بتاريخ ٢٣/ ٢ /١٤٤١هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )


يقول النبي ﷺ  «إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ»

كما أخبر عليه الصلاة والسلام عن فترة قادمة ستأتي على هذه الأمة سيكون فيها من يناقش في معنى النصوص الشرعية ،

ويعمد إلى تحريف التفسير والتأويل ؛ لذلك قال الله عزّ وجلّ عاتبًا على بني إسرائيل ومحذرًا من أن ننهج نهجهم:(يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

[البقرة: 75]

ما مآلات التأويل الباطل للنصوص القرآنية؟ 

ماذا سينتج عن هذا التوجه لو سُمح له بأن يتمدّد؟ وتمدد البحث عن الترخص وموافقة الهوى ؟

لو أن  كل واحد منا فكّر أن يبدأ بالتكلم في القرآن بغير علم، دون أن يتعلم اللغة العربية،

ولا يرجع إلى تفسير الصحابة حتى يفهم ما يُراد فالذي سيحصل:

 1- أنه سُيلغى العمل بهذا القرآن بالكلية

لماذا يُلغى؟ ليس لأن القرآن سيُمحى، لا القرآن سيبقى موجود ويكون في كل بيت،

لكن الذي سيُلغى أن تجد الناس تتعامل مع القرآن باتخاذه منهج حياة أو تستهدي به،

هذا الذي سيحصل! لأنني لمّا أقرأ القرآن لا أعرف كيف أفهمه

جاء في الحديث عن أبي الدرداء قال: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ

ثُمَّ قَالَ: «هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ العِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ» فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيُّ:

كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا القُرْآنَ فَوَ اللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا،

فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ عِنْدَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟»

فالتوراة والإنجيل ما زالت موجودة ويرتلونها في كنائسهم وفي معابدهم، وما زال عندهم قساوسة ورهبان وكهَّان لكن أين الدين؟

الدين ذهب؛ لأنهم حرّفوا نصوص التوراة والإنجيل على غير مراد الله وهذا ما يريدون فعله بالإسلام.

وتخيل غدًا ما الذي ستربي أبناءك عليه؟ الأجيال على ماذا تنشأ إذا ما كانت تُعظّم كلام الله؟

نحن لا نُعظم القرآن كصفحات ولا نتبرك فيه بوضعه فوق رؤوسنا مجرد التبرك، نحن نعظم ما فيه كلام الله ونأخذه لحياتنا.

2– يُلغى الفهم الصحيح للدين

لأننا طالما ألغينا القرآن فمعناها أننا سنلغي الفهم الصحيح للدين، ونصبح نحن لا نفهم هذا الدين أساسًا ونظن أنه شيء مختلف،

ودعوني أقول لكم مثال على واحد من بني جلدتنا ويتكلم بلساننا، عربي يلبس ثوب و غترة  يكتب: “أن محمدًا جاء ليصحح أخطاء الجاهلية،

وآن الأوان لنصحح أخطاء محمد!” حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو يسمع هذا الكلام من أمته

وهو الذي ينتظرنا على الحوض ينادي : أمتي أمتي، فتقول له الملائكة: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك!

فلما نأتي إلى أمثال هؤلاء ويقولون لك نحن لا بد أن نعيد ونفكر بإسلام ثانٍ لأن الإسلام الذي نزل قبل قرون ما عاد يناسبنا!،

هل اختلفت البشرية؟ اختلف جنس الإنسان؟ ما الذي حصل؟ البشرية ما زالت نفسها! الحق والباطل نفسه! الإنسان هو نفسه!

إذا اختلفت موازين التقنية فهذا ليس بشيء، أما ما قاله الله عزّ وجلّ وقال رسوله فهو كما هو.

لذلك الله سبحانه يقول:(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

[آل عمران: 85]

هؤلاء يريدون أن يُفهموا الأجيال من بعدنا أن هناك دين مختلف بخلاف الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم،

عندهم مشكلة في هذا الدين ويريدون أن يفهمونا إياه بطريقة أخرى.

كتهجمهم مثلا على قضية تعدد الزوجات في الإسلام وتساهلهم مع العلاقات المحرّمة وماينتج عنها من تلوّث واختلاط في الأنساب .

بسطوا دائرة الإيمان الذي يريدون قالوا: يا جماعة الإيمان ليس هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره،

كثير أن نؤمن بهذا ! يريدون أن يشركوا معهم اليهود والنصارى، و يأتي آخرون بعدهم بسنوات

يقولون :نحن لماذا نجعل اليهود والنصارى فقط هم الذين يشتركون معنا؟ والبوذيون؟ والذين يعبدون البقر؟ والذين يعبدون الفئران؟

يا جماعة هؤلاء عندهم آلهتهم يحترمونها! حتى هؤلاء لا يدخلون الجنة؟! حرام نحن بهذه الطريقة ما أدخلنا أحد إلا المسلمين والموحدين،

طيب وأنتم ماذا تقولون؟ ما هو الإيمان؟ قالوا :”الإيمان بالله وبالاستقامة” والاستقامة عندهم الخير،

يعني تؤمن أن الكذب غير جيد والصدق جيد، وتكون إنسان سليم بالعموم،

طيب معناها هم يبشرون بدين آخر ليس له علاقة بالدين الإسلامي ولا بالذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام،

لذلك يقول صلى الله عليه وسلم 🙁 «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ»

حتى نفهم الدين يجب أن نفهم مصدره وهو القرآن

[ فكيف يجب أن نفهم نصوص القرآن الكريم ؟]

1-لا نفهمها بمجرد تحكيم أهوائنا وعقولنا، وإنما نفهمها كما فهمها سلف الأمة كما جاء به الكتاب والسنة

حتى نفهمه يجب أن  نعرف الناس الذين نزل عليهم، وكيف نعرف القرآن من غير أسباب النزول؟ والناسخ والمنسوخ .

قال الله عزّ وجلّ 🙁 وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )

[النساء: 115]

هذا نص على أن نفهم كما فهم سلف الأمة

ينبغي أن نفهم عنايتهم بتلك النصوص فهؤلاء السلف ليسوا بأي أناس، الصحابة كما أن الله اصطفى رسوله صلى الله عليه وسلم اصطفى من حوله،

ولماذا يصطفي من حوله؟ لأن هؤلاء الصحابة هم من بلّغ الدين بعد رسوله وهم أعظم الناس في فهم مراد الله عزّ وجلّ

فتفسيراتهم للقرآن الكريم هي أول ما نجده حين نقرأ في تفسير ابن كثير أو السعدي مثلا النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فجعل الخيرية فيهم .


2-لا بد أن يكون لنا علم باللغة العربية

قال الله عزّ وجلّ في غير آية في كتابه :

( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ([يوسف: 2]، )

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ([فصلت: 3]، )

إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ( [الزخرف: 3]

تخيلوا هذا الكم الهائل من الآيات التي تقول أن القرآن نزل بلغة عربية، ولذلك قال الحسن: “أهلكتهم العجمة، يتأولونه في غير تأويله”

حينما قال الله عزّ وجلّ 🙁 وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ )

[الحج: 27]

فهمها من لا يعرف العربية، أن “رجالًا”: هم الذكور، بينما ) يَأْتُوكَ رِجَالًا(  يعني على أرجلهم )وَ عَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ (: يعني ركبانًا  إذن الآية مختلفة تمامًا!

يعني لما تكون أنت ما تفهم اللغة العربية تصير تألف في كلام الله عزّ وجلّ في غير كلامه،

ومثله لما قال الله 🙁 وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) [النساء: 3]

يأتيك أحدهم فيقول الله أحلّ تسع ! يأتي القرطبي ويتكلم عن هذا في تفسيره ويقول: “هذا مما يستقبح فإن العرب لا تقول ائتني بأربعة ستة ثمانية إذا كان يريد أن يقول ائتني بثمانية عشر”

إذن لما يكون اللسان فيه عجمة نحن نفهم القرآن بهذه العجمة،


3-لابد أن نرجع للقواعد والأصول

وهذا باب كبير لن نستفيض فيه، لكن دعوني أعطيكم مثالًا واحدًا: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب،

هذه واحدة من القواعد وهي سهلة وبسيطة ونفهمها كلنا، ولكن علينا ألّا نقرأ القرآن من غير أن تكون عندنا هذه القواعد الأساسية.

فلما أنزلت آية التيمم نزلت على جيش محدد بأعداد محددة. لما عائشة رضي الله عنها فقدت القلادة فتوقف الجيش وصاروا يبحثون عنها وما كان عندهم ماء

وجاء وقت الصلاة وهم ما زالوا يبحثون، فأنزلت هذه الآية وهي آية التيمم، لو جئنا طبقنا هذه القاعدة سنقول لا يا جماعة وأنتم على أي أساس تتيممون،

هو أبيح لهم في ذاك الزمن فقط، في تلك المعركة فقط، لكن ما نأتي الآن ونقول بها!

نحن نقول لا، عندنا قاعدة شرعية استنبطها الفقهاء والعلماء  من سلف الأمة تقول: “أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”

لأن القرآن نَزَل إلى قيام الساعة، ما نزل فقط للصحابة هو نزل إلى قيام الساعة.

 لماذا ثمة أناس لا يريدون فهم  هذه القاعدة؟ وهناك أناس يقولون  لا هو بخصوص السبب هو نزل لهم لماذا؟

حتى لا يطبقون الأحكام، مثلا في حكم 🙁 وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ )

[المائدة: 38]

يقولون يا جماعة نحن في القرن العشرين و أنتم تقطعون أيادي ما هذا التخلف؟  سجن ويكفي. طيب والقرآن؟ الآية واضحة!

ما قال: عاقبوهما كما ترون، قال الله عز وجل: ( فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)

[المائدة: 38] 

تتخيلون مع تطبيق هذا الحكم كم سيفكر الإنسان قبل أن يسرق؟!  قاعدة بسيطة مثل هذه القاعدة نجدهم يحاربونها حتى لا تكون سببًا عليهم.


4- من القواعد أيضًا أننا نرد المتشابه إلى المحكم

فعندنا حكم معين فيقول لك هذا الحديث غريب، عائشة رضي الله عنها قالت كذا وأبو هريرة قال كذا فما فهمت،

قل له: لا تفهم الآن عندك آية محكمة في القرآن تقول لك كذا، فخذ بالذي في القرآن طيب، ولذلك لا تذهب للمتشابه وتطيل فيه،

إذا كان عندك آية أو دليل محكم كن عنده وردّ المتشابه إلى المحكم.


5- والقاعدة الأخيرة أننا نجمع النصوص الواردة في الحكم المعين أو في الباب الواحد

ولذلك لما يأتي أحد ويقول لك: الخمر ليس حرامًا، كيف؟ يقول: لأن الله عزّ وجلّ يقول 🙁 لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ) [النساء: 43]

يعني فقط الحرام في مقربة الصلاة ! طيب  اجمع كل الأحاديث! هذه فقط أول آية نزلت في تحريم الخمر وكلنا نعرف أنها نزلت بالتدرج، وعندنا آية في الأخير يقول الله عزّ وجلّ:

(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)

[المائدة: 91]

يعني متى ستنتهون؟ هذه نص في التحريم، ما عاد هي قضية لا تقرب أو فاجتنبوه. لذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع الآية

قال: انتهينا انتهينا، وسُكبت الخمور في سكك المدينة. إذن ما نأخذ القرآن مجتزأ، هم يعرفون أن الأغلب منّا لا يقرأ،

وكثير منا أصلًا لو قرأت القرآن وختمته لا تستوعب ولا حافظة كل الأدلة في الباب الواحد، فيأتيك واحد من هؤلاء الكُّتاب أو الذين يسمون أنفسهم بمفكر إسلامي

ويحضر لك آية واحدة، ويقول لك: انظر جائز!  تقول:: نعم جائز، يا الله طلع الأمر جائز! وضُحك علينا طوال هذه السنين!

طيب اجمع الأحاديث كلها مع بعض وتأكد أن الأدلة الثانية كلها تشرح بعضها البعض..


في الختام هذه خمس نقاط مهمة:

أولًا: لا بد لنا أن نرسّخ الحق في نفوسنا

لا تترك نفسك لشبه خطّافة؛ نحن معرَّضِين بدرجة كبيرة لأن نسمع أي شيء.

ليس شرطًا أن نقرأ كتبهم  مجرد متابعتك لمجموعة من الناس في وسائل التواصل تجعلك لا شعوريًا تناقش في مسائل شُبه و غيرها.

 إذن كيف تحمي نفسك؟ كيف تحافظ على نورك الداخلي ؟

أن تفهم أنت أن الحق عندك نورك، وأنك لو ما حافظت عليه سينطفئ، لذلك الله عزّ وجلّ :(أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)

[الأنعام: 122]

سمى الله مَن لا يعرف كتابه ولا دينه بالميت

ابن القيم –رحمه الله- يقول :”إن لا إله إلا الله في القلب لها نور، ونورها بحسب الإيمان وهي تموت من الشبهات أمامها بحسب ذلك النور”

كلما كان نوركِ أقوى، أحرق الشبهات أكثر.

من المهم أن تبني نفسك هذا البناء لأنه لن يستقر الحق في النفوس دون علم شرعي، الحماس لوحده لا يكفي ومجرد أن نكون عاطفيين هذا لا يكفي،

لكن لا بد من أن تبني نفسك وتحاول انتقاء المدخلات التي تدخل إلى دماغك وبشدة، لأننا من حيث لا نشعر يوجد ألف مدخل في اليوم  يدخل إلى دماغك،

وأنت فقط انتبه لنفسك، وانتبه إلى الكم الهائل الذي  تأخذه، من تتابع؟ لمن تسمع؟ لمن تقرأ؟ ولاحظ كيف تتشكل قناعاتك من غير تفكير،

وعندما تكثر قراءتك عن شيء معين أو ترداد جملة معينة بين الكل تصير ترددها، وربما حتى أنت في يوم من الأيام لم تكن مقتنع بها.

ثانيًا: ادع الله عزّ وجلّ أن يسلمك من الفتن

ولا تظن أن الأمر سهل! قال الله عزّ وجلّ عن المؤمنين:

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)

[آل عمران: 8]

معناها أن الإنسان ممكن يُهتدى بهدي الله ثم يزيغ قلبه، وكلمة “يزيغ” تعني أن القلب كان مهتدي لسنوات ويعرف طريق الحق ثم زاغ عنه.

ثالثًا: نصيحة النبي عليه الصلاة والسلام :(إياكم وإياهم)

وهذه الكلمة معناها: احذروا من أن تسلموا أنفسكم لهم،

قال الإمام مالك –رحمه الله-: “أكلما جاءنا رجلٌ أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله”

وهذا كلام منطقي لأن الشرع لو يتبع أهواء الناس ففي كل سنة سيخرج لنا دين جديد. خذ دينك عن علم ولا تسلم عقلك لهؤلاء الذين يفتون في دين الله عزّ وجلّ بغير علم،

قال عمر بن عبدالعزيز –رحمه الله- :”أيها الناس، إن ليس بعد نبيكم نبي ولا بعد كتابكم كتاب ولا بعد سنتكم سنة ولا بعد أمتكم أمة” 

تريد أن تعرف أين الطريق الصحيح في سنة محمد صلى الله عليه وسلم، أمسك بغرسه تلمَّس خطواته وستصل.

 الصحابة بلّغوا دين النبي عليه الصلاة والسلام بلغوه بصدقه ووصل إلينا والدور علينا، نحن ماذا نفعل به؟

هل نوصله لمن بعدنا أو نكون من الناس الذين ساهموا في هذا الهدم

رابعًا: احرص على أن تعمل بما علمت

لا تتكل على أنك حضرت أو سمعت فقط، أنت ما دورك؟ وأريدك فقط أن تتخيل شيئًا واحدًا،

إذا قامت القيامة وتقابلت مع الرسول عليه الصلاة والسلام وسألك بنفسه: ماذا فعلت لأمتي؟ ماذا كان دورك مع أمتي؟

فلا قيمة لهذا العلم لو لم نعمل به، ولذلك أغلب هؤلاء الناس الذين يتحدثون وفق أهوائهم إنما هم أُناس يعلمون ولكنهم لا يعملون.

خامسًا: إذا عصيت فلا تبرّر

لو كتب الله عليك أن تعصي، وتلطخت وتلوثت وما استطعت أن تبعد نفسك عن الحرام وكتب عليك هذا الحرام وفعلته فلا تبرر معصيتك

ربما كسرة قلبك ورجفته بذنب أنت فعله وأنت تعلم أنك على خطأ أهون ألف مرة من أنك تفعل الذنب وأنت تستبيحه وأنت تحلله لنفسك وتحلله لغيرك،

إذن إذا عصيت فلا تبرر وإنما اعلم أنك على ذنب واسأل الله أن يغفر لك ويعفو عنك، و لا تمت على ذنبك وأنت معاندٌ لله مجترئٌ عليه مستبيح لما حرّمه.

و فوق هذا كله قال الله عزّ وجلّ:

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )

[المائدة: 3]

إذن الله عزّ وجلّ رضى لنا هذا الإسلام دينًا، و أتم علينا هذه النعمة وأتم لنا هذا الدين،

فلا يمكن لإنسان أن يقول فيه أو يكتشف شيئًا لم يخبرنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته من بعده،

دورنا نحن أن نحافظ على هذا الدين كما وصلنا غضًا نقيًا كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


النص في الأعلى هو ملخص لأهم أفكار المحاضرة ،

* تنويه: جميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.