت مباشرةً منه”.

يحكي فيقول: “كل الذي أعرفه أني ذهبت للبنك وأخذت مالي، وكان المشروع الربوي

آنذاك في قمته ويدر أرباحًا رهيبة، لكن وبعد شهرين انهار هذا المشروع

وخسر الناس المشاركين فيه، فيقول ما كانت فرحتي بأني أنقذت أموالي بقدر فرحتي

بأن هذا عطاء الله عز وجل أنه لما سحبت أموالي، درأ عني مفسدة بعد شهرين، فمن يتق الله يجعل له مخرجًا ومن يترك شيئًا لله يعوضه الله خيراً منه.

---

الفتنة الثانية

فتنة النساء، يقول “كفرنسي فإن فكرة أن يكون عندك العديد من الصديقات والعديد من العلاقات

هو شيء مثل الهواء والنفس الذي نتنفسه، لما عرفت أن الإسلام حرَّم العلاقات المحرمة وأن الزنا حرام، والعلاقة بين الرجل والمرأة

يجب أن تكون مضبوطة بضابط التقوى والحلال، شعرت أن هذا صعبٌ جداً! كشخص ممارس

في مجال الأغاني كانت كل علاقاتي من الوسط الفني، فقطعت العلاقة تمامًا مع كُل هؤلاء، وجلست أبحث عن أقرب بلد مُسلم، فوجدت ماليزيا قريبة، وهاجرت إليها.”

من العجيب أنه للتو كان قد استقر في الفلبّين، لكن لما رأى أن الوضع الآن أصبح خطراً قطع حتى علاقاته، يقول:

“ما كانت الفتنة طبيعية it was not normal، منذ أن أسلمت والنساء يُطاردنني، وأتمنّع. فالنساء يزيدون إصرارًا لماذا تغيّرت؟

فكانوا يطاردوني في أكثر من مكان، “فعرفت بأني من المحال أن أستمر وأنا في هذا الوضع كانت الفلبين فتنة بالنسبة لي، فهاجرت منها إلى ماليزيا البلد المسلم وقطعت كل علاقاتي.”

---

الهجرة إلى ماليزيا

يستكمل: “وعندما ذهبت إلى ماليزيا عوضني الله عز وجل بزوجة كانت خديجتي منذ البداية، امرأة ماليزية

اسمها زهراء، وكانت لي مثل خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم”

وتبسّم عندما وصل إلى هذه الفقرة والتفت إلى المذيع وقال: “أنت لا تترك شيئًا لله إلاّ

ويعوضك الله خيرًا منه، لكن لابد أن تعرف أنك ستُمتحن، وأنّك لابد من أن تضحي، لا أقول أن الطريق كان سهلاً

لكنني ضحيت، والله عزو جل يقول أنه سيختبرنا بالفقر والخوف والجوع، وأنتم تعرفون الآية:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ والثمرات وبشر الصابرين}

[البقرة:155]”

تشبع جوليان بهذه الفكرة فقال: إن الله عز وجل سيختبرنا؛ ليختبر صدق إيماننا.

---

لا يمكن أن تدخل الجنّة دون أن تُمتحن:

شخص مُسلم ما صدّه أنه خسر شيء من الدنيا، ما صده أنه خسر المجد والشهرة، وكان يقولها بمنتهى الرضا والسلام. يقول جوليان:

“لا زلت أتذكر ما قاله الإمام في خطبة الجمعة الماضية لأنه كان يقول:

“إذا كنت تظن أن الحياة الدنيا ستكون سهلة فأنت لا تعلم شيئاً، الجنة هي دار المقام، وأما الدنيا

فمجبولةٌ على الامتحان والاختبار فما خُلقنا فيها فقط لأجل المتعة”.

لم يقل لماذا كتب الله عليّ كذا وأنا الذي ضحيت من أجله؟

لماذا الحياة لم تصبح أسهل! لم يرَ ذلك مُطلقًا بل شعر أنها قواعد ثابتة ولا يمكن أن يدخل أحدٌ الجنّة دون أن يُمتحن.

---

مسؤلية كل مسلم نشر الإسلام:

إن الإسلام ينتشر بجهودٍ ضئيلةٍ جدًا وبمحالواتٍ عفويةٍ وغير مرتبة، فكيف لو أصبح مشروعًا تتبناه الأمة؟

كيف لو كام لكلِّ واحدٍ منا مشروعهُ الشخصي ليدعو الناس ويعرّف بالإسلام، قبل أن يموت هؤلاء الملايين ونخسرهم

من دون أن يعرّفهم بالله أحد! إن هذه لمن أكبر المسؤوليات التي تؤرقني والتي أشعر أن الله عز وجل سيسألنا عنها. 

يقول: “المشكلة أن الكثيرين يضعون أموالهم في بناء مساجد ضخمة، وقد مررت بعد إسلامي على أكثر من

ثلاثين بلد وصليت بهم صلاة الفجر، المسجد كبير وضخم لكن ما كان يصلي الفجر إلا صفين فقط بأعدادٍ قليلةٍ جدا!

فما هو نفع بناء مساجد كثيرة إن لم يكن لدينا مشاريع تبني الإنسان، وتأتي بالإنسان الذي لا يصلي أصلا.”

---

مخاوف جوليان قبل الإسلام:

يقول: “لما كنت غير مسلم كانت تخيفني فكرة أني لو

أسلمت لابد أن أتزوج بامرأةٍ محجبة، كفرنسي كنت أحس أن مفهوم الحرية عندي عالٍ جدًا، لا أستطيع تقبل الفكرة!

فلما أسلمت وأشرقت روحي بالهداية وبدأت أبحث عن الإسلام وعن المرأة في الإسلام ولماذا فرض عليها هذا الحجاب وهذه العفة والستر

والمبالغة في الحشمة، كرهت كل شيء كنا نفعله بالمرأة في الغرب وعرفت أننا كغربيين

نتعامل مع المرأة على أنها سلعة لا أكثر، مثل فرشاة الأسنان، مثل الموز، مثل أي شيء

لا أكثر ولا أقل، نقشرها وننحتها كما نريد، نملي عليها ما تلبس، نملي عليها كيف تمشي وكيف تتكلم

حتى تثير إعجابنا نحن الرجال وتظن هي أنها تحررت، والحقيقة أنها دخلت في عبودية من نوعٍ آخر حتى لو كانت لا تعلم، فعرفتُ حينها

أن الإسلام يحرر المرأة لا يقيدها وأن ما نفعله نحن في الغرب هو العبودية الحقة

---

اصطفاء الله لك:

اعتداء أي إنسان إلى الله عز وجل ليس قراره الشخصي في الحقيقة، بل هو اصطفاء الله لك، وإلا فهناك الملايين من الناس

الذين لم تشرق روحهم بنور الهداية والقرآن والإسلام، فكون أن الله قد قذف في قلبك نور الإسلام

يعني أنه اختارك لشيءٍ صالحٍ فيك، لرغبةٍ صادقة بينك وبين الله عز وجل.

المبشرات لهذا الدين كثيرة وما تكلمنا عنه اليوم هو شيءٌ قليل من المبادرات الفردية، لكن هذه الأمة مكونة مني ومنك

وما الأمة إلا أنا وأنتم وهُم وهُنّ، فإذا لم يُصلِح كلٌّ منا نفسه لم يكن للأمة صلاح.

.

.

,

أخيرًا.. اكتب عشر فوائد من هذه القصة وشاركنا إياها هنا في التعليقات !

---

* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.