بتاريخ ٩/ ٥/ ١٤٤٦ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

( وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ )
 
جزءٌ من إيمان العبد إدراكه أن للعمر خاتمة وأن للحياة نهاية، وأن لكل عبد أرضٌ تضمّه، منها يبتدأ وإليها ينتهي،

فهل أعددنا لذاك اليوم وتلك النهاية ؟  قال عز وجل : ( وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ) (النجم:42)

المنتهى الذي لا نعلم وقته ولكننا نعلم مآله ، نجهل يوم قبض الروح ولكننا نعلم علم اليقين أن للحياة نهاية

فأمرنا بالتخطيط والاستعداد لها كما هو التخطيط لمشاريعنا الدنيوية وأكثر فكيف بمشروع العمر ؟

قال يعقوب مخاطباً أبناءه : (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (سورة البقرة :132)
أوصاهم يعقوب عليه السلام أن يحيوا على الإسلام وأن يموتوا عليه ، ولأن تحيا على الإسلام هو أمر يسهل على العبد إن عرف حلال الله وحرامه

فجعل منه منهاجاً للحياة، وأن يتخذ قراراته وهو واضعاً الموت نصب عينيه حاضراً ومؤثراً،

لكن كيف يوصيهم أن يموتوا على الإسلام كيف به وهو يعلم علم اليقين أنهم لا يملكون النهايات وأنها ليست بيدهم ،

لكنها الحقيقة المختبئة خلف الوصية أن من عاش على شيء مات عليه وختم له به.
 
لماذ نتكلم عن الموت ؟ 
لأن حياتنا مزدحمة سمتها الاستهلاك وسرعة الوتيرة ، تجعل العبد لا يفكر في أبعد خطوة ولا يتخيل أن يزوره الموت في أي لحظه ،

لذلك أوصانا النبي عليه الصلاة والسلام بكثرة ذكره حين قال (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ) [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن صحيح]
تذكر الموت يصلح القلب والحال ، يجعل العبد مستعداً له ،يعيش حياته بقرارات أخروية صحيحة لأنه يعلم الوجهة . 


كيف عرّفنا الله عز وجل على فكرة الموت ؟
 يقول الله عز وجل: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) (الجمعة : 8)

جميعنا نود أن نهرب من الموت وفكرة وجوده المزعجة ومفارقة الحياة ومن نحب، قال أحد الخلفاء لعالم من العلماء متسائلاً : ما بالنا نكره الموت ونحب الحياة؟

قال: لأنكم عمّرتم دنياكم وخرّبتم آخرتكم، ومن عمر المكان بالأثاث والبيوت وطول العمر عز عليه فراقه وكره أن ينتقل من العمار إلى الخراب إلى قبر لم يعد له وإلى موت يجهل مآله وما سيلاقيه!

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “وليس للمؤمن راحة دون لقاء الله”، إذًا حياة العبد حياة كد وكبد فلا راحة قبل لقاء الله.

من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر عليه أن يستعد وينتبه،

لقول الله عز وجل: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ))فاطر:37)، بلغ العبد من العمر إلى أن جاءه النذير ،

وهو دخوله في عمر 40 وقيل عمر 60 ، و قول آخر هي أول شيبة تراها في شعرك،

وقيل النذير هو الموت يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ) أخرجه الترمذي في سننه ،

ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( أعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ، إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ) أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن صحيح


هل نحن مستعدون للموت؟
يقول سفيان الثوري على لسان شيخ كبير قابله في مسجد الكوفة : “أنا في المسجد منذ 30 سنة أنتظر الموت!

لو نزل بي وأتاني، ما أمرته بشيء ولا نهيته عن شيء ولا لي على أحد شيء، ولا لأحد عندي شيء”.
 فنحن لسنا مستعدون للموت لذا نخاف ونرهب، وليس على العبد ذاك بل عليه أن يحرص أن تكون الفكرة حاضرة في ذهنه،

و أن لكل عبد كتاب لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ليعمل ويتقي، و أن ما بعد الموت هو البعث ولقاء الله عزوجل ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه .
 
العمل المنفصل عنك بعد موتك
العمل المنفصل عنك بعد موتك هو ما ورثته لأهلك من مال، ستحاسب عليه من أين جئت به وعلى ماذا أنفقته؟ ،

قال يحيى بن معاذ في ذلك : (مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما تحصل للعبد في ماله ، قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله، ويسأل عنه كله) .

المرء في ظل صدقته
أُهدي لعائشة رضي الله عنها  لحم فتصدقت به كله ولم تُبقي منه إلا الكتف لأن النبي عليه الصلاة والسلام يُحب الكتف ،

فعَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَقِيَ مِنْهَا»؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا» [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح]

صدقتك في دنياك هي ما يبقى لك ،وهو من يستقبلك يوم القيامة والمرء في ظل صدقته .

احذر الموت قبل أن تنتقل إلى دار تصير فيها تتمنى الموت فلا تستطيع ! قال تعالى : ( وَنَادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ) (الزخرف : 77 ).

في يوم القيامة أناساً تتمنى الموت لتخلص من العذاب و الحياة فلا يكون لها ذلك ، ولهذا الاستعداد للموت هنا حتى لا يكون التمني هناك.


الصحابة  و الخلفاء الراشدون  في استعدادهم للموت:
– معاذ بن جبل رضي الله عنه في مرض موته الأخير ،وفي آخر يوم له قال: هل أصبحنا؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم أني أعوذ بك من ليلة صبيحتها إلى النار 

ثم قال: مرحبا بالموت حبيب جاء على فاقة ثم قال: اللهم إني كنت أخافك وإني اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم لم أكن محب للدنيا وطول البقاء بها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار

ولكن لطول ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

-عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه  في مرض موته الأخير قال : ( أجلسوني فأجلسوه ، ثم قال يناجي ربه : أنا الذي أمرتني فقصرت ، وأنا الذي نهيتني فعصيت ، ولكن لا إله إلا الله ، ثم أحد النظر)  أي توفي.

الثبات في اللحظات الأخيرة :
ليس من السهل أن يثبت الإنسان في اللحظات الأخيرة التي يروغ فيها قلبه ولا يمكنه أن يثبت لولا أن يثبته الله عزّ وجل ،

قال تعالى 🙁 ُيثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) (سورة إبراهيم : 27 )،

فالعبد المؤمن الثابت على دين الله في دنياه يجازيه الله بالثبات في الآخرة.


هيبة وعظمة الموت في عصر التابعين :
-يقول الأعمش: كنا نشهد الجنازة ولا ندري من المعزّى فيها لكثرة الباكيين .
-ويقول إبراهيم النخعي: كانوا يشهدون الجنازة فيُرى ذلك فيهم أياماً (أي أن من يحضر الجنازة فيصلي عليها ويكفنها لايعود إلى أمور الدنيا سريعاً ويرى ذلك في ملامح وجهه وقسماته ).


أول صفة من صفات الموت :
الموت يأتي فجأة، فجأة الزمان والمكان يقول عزّ في علاه: (إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۭ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًۭا ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۢ بِأَىِّ أَرْضٍۢ تَمُوتُ ۚ) (سورة لقمان : 34 )


منهج الحياة :
1- أن لا يتعلق العبد بدنياه ، فيكون على استعداد للرحيل في أي لحظة. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي،

فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ» [أخرجه البخاري، صحيح].
2- اغتنام خمساً قبل خمس.
قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ” [أخرجه النسائي في الكبرى، وقال الألباني: صحيح]


كيف نستعد للموت؟ 
١. أن يراجع العبد فرائضه، الحلال والحرام، الأوامر والنواهي، وأن لا يمت و فيه شيء من الحرام.
٢.أن يكثر من ذكر الموت ليس الإكثار المفزع ، يقيس الذكر بحساب عقلي ومنطقي، أن هناك لحظة نهاية سيقف العمل بها وسيبدأ حينها الحساب ، ومن فوائد ذكر الموت :
1. رقة القلب :جاءت امرأ ة إلى عائشة-رضي الله عنها-: تشكو لها قساوة قلبها فقالت لها:أكثري من ذكر الموت، يرّق قلبك.
2. استصغار الدنيا في عين العبد : قال الحسن البصري-رحمه الله- ما ألزم عبد قلبه ذكر الموت إلا صغرت الدنيا في عينيه وهانت عليه جميع ما فيها.
3. من يكثر من ذكر الموت يكرم بثلاثة (يعّجل التوبة، يقنع قلبه، ينشط في العبادة) .
 
3. أن يتوب العبد توبة صادقة: ليس هناك أعظم من التوبة الصادقة قبل الموت،

 قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )(التحريم:٨)
4. أن يحسن الظن بالله  : عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ، يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ» [أخرجه مسلم، صحيح]


كيف يحسن العبد الظن بالله في لحظاته الأخيرة؟
قال الإمام النووي هذا الحديث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ، تحذيراً من القنوط وحث على الرجاء عند الخاتمة

يقول أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ؟»،

قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ»[أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: حسن]   

أي إذا اجتمع الخوف والفزع ما غلب جانب على جانب إلا أعطاه الله عز وجل ما يرجو وآمنه مما يخاف.

5. أن يستذكر مشاهد يوم القيامة، الصراط والحوض ودنو الشمس وعذاب البرزخ والشفاعة والجنة والنار ،

حين يستحضرها في ذهنه ستغير نمط حياته التي يعيش. عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ»

قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، – وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا – أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ

قَالَ: ” إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي”[أخرجه البخاري، صحيح]

عليك أيها العبد  أن لا تنتظر  أن يعتبر الناس بموتك : فطالما عزوجل أمد في عمرك لهذه اللحظة عليك أن تبادر بالتوبة وتستعد،

ولتعلم أن لا راحة للمؤمن حتى لقاء ربه ، و عليه أن يكثر من سؤال التوفيق للبشائر قبل الموت.
عن عائشة رضي الله عنها  لما سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول : «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»

قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ،

فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» [أخرجه البخاري، صحيح]

عائشة رضي الله عنها وهي الذكية الأريبة قالت: يا رسول الله كلنا نكره الموت، قال لها: ليس ذاك ولكن المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبالاً من الآخرة ،

أي إذا سمع المؤمن ملك الموت ، يقول يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، و رأى ملائكة الرحمة تبشره،

فقد أفلح وفاز وليس أمامه إلا الجنة، ففي هذي اللحظة يحب لقاء الله ولا يريد أن يمكث في دنياه دقيقة واحدة.

فحسن الختام بحسن العمل و الاستعداد، وأرشدنا نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى هذا الدعاء: (يا ولي الإسلام وأهله، ثبتني به حتى ألقاك) أخرجه الطبراني في الأوسط،

وقال الألباني: حسن الإسناد ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً في الحديث: ( إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، عَسَلَهُ “، قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: ” يَفْتَحُ اللهُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ ) أخرجه أحمد في مسنده، وقال الألباني: صحيح
يوفق الله العبد لعمل صالح قبل الموت أو ابتلاء أو أمر كتبه الله عليه ، فلا يزال الله ينزل بعبده البلاء حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة .
وليتذكر العبد أن من طيب الله حياته طاب مماته والعكس بالعكس ، وأن من  عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه  .
اللهم إنا نسألك الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار .


ملخص الدرس:

جزءٌ من إيمانك أنك تدرك أنه للحياة نهاية، و قصةُ كل إنسان ختامها أرضٌ تضمّه، فمنها ابتدأ وإليها يعود،

فهل استعددت لمثل ذلك اليوم؟ 

حديثنا اليوم حديث النهايات  في قول الله عز وجل: ( وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ) (النجم:42).

فهل نحن بالفعل خططنا لهذه النهاية الحتمية؟

لا نعلم متى سيكون الموت لكن علينا أن نعلم كيف نستعد له!

السؤال الأهم كيف نستعد لهذا اليوم ؟

١/أن تراجع فرائضك،

٢/أن تكثر من ذكر الموت.

٣/تستعد له بتوبة صادقة. 

٤/حسن الظن بالله .

٥/تكثر ذكر مشاهد يوم القيامة.


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.