كيف تأتيك الأرزاق ؟

بتاريخ ٢٢ / ١١ / ١٤٤١ هـ

---

لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط)

---

الملخص:

إذا ضاقت بك الأحوال وقلّت عليك الأرزاق واضطرب الناس وكثر القيل والقال.. هنا تأتي عبودية خاصة لله عز وجل وهي دعاؤه باسم (الرزاق)

في الصفحات التالية سنعيش مع اسمه عن قرب ونعرف أسراره، وماذا يعني أن يكون الله هو الرزاق؟

قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”

(سورة الذاريات:٨٥)

ماذا يعني الرزق؟

جميعنا نعلم أن الرزق هو: عطاءات الله عز وجل. من معاني الرزق: 

١- العطاء الكثير الجاري. 

الكثير: تعني أن الله لا يعطي عطاء القليل.

الجاري: تعني أنه مُستديم ومستمر لا يقف عند لحظة. وكل أقدار الإنسان رزق من الله، فقد يكون الرزق في الدنيا أو في الآخرة.

٢- العطاء المتجدد.

يتجدد باليوم، ويتجدد بالأسبوع، ويتجدد في السنة فهناك أرزاق في منتصف الليل وأرزاق وقت الفجر وأيضاً في المساء. 

ولذلك الملائكة حين تتعاقب تنادي في صبح كل يوم قبل أن تطلع الشمس، عن أبي هريرة قال رسولﷺ:”ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ  يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا“.

 المصدر: صحيح البخاري

سورة الذاريات تحمل معانٍ وتفاصيل في أمر الرزق، قال تعالى:”وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا  (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4”

سورة الذاريات:١-٤

– الذاريات: هي الرياح التي تذر ما يكون إذنًا للزرع والبذور والحياة وغيرها.

– وقرًا: السحاب الذي يحمل من خير المطر.

– فالمقسمات أمرًا: أي أن الأرزاق تُقسم.

ثم تمضي الآيات لتتحدث عن أول موانع الرزق في قوله تعالى: “قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) ”

سورة الذاريات:١٠-١٢

– الخراصون: هم الشكاكون والذين يرون أن يوم القيامة بعيد.

– غمرة ساهون: مغمور بالغفلة مثل الإنسان المغطى وإغراقه في السهو، فهؤلاء ساهون تأخذهم الحياة الدنيا عن يوم الآخرة لدرجة أنهم يتساءلون عن يوم الدين.

ماهي موانع الرزق ؟ 

١- أن تشك في رزق الله: 

فمتى ما بدأ الشك يدخل إليك بأن الله قد يرزقك وقد لا يرزقك، أو أن تستبطئ الرزق فهذا من موانع الرزق. قال الرسول  ﷺ: “لا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ”.

المصدر : صحيح الجامع

٢- أن يكون الإنسان في غفلة من أمره:

 فيكون غافل عن يوم الحساب ويعيش كما تهوى نفسه. قال تعالى: “يسألون أيان يوم الدين” سورة الذاريات:١٢

٣- أن تستجلب رزقك بمعصية الله. 

قال رسول ﷺ: “وإنَّ الرجلَ لَيُحرمُ الرِّزقَ بالذنبِ يُصيبُه”.

المصدر  : السلسلة الصحيحة

ماهي أسباب الرزق ؟ 

١– التقوى: 

قيل أن مفتاح الأرزاق هي التقوى، وبعض الناس يظن أن الرزق هو المال فقط! 

فالأخلاق رزق.. والهداية رزق.. الأهل رزق.. الصحة رزق.. الصحبة الصالحة رزق.

إن هذه الأرزاق التي ننساها ولا نستحضرها ينبغي أن نستشعرها ونشكر الله عليها. قال تعالى: “إن المتقين في جنات وعيون“

سورة الذاريات:١٥

٢– الإحسان: 

 كثيرًا ما يربط الله بين الإحسان والتقوى قال تعالى: “إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون”

النحل:١٢٨

ما هو معنى الإحسان؟ ليس أن تعبد الله كأنك تراه فقط، بل معناه العملي أيضًا: أن تجوّد العمل.

والذين يعيشون بمعنى الإحسان لا يمكن أن يفعلوا أي شيء إلا متقنًا وكاملًا لأجل الله.

٣-الاستغفار بالأسحار:

 قال تعالى: “وبالأسحار هم يستغفرون”

سورة الذاريات:١٨

٤-قيام الليل :

قال تعالى: “كانوا قليلا من الليل ما يهجعون”

سورة الذاريات:١٧

قال الرسول ﷺ:”عليكم بقيامِ الليلِ، فإنه دأْبُ الصالحينَ قبلكُم، وقُرْبَةٌُ لكم إلى ربكم، ومكفرةٌ، للسيئاتِ، ومَنْهاةُ عن الإثمِ” وفي رواية :“ومطردةٌ للداءِ عنِ الجسد”

الجامع الصغير 

عندما يكون الإنسان صاحب قيام ليل فلا شك أن الله عز وجل سيرزقه، كيف؟ قال المفسرون في هذه الآية: لأن الله لو كفر عنه سيئاته فتح له أبواب الرزق.

٥- الصدقة والإكرام:

 قال تعالى: “وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” 

أكرِم يكرمك الله عز وجل، أنفق ينفق الله عليك، تصدق يتصدق الله عليك، أحسن يُحسن الله عز وجل إليك؛ لأن الجزاء من جنس العمل.

٦-اليقين:

 قال تعالى: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” 

سورة الذاريات:٢٢

ما صفات هذا الرزق الذي نسأل الله عز وجل منه ؟ 

١-رزق الله قديم وليس بحديث، عن عبدالله بن عمرو قال رسول ﷺ: “كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ “

المصدر: صحيح مسلم.

٢-أن رزقك يطلبك وهذه الصفة قد تغيب عن الكثيرين، عنأبي الدرداءقال الرسول ﷺ:”إنَّ الرِّزقَ ليطلُبُ العبدَ كما يطلُبُه أجلُه”.

المصدر: البحر الزخار.

٣-أن هذا الرزق موجود في السماء، لا تساوم على رزق الله بارتكاب ما حرم الله من أجل الحصول على الرزق، والأهم من ذلك أن يكون لديك يقين أن لا أحد يملك أن يمنع رزقاً قد كتبه الله لك.

٤- أنه لا يُنال إلا بطاعة الله، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يستجلب الرزق منه إلا بطاعته، فلا يمكن أن تعصيه وتستجلب هذا الرزق به.

٥-أن رزقك المادي من أدنى الأرزاق، دأب المربون يربون من تحتهم على فكرة لا تُتبع بصرك في أرزاق الناس فيطول حزنك ولا يشفى غيضك.

٦- رزقك ليس بالكد تجنيه، وإنما بالبركة والاستعانة بالله والأخذ بالأسباب وأن الله يأذن أن يعطيك ويرزقك. 

٧-كثرة الرزق لا تدلُّ على محبة الله كما أن قلة الرزق لا تدلُّ على الإهانة، قال الله تعالى على لسان الكافرين:”وَقالوا نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَأَولادًا وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ (٣٥) قُل إِنَّ رَبّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ“

سورة سبأ: ٣٥-٣٦

لا تنسَ أن صحة الجسد والأمن في الوطن وحسن الخلق وقوت اليوم ولقاء الأحبة ووجود الوالدين .. هذا كله من الأرزاق المنسية والتي قد لا تسألها الله في دعائك لكونها من جملة روتين الحياة.

إذا كان ما يعطيك الله لا يرضيك فإن كل الدنيا لا تكفيك. هذا الكلام كله يجعلنا نختم بشيء، أنك إذا أردت أن تسأل الله عز وجل الآن باسمه الرزاق: 

* اسأله أولًا أن يرزقك حبه، وقل: اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك.

* اسأله أن يجعلك من المتوكلين؛ لأن الله عز وجل لما تكفّل برزقك فالمفترض أن تتعلم من ذلك ألا تتكل على أحد غير الله عز وجل. 

* أن تسأل الله باسمه الرزاق، فكن ممتناً متيقناً بأن الله سيعطيك وأن الإبطاء له حكمة فأنت تعلم أن الله له حكمة في التأخير.

* أعظم شيء يسأله الإنسان هو أن يسأل الله رزق القلوب. حيث أن الرزق المادي هو أدنى الأرزاق وأبسطها لكن الرزق الأعظم والأنفع هو رزق القلوب.

ختامًا ..

ابذل جهدك واعمل بالأسباب وتوكل على الله، إن لم يأتيك رزقك فلا تجزع واعلم أن ما عند الله خير لك.

خزائن الله لا تنفد وهي مليئة ويعطي الله بلا ثقل ولا كلفة ولا مشقة فهو رازق بلا مؤونة سبحانه.

---

* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.