بتاريخ ٦ / ١٢ / ١٤٤١ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط)



الملخص:

يومٌ هو فرصة العمر، فطوبى لمن يغتنم! نحن على مشارف يوم تنزّل الرب، يبُاهي بالعباد 

حديثنا عن يوم العتق الأكبر

” يوم عرفة“ 

إن من عظيم منّة الله بلوغ هذا الموسم وها نحن أقبلنا على خير أيام الدنيا. 

قال الرسولﷺ :“أفضَلُ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ“

المصدر:  تاريخ الإسلام 

١٤٤١ هـ يوشك أن ينقضي، فالعشر من ذي الحجة هو آخر موسم لهذه السنة ، وميزة هذا الموسم أن يجتمع يوم عرفة ويوم الخميس. 

فيوم عرفة يكفر الله به السنة التي قبله والسنة التي بعده، ويوم الخميس هو يوم ترفع فيه الأعمال إلى الله. 

جزء من استعدادك لهذا اليوم هو أن تستذكر فضائله حتى تكون على بيّنة بما سيفوتك لو تكاسلت ! وبما ستفوز لو استثمرت هذا اليوم

فـضائل يـوم عـرفة :

1- أن هذا اليوم يوم عيد 

قال تعالى:”الْيَـوْمَ أَكْمَلْـتُ لَـكُمْ دِينَـكُمْ وَأَتْمَـمْتُ

عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا “

المائدة: آيه ٣

هو يوم عيد ;لأن في يوم عرفة اكتمل فيه الإسلام فكان أول يوم أتم فيه المسلمين حجهم مع رسول الله ﷺ. 

وهو اليوم الذي عاد فيه الحج على قواعد إبراهيم -عليه السلام-  بعد الجاهلية ونزلت هذه الآية ”الْيَـوْم أَكْمَلْـتُ…“

جَــاءَ رَجُــلٌ مِـنَ اليَــهُودِ إلى عُــمَرَ، فَــقالَ: يا أَمِــيرَ

المُؤْمِنِينَ آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا نَزَلَتْ، مَعْـشَرَ اليَهُودِ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا، قالَ: وَأَيُّآيَةٍ؟ قالَ:“الْـــيَومَ أَكْــمَلْتُ لَــكُمْ دِيـنَكُمْ، وَأَتْــمَمْتُ علَيْكُـم نِعْمَتِي، وَرَضِيـتُ لَكُمُ الإسْـلَامَ دِينًـا“، فَقالَ عُمَرُ: إنِّي لأَعْلَمُ اليومَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكانَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ ﷺ بعَرَفَاتٍ في يَومِ جُمُعَةٍ.

المصدر : صحيح مسلم 


٢-أن الله عز وجل أقــســم بــهــذا الـيوم والـله لايقسـم إلا بعظيم.

قال تعالى “وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ” 

سورة البروج آيه ٣ 

اليوم المشهود هو يوم عرفة حيث تشهد فيه الملائكة. 


٣- أنه يوم العتق الأكبر 

قال رسول الله:(ما مِن أيَّامٍ أفضلُ عندَ اللهِ مِن أيَّامِ عشْرِ من ذي الحجَّةِ ) قال: فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ هنَّ أفضلُ أم عِدَّتُهنَّ جهادًا في سبيلِ اللهِ ؟قال ( هنَّ أفضلُ مِن عِدَّتِهنَّ جهادًا في سبيلِ اللهِ ؟ وما مِن يومٍ أفضلُ عندَ اللهِ مِن يومِ عرفةَ ينزلُ اللهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيُباهي بأهلِ الأرضِ أهلَ السَّماءِ فيقولُ: انظُروا إلى عبادي شُعْثًا غُبْرًا ضاحِينَ جاؤوا مِن كلِّ فجٍّ عميقٍ يرجون رحمتي ولم يرَوْا عذابي فلم يُرَ يومٌ أكثرُ عِتْقًا مِن النَّارِ مِن يوم عرفة)

المصدر : صحيح ابن حبان


٤- يوم يصغر ويُدحر فيه الشيطان 

قال  الرسول ﷺ :“ما رُؤيَ الشَّيطانُ يومًا هو فيه أصغَرُ ولا أدحَرُ ولا أحقَرُ ولا أغيَظُ منه يومَ عرفةَ وما ذاكَ إلَّا لما يَرى مِن تنزُّلِ الرَّحمةِ وتجاوُزِ اللَّهِ عن الذُّنوبِ العِظامِ إلَّا ما رؤِيَ يومَ بدرٍ قيلَ وما رُؤِيَ يومَ بدرٍ ؟ قال رَأى جبريلَ عليهِ السَّلامُ وهو يَزَعُ الملائكَةَ“

المصدر : لطائف المعارف


٥- قال  الرسول ﷺ: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده»

رواه مسلم


٦- خير الدعاء دعاء عرفة، أي أنــه أفــضل وأحــســن وأرجى في الإجابة لأن النبي ﷺ يقول :“خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفَةَ، وخيرُ ما قلْتُ أنا والنبيونَ من قبلي لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لاشريكَ  له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ“


كيف نستعد ليوم عرفة ؟ 

لا تفرط في هذا اليوم لأنك لو عشته بشكل  صـحيح واسـتثمرته كمــا يُــحـب الله عــز وجل 

سيـفـرق مـعـك الـعمـر كــلــه! 

قال السلف : أن الدعاء يوم عرفة يأتي كفلق الصبح.

١-  فرّغ نفسك في ذلك اليوم

قم بقضاء جميع أعمالك، فلا تنشغل بالطلب أو التسوق أو غيره.

٢- حاول في ليلة التاسع أن تنام مبكراً

لأن دخول يوم عرفة  يبدأ قُبيل الفجر. استيقظ قبل الفجر بساعة أو نصف ساعة ;لأن من أحسَن في ليله كُوفئ في نهاره. ادع الله واسأله التوفيق للعمل الصالح في هذا اليوم.

٣- خطط لأعمالك التي ستقوم بها وحاول أن تعوض ما فاتك في مواسم الطاعات السابقة  

واعلم أن هناك من يضع ضمن خططه ختمة في يوم عرفة.ختمة كاملة تحدى نفسك بها، فإذا لم تضع لنفسك تحدٍ ستجدك نفسك تفتر في ساعات النهار.. وإن لم تأتِ بها كاملة وختمت نصف القرآن فهذا والله مغنم!

٤- اجلس في مصلاك من قبل أذان الفجر

ليراك الله وأنت صافّ أقدامك تنتظر هذا اليوم وهذا الفضل. 

مع سماعك لأذان الفجر و المؤذن يقول:“الله أكبر” فعرف أن اليوم المشهود قد بدأ وأن العتق الأكبر قد حان. 

وبعد الانتهاء  من صلاة الفجر، تدخل علينا عبادة جديدة وهي التكبير المقيد، فتبدأ بالتكبير :

    ( الله أكـبر، الله أكبر، الله أكبر..لا إله الا الله الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.. ولله الحــمد)           

ومن الغرس الصالح أن تشرك أهلك، زوجك، و كل من حولك في هذا اليوم بإيقاظهم للسحور.ثم اتبع صلاة الفجر بجلوسك حتى الإشراق معهم، أشركهم وأشعرهم بفضل هذا الوقت وأهميته.

اجلس في مصلاك واستشعر الآتي:

التوبة والاعتراف والندم لما خالفنا ونقضنا الميثاق مع ربنا لقوله تعالى:“ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}

سورة الأعراف آية (١٧٢، ١٧٣)


٥- استحضر أن الله عز وجل ليس فقط من صفاته العفو، لكنه سبحانه يحب أن يعفو، يحب أن يغفر، يحب أن يُسأل

وتذكر أنك تدعي عظيمًا جوادًا.“ أعجز الناس من عجز عن الدعاء” 

تذكر دائمًا حديث الرسولﷺ: “إن ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحي من عبدِه إذا رفع يديْه إليه أن يردَّهما صِفرًا“

المصدر : فتاوى نور على الدرب لابن باز 


٦- نم قليلاً (٣-٥) ساعات، ثم صلِّ سنة الظهر أربع قبلها وأربع بعدها 


٧- ثم الساعات الذهبية من العصر حتى غروب الشمس، فلا تغلب فيها من الدعاء 


في دعائك يوم عرفة لا تنسَ ثلاثاً: ديـنـك، ودنــيـاك، وآخـرتــك

في دعائك لدينك :

ادع الله ..

”أن يصلح دينك الذي هو عصمة أمرك و أن يُبصِرك فيه ويُريك الحق حقًا ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلًا ويرزقك اجتنابه“

”أن يحول الله بينك وبين الذنوب“.

أن يباعد بينك وبين ذنوبك وقل :“اللهم باعد بيني وبين الخطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من الخطايا بماء الثلج والبرد“.

”اللهم اجعل الصلاة قرة عين لي”


في دعائك لدنياك: 

ادع الله في دنياك ، ليس في الاستكثار من المال والولد بل من الاستكثار بالبركة فيهما 

فادع الله ”أن يرزقك حياة مضاعفة مباركة رضية مرضية يُبيض بها وجهك يوم تلقاه“

فلا تسأل الله أي حياة ولا أي رزق و إنما البركة فيها.


في دعائك لآخرتك

ادع من لحظة نزع روحك إلى لحظة نزولك للقبر ”سؤال منكر ونكير وكيف تريد أن يكون قبرك؟“

ادع الله بكيف تريد أن تموت؟ ” اللهم إني أسألك عيش السعداء وميتة الشهداء ومرافقة الأنبياء، اللهم اجعل خير أيامي آخرها وخير أيامي يوم ألقاك“ادع بالختام على خير الأعمال “وأن يرزقك شهادة ألا إله إلا الله قبل الموت ”اللهم اغفر لي و ارحمني يوم لا يكون لي أحد إلا أنت ”

ادع الله دعاء من لم يبق له أحد في الدنيا فيدعو له، فمن تضمن يدعو لك بعد موتك! 

فادع الله حتى يرزقك العمل الصالح، ويأتيك عملك الصالح في قبرك فتقول له من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح الذي كنت تعمل! ادع الله لعرصات يوم القيامة وادع إلى لحظة يوم البعث ”اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك“ إلى اللحظة التي تمشي بها على الصراط ”تعوّذ من مقاريض الصراط تلمس جلدك“.

ادع الله لتكون ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.

ادع الله أين تكون في الجنة حتى يرزقك العمل الذي يدخل الجنة

”يارب إن أنعمت علي بالجنة اجعلني بالفردوس الأعلى، اللهم ليس لي عمل يؤهلني لهذه المنزلة (فمن أكون أنا؟) لولا أن رسولك ﷺ أخبرنا أن إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى فإن الله عظيم لا يتعاظمه شيء، فإن دخلت ياربي الجنة فيارب الفردوس الأعلى وما قرب إليها من قول أو عمل“

ثم اسأل الله النجاة من النار ” يارب أعوذ بعزتك و جلالك من عذاب القبر وعذاب النار وما قرب إليهما من قول وعمل“

ثم لا تغفل عن ثـلاث بـاقـيــة:

نفسك، أهلك و أحبابك، أمتك 

١. نفسك: فادع الله ”ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين“

٢. أمك وأبوك وأهلك وأحبابك، ادع لهم دعاء من يرجو أن يكون له ولد صالح يدعو له.

٣. أمتك ”اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك“

ادع الله ”أن يجعل لهذه الأمة من أمرها فرجاً، وأن من أراد بالمسلمين شرًا يرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه“

ادع ” اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ” فبهذه  شملت دعوتك من عهد آدم عليه السلام إلى قيام الساعة لتؤجر عليهم.

إذا بلغت عصر يوم عرفة فاعلم أننا في ذروة يوم عرفة وهو الوقت الذي يتنزل الله فيه عز وجل إلى عباده في السماء الدنيا قرباً لهم يُباهي بأهل الأرض عند أهل السماء ويقول :

عبادي أتوني شعثاً غبرًا من كل فج عميق فيقول الله عز وجل : ما أراد هؤلاء؟
فيطلع الله تعالى على كل أهل الأرض ويُباهي بأهل الموقف، ويباهي بالمؤمنين في بيوتهم. العالم كله يشهدون هذا اليوم ويرفعون أكفهم ويدعون الله عز وجل :أن يا رب إن كنت أعتقت أهل الحج ومننت عليهم بالعتق فيا رب لا تحرمنا أن تعتقنا معهم

فمن الساعة الثالثة حتى آذان المغرب لاتنصرف عن الدعاء.

صُمّ عرفة كأنك تودعه!

فأري الله منك ما يُحب 


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.

5 تعليقات
  1. Nguyet Rygiewicz says:

    Woah! I’m really loving the template/theme of this site. It’s simple, yet effective. A lot of times it’s tough to get that “perfect balance” between superb usability and appearance. I must say you’ve done a great job with this. In addition, the blog loads super fast for me on Safari. Excellent Blog!

التعليقات مغلقة