تأهب

بتاريخ ٤ / ٨ / ١٤٤٣ هـ

---

لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

لم يكن شعبان شهراً عادياً فهو  شهر التأهب.. الذي نتأهب فيه لشهر رمضان..

كل ساعة من ساعاته كل ليلة من لياليه تصرخ فينا: أي تأهّب.

بماذا نريد أن نستعد لرمضان؟ 

يقول ابن رجب -رحمه الله-:

ولمّا كان شعبان كمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب، ولتلقي رمضان وترتاض النفوس في ذلك على طاعة الرحمن.

---

ماذا يجب أن  نفعل في شهر شعبان؟ 

بلوغك هذا الشهر ليس استحقاق بل هو تمام المنَّة، وهذه نعمة تتطلب الشكر العظيم.. فلنري الله عز وجل منّا ما يُحب.

يقول سلّام بن سليم-رحمه الله-: كن لنعمة الله في دينك أشكر منك لنعمة الله في دنياك.

وذلك لأن الله عز وجل يُعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلاّ لمن يُحب.

فبلوغك هذا الشهر نعمة، وحمدك لهذه النعمة هو أيضاً لك نعمة، فالله وفقك لذلك الحمد وغيرك من الناس استبطر ولم يحمد الله عز وجل. 

كان الإمام أحمد -رحمه الله- كلما أنزل دلوه في البئر ثم أخذ يجرّه ويخرج منه الماء حمد الله عز وجل في كل مرة.. فقال له ابنه صالح:

يا أبتِ علامَ الحمد؟ فقال له الإمام أحمد: ألم تقرأ قول الله عز وجل:”قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ”

(الملك٣٠)

من قواعد السير إلى الله عز وجل أن تتعرف على واجب الوقت، فمن المهم أن تراجع واجبات الزمن الذي أنت فيه، ويعينك على ذلك:

كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف. 

---

وأول حديث نتدارسه لفضل شهر شعبان هو:

حديث قول النبي ﷺ حينما سأله أسامة بن زيد-رضي  الله عنه- قال: يا رسولَ اللهِ لم أرَك تصومُ من شهرٍ من الشُّهورِ ما تصومُ شعبانَ، قال:

“ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ”

المصدر: صحيح الترغيب

“ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه…”:

إذن فأي عبادة تحﷺ في وقت الغفلة هي بمكانٍ عند الله عز وجل ولها أجرٌ عظيم، يقول النبي ﷺ:

“العبادةُ في الهرجٍ كالهجرةِ إلي”

المصدر: صحيح مسلم
الهرج: أي الفوضى، فلا تنتظر الظروف كي تتحسن أو أن تهدأ أحوالك حتى تتعبد الله عز وجل، بل في خضم ظروفك وزحام أيامك

هو الزمن الذي يحب الله منك أن تتعبده فيه! 
فلا يستوي عند الله عبدٌ غافلٌ يبلغ بجسده فقط! بعبدٍ تأهب ودعا الله أن يبلغه

بلاغ سدادٍ وقبول وتوفيق وعتقٍ من النار..
قال الله عز وجل:”وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ”

( الحجر:٢٤)  

المستقدمين بالميم والسين في هذه الآية يعني فعل الاستقدام فهو يتقدم ويسابق ولا يرضَ أن يتأخر عن الطريق إلى الله عز وجل.

“وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين..”:

وهو الرفع السنوي، فدواوين السنة بأكملها ترفع في هذا الشهر إلى الله عز وجل، ولا ندري في أي يوم أو ساعة تكون..

“وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ”:بصيامه كأنه يستدر رحمة الله عز وجل حين يطلع على صحائفه فيطلب منه التوبة والغفران..

---

فما حال السلف من ذلك الموقف؟

كان الضحّاك-رحمه الله- إذا أمسى يبكي في أول دخول الليل ويقول:

لا أعرف ماذا رفع اليوم من عملي.

وأبي مليكة-رحمه الله- يقول: أدركت ثلاثين من الصحابة كانوا جميعهم يخشون على أنفسهم من النِّفاق.

فكانوا يعملون الصالحات ومع ذلك لم يكونوا يرونها شيئاً!

لذلك إذا أردت أن تعرف منزلتك عند الله فانظر إلى منزلة الله في قلبك! 

انظر إلى الذي يشغلك طوال يومك؟ أهو احتسابك وعملك للآخرة؟ أم هي الدنيا؟

انظر إلى ما تفكر فيه دومًا، هل رضا الله أم رضا نفسك والآخرين؟ 

لماذا تُرفع الأعمال إلى الله عز وجل؟

١- لأن هذه الأعمال تشفع لصاحبها إذا رُفعت إلى الله. 

يقول النبي ﷺ: “إنَّ ممَّا تذكرونَ من جلالِ اللهِ التسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ ينعطِفْنَ حولَ العرشِ لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحلِ تُذكِّرُ بصاحبِها

أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له أو لا يزالَ له من يُذكرُ به”

المصدر: ابن ماجه

يقول النبي ﷺ أيضًا في الأعمال التي تشفع لصاحبها:

“إنَّ سورةً في القرآنِ ثلاثونَ آيةً شفَعت لصاحبِها حتَّى غُفِرَ لَه تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ”

المصدر: ابن ماجه

ويقول النبي ﷺ عن آية الكرسي: “والذي نفسي بيده إنَّ لها لسانًا وشفتيْنِ تُقدِّسُ المَلِكَ عند ساقِ العرشِ”

المصدر: مجمع الزوائد

---

٢-أن الله يُباهي بعملك في الملأ الأعلى.

في حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي ﷺقال:

“رجُلانِ مِن أُمَّتي يَقومُ أحَدُهما مِنَ اللَّيلِ فيُعالِجُ نفْسَه إلى الطَّهورِ وعليه عُقَدٌ، فيَتَوضَّأُ، فإذا وَضَّأَ يدَيهِ انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا وَضَّأَ

وَجْهَه انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا مسَحَ رأسَه انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا وَضَّأَ رِجْلَيهِ انحلَّتْ عُقْدةٌ، فيقولُ الرَّبُّ للذينَ وراءَ الحِجابِ: انظُروا إلى عَبْدي هذا يُعالِجُ نفْسَه، ما سألَني عَبْدي هذا فهو له” 

المصدر:تخريج المسند 

ويباهي الله بحضورك لمجالس الذكر، قال النبيﷺ:

“إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنادَوْا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُمْ قالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بأَجْنِحَتِهِمْ

إلى السَّماءِ الدُّنْيا، قالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وهو أعْلَمُ منهمْ- ما يَقولُ عِبادِي؟ قالوا: يَقولونَ: يُسَبِّحُونَكَ ويُكَبِّرُونَكَ، ويَحْمَدُونَكَ ويُمَجِّدُونَكَ، قالَ: فيَقولُ: هلْ رَأَوْنِي؟…

قالَ: فيَقولونَ: لا واللَّهِ ما رَأَوْكَ، قالَ: فيَقولُ: وكيفَ لو رَأَوْنِي؟ قالَ: يقولونَ:

لو رَأَوْكَ كانُوا أشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لكَ تَمْجِيدًا وتَحْمِيدًا، وأَكْثَرَ لكَ تَسْبِيحًا، قالَ: يقولُ: فَما يَسْأَلُونِي؟

قالَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ: وهلْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ:      

  لا واللَّهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها، قالَ: يقولُ: فَكيفَ لو أنَّهُمْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لو أنَّهُمْ رَأَوْها كانُوا أشَدَّ عليها حِرْصًا، وأَشَدَّ لها طَلَبًا، وأَعْظَمَ فيها رَغْبَةً، قالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟

قالَ: يقولونَ: مِنَ النَّارِ قالَ: يقولُ: وهلْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها، قالَ: يقولُ: فَكيفَ لو رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ:

لو رَأَوْها كانُوا أشَدَّ مِنْها فِرارًا، وأَشَدَّ لها مَخافَةً، قالَ: فيَقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قدْ غَفَرْتُ لهمْ، قالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ:

فيهم فُلانٌ ليسَ منهمْ، إنَّما جاءَ لِحاجَةٍ، قالَ: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ”

المصدر:صحيح مسلم

---

٣- إعلام حملة العرش ومن في الملأ الأعلى بأعمال العباد.

قال الله عزوجل:”الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً

وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ*رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ

إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ*وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”

غافر:٧-٩

قال الله عز وجل:”كَـلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ”

المطففين: ١٨

كلما تقربت لله وسجدت له كلما ارتفعت منزلتك عنده عز وجل، والعكس بالعكس، قال الله عز وجل:

“كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلْفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍ”

المطففين: ٧

فكلما كنت محسورًا في ذنوبك كلما كانت أعمالك تكتب في سجيل: أي في الضيق وفي أسفل سافلين، بالضبط مثلما دنت به ذنوبه..

قال الله عز وجل:”مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ” فاطر:١٠

---

فعلامَ نحرص حين ترفع أعمالنا؟

١- أن يرفع عملك وأنت صائم.

“وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ” لماذا الصيام؟

لأنه عمل يستغرق كل يومك.. فكل الأعمال لها بداية ونهاية قصيرة إلا صيام النهار، وهذا الاستمرار اختاره النبي ﷺوقال العلماء عنه:

فيه دليل على أن الرفع يكون في نهار شعبان.

عائشة -رضى الله عنها- تقول: “… فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ

صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ”

المصدر: صحيح البخاري

قال الإمام ابن حجر-رحمه الله- والحديث دليلٌ على فضل الصوم في شعبان، قال الإمام الصنعاني-رحمه الله-:

وفيه دليل يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره.

وهذا زمن التحلية، فلا تظن أن صيامك يأتيك بالأجدر فقط بل هو هدًى وأنوارًا تنير قلبك الذي اتسخ بالران طوال السنة، وهو إنعاشٌ قلبي حتى يتجدد الإيمان

في صدرك فتدخل رمضان بشعور المشتاق الراغب في العبادة!

---

٢-أن يرفع عملك وأنت متٍق.

قال الله عز وجل:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”

البقرة:١٨٣

فحافظ على حياة قلبك وخِف على قلبك من المرض فأنت وحدك من يعلم نقطة ضعفه وأنت وحدك تعلم ما يمرض قلبك.

اجعل الآن كل الذنوب التي تفعلها مؤجلة إلى ما بعد رمضان، وسلِ الله أن يتوب عليك منها، فلا تدري لعلك بتقواك

وحين يرضى الله عنك ينتزعها من قلبك انتزاعاً وإن كانت نيتك فقط تأجيلها!

---

٣-أن يرفع عملك وأنت تائب.

وفي هذا أنت بحاجة إلى استعانةٍ بالله، أي أن تقف عند بابه وأن تتمسكن إليه بضعفك وأن تلهج بـ:

يا رب لم أستطع ترك ما حرمت عليّ ولم أستطع التوبة فيا رب تب علي!

حتى لو ظننت أنك لا تقوى على التوبة اسأل الله أن يتوب عليك بسؤالٍ صادق واسأله أن يباعد بينك وبين الذنوب والخطايا كما باعد بين المشرق والمغرب.. 

دون تلك التوبة لن يستطيع الإنسان أن يرى الفتوحات الربانية، والنفحات الإيمانية لأنها لا تؤتى لقلبٍ مغطًى بالران

ولا على قلب ملطخ، فحاول تنظيف هذا القلب حتى تعيد له حياته.

يقول الحسن البصري-رحمه الله-: إن الرجل ليذنب الذنب فلا ينساه ولا يزال خائفًا منه حتى يدخله الجنة.

قال أحمد بن عاصم-رحمه الله-: هذه غنيمة باردة! أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى.

---

٤-أن يرفع عملك وأنت ذاكر لله.

يقول ابن القيم-رحمه الله- :

من علامات القبول أن العبد إذا فتح عينيه من النوم أن ييسر على لسانه ذكر الله. 

والناس يتفاوتون بالعمل الصالح كالصيام بقدر ذكرهم لله عزوجل. 

قيل أنَّ نَاسًا مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ ﷺقالوا للنَّبيِّ ﷺ: يا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قالَ:

“أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ..”

المصدر : صحيح مسلم

---

٥-أن يرفع عملك وأنت متحبب إلى الله عز وجل.

متحبب أي تريد من الله أن يحبك، فتسأله وتلح عليه، وتقول يا رب إني أسألك حبك وحب من يحبك

وحب كل عمل يقربني إلى حبك، وتُحَب بهذه الدعوة، لماذا؟ لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي:”وما يَزالُ عَبْدِي

يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ”

المصدر: صحيح البخاري 

هذا المقام العالي للعبد الذي أحب ربه وهو مقام أولياءه، قال الله عز وجل:

“سَیَجعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحمَـٰنُ وُدًّا”

مريم:٩٦

وقال عز وجل:”یُحِبُّهُم وَیُحِبُّونَهُۥۤ”

المَائـِدَةِ: ٥٤

وهذه صفات المؤمنين فهم لم يفعلوا العبادات فرضاً فقط بل قاموا بها حباً وشوقاً، وتعظيماً، ورجاءً وحسن ظنٍّ بالله عز وجل. فتبتل إلى الله

في كل يوم يرفع فيه عملك إلى الله وحال لسانك يقول: يا رب أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك.

---

٦-أن يرفع عملك وأنت ساجد!

ففي كل ميقاتٍ مجددٍ لصلاةِ فريضة أو سُنّةٍ واردة عن النبي ﷺ كن أنت من أول الساجدين المتّبعين لها..

 واستزد من عملك ولا تُفرِّط وابحث في كل السنن والأحاديث التي ذُكر فيها “رحمَ اللهُ امرِئٍ” في موقع الدرر السَّنيَّة؛ لأن هذه الأحاديث

تسمى بالفيوض الرحمانية، أي: أنك بها تستدر رحمة الله عز وجل. وابحث عن الأعمال التي يرحم الله أصحابها، قال  الله عز وجل:

“وَإِذَا قُرِئَ ٱلقُرءَانُ فَٱستَمِعُوا۟ لَهُۥ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ”

الأَعرَافِ: ٢٠٤ 

فهذه من مواطن الرحمة التي يستدر بها رحمة الله عز وجل، فاجعل لك نصيباً من خير في كل ساعة نهارٍ أو ليل.
هذه الأعمال هي مجرد تواصي بالحالة التي يجب أن يرفع بها عملك، فهل ستكون من

 قوافل الصائمين؟

 أو من قوافل التائبين؟

 أو من قوافل الساجدين؟

 أو من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات؟

 أو من أولئك الذين يتحببون إلى الله عز وجل ويتمسكنون له؟

كانت هذه الطائفة الأولى لحزمة الأعمال التي نتواصى بها في شهر شعبان،  وأسأل الله أن يجعل أعمالنا تُرفع

إليه مقبولةٍ غيرَ مردودة، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه..

---

* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.