بتاريخ ٢/ ١/ ١٤٤٦ هـ
لسماع المحاضرة صوتًا
( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )
دخلنا في أول ليلة من ليالي شهر الله المحرم للعام الهجري الجديد 1446، وهذا الدخول يعني كثيراً للمسلم؛ بأن ينتبه لحياته،
فانتهاء عام وبداية عام فيها دروس كثيرة، على الصعيد الشخصي أو على صعيد العالم بأكمله منها دول قريبة منا عايشنا ما حصل فيها كما يحصل الآن في فلسطين وغيرها.
هذه السنة لم تكن سنة عادية على كل الأصعدة! لذلك لو رجعنا الآن اثنتي عشر شهر للوراء وسألتك..
هل تذكر شيئًا مهمًا حصل خلال هذه السنة؟ على الصعيد النفسي والذاتي؟ هل هناك تغيير حصل في داخلك؟ للبعض قد لا يكون هناك أي تغيير،
وأصلًا لم يعني لهم بأننا دخلنا عام جديد! والبعض قد يقول الحمد لله أنه دخل عامًا جديدًا..
هذه السنة لم تكن طبيعية، على الأقل بالنسبة لي! وهذا الشعور هو الذي نريد أن نتحدث عنه اليوم،
وسنأخذ بإذن الله عشرة نقاط في ابتداء العام الجديد..
كيف يمكن أن تستقبل سنة من عمرك إضافية
وأقصد بإضافية أن الله مد لك في العمر إلى أن أعطاك هذه السنة هدية، فماذا يمكن أن تستقبل هذه السنة بها؟
وقبل أن نتكلم دعونا نعرج قليلاً على القرآن وكيف يعلمنا أن ننظر للدنيا بشكل عام سواء هذه السنة أو السنوات القادمة،
قال تعالى: ﴿ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا كَمَاۤءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِیما تَذۡرُوهُ ٱلرِّیَـٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء مُّقۡتَدِرًا﴾ (الكهف:٤٥)
هذه الجملة اختصرت لك مشهدًا كبيرًا وعرضت لك فصول السنة الأربعة كُلِها، فتبدأ من اللحظة التي ينزل فيها المطر على أرضٍ جدباء لا شيء فيها،
إلى أن تهتز هذه الأرض وتخضر ويخرج منها الثمار والورد، ويذهب الناس لجميل ما خلق الله من الخضار والجبال الباردة..
كل هذا المشهد لا يلبث إلا أن يأتي خلفه فصل آخر، فيجف ذاك النهر وتجف تلك الأرض ولا يبقى منها أي شيء! وكل ذلك الجمال ينتهي ويذهب..
هذه النقلة التغييرية التي تحصل للأرض عندما تصبح جافة قاحلة لا يمكن للإنسان العيش فيها، هذا هو ما يشبهه الله لنا بالدنيا،
فكل ما يحصل من تغيرات في تلك الدنيا التي تهتز لك وتطرب، وكل ذلك الجمال الموجود ستمر عليه الأيام ويذهب،
هذا كله ما يقول الله عز وجل بالآية التي بعدها مباشرة: ﴿ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ﴾ (الكهف:٤٦)
هذه تكملة الشطر الأول بعدها في قول تعالى: ﴿وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابا وَخَیۡرٌ أَمَلا﴾(الكهف:٤٦)
وفي سورة مريم، قال تعالى: ﴿وَخَيْرٌ مَّرَدًّا﴾ (مريم:٧٦)
إذن الرد مرة أخرى والأمل الأكبر هي في هذه الباقيات الصالحات التي نريد أن نتكلم عنها الليلة لنبدأ بعشرة نقاط:
أول نقطة من هذه النقاط في استقبالك لهذا العام:
لا تكن كنودًا
ما معنى كنودًا؟ بعض الناس في بداية سنة ونهاية سنة لم يعني لهم الأمر، حينما يسمع شيء عن مثل هذه الدروس أو غيرها،
يقول أول كنا نكتب أهداف وكنا نكتب خطة بس الآن ما يهمنا! هذه السنة نفس الذي قبلها، والتي قبلها نفس التي قبلها.. وهذه النظرة هي نظرة كنود!
ولذلك بعضهم نقول له ما الجديد؟ يقول لك: لا جديد. كيف لا جديد؟
كل خير يأتيك من الله عز وجل هو جديد، كل يوم هناك نعمة جديدة في حياتك لا تستطيع أن توفيها حقها،
فعندما تكون حي ترزق كل يوم فهذه نعمة جديدة؛ لأن غيرك نام ولم يستيقظ! وعندما تقوم وتمشي وتتحرك هذه نعمة جديدة؛
لأن غيرك مريض وغير قادر على الحركة! وعندما تكون أن حر طليق فهذه نعمة جديدة؛ لأن غيرك مسجون مأسور! وعندما تكون مسلم وإيمانك قوي اليوم فهي نعمة جديدة؛
لأن غيرك فُتن في الدنيا اليوم من جديد! كل هذه نعم جديدة عليك..
الإنسان الذي ينظر إلى الجانب السلبي في الحياة وينسى ذلك الزخم الكبير من النعم هذا إنسان كنود،
ولا ينظر إلى أكوام الخير المغمور بها، ولذلك كن عبد الله الشاكر ولا تكن عبد الله الكافر.
ولكي نعرف زحام النعم التي نعيش فيها، سأحكي لكم عن مقابلة حصلت مع ضعاف السمع الذين ركبوا سماعات جديدة لرفع كفاءة سمعهم،
فسألهم المذيع: هل في شيء كنتم تعتقدون أن له صوت وهو بدون صوت؟ فيقول أحدهم: أنا أول يوم ركبت فيه السماعة في تلك الليلة،
طول الوقت وأنا أحرك اللحاف، كان الشعور مريح ومطمئن بصوت اللحاف، تخيل شعور الوحدة والصمت القاتل الذي كان يعيشه!
وكيف أنه فقط صوت اللحاف على السرير أعطاه شعور بالطمأنينة.. كم عدد النعم المنسية التي نحن فيها؟
لذلك كانوا يقولون إذا عينك أهملت رؤية النعم كنت معرض لفقدها، والنعمة التي تشعر أنها حق لك فأنت معرض إلى أن تفقدها.
لابد أن يكون لك عمل صالح يدافع عنك
يقول أحد السلف قال :”لعبد جنود يدافعون عنه منها عمله الصالح” فمن الجنود الذين يدافعون عنك في أوقات الفتن وأوقات البلاء هي الأعمال الصالحة،
ودليل على ذلك أصحاب الصخرة الثلاثة الذين أُطبقت عليهم الصخرة والتي ذكر الله قصتهم في سورة الكهف،
وما فتحت إلا بعملهم الصالح، والمرأة التي سقت الكلب ودخلت الجنة،
وقصة النبي يوسف -عليه السلام- عندما أتته لحظة الفتنة في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف:٢٤)
فلاحظ العبادة كيف وأين أتت وفي أي لحظة! أتته في لحظة الفتنة وليس لحظة الكرب..
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾ (يوسف:٢٤)
كان هو ولحظة الفتنة وجهًا لوجه، وهو مندفع إليه وعلى وشك أن يتلطخ به؛ لكن الله أنقذه منه بطاعته وعبادته.
لمن يحب معالي الأمور و أكملها :
يجب أن تبادر بالأعمال ولا تؤخرها فهو من شيم أهل المعالي؛ قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:«إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، و أَشرافَها، و يَكرَهُ سَفْسافَها» المصدر: صحيح الجامع
يحب الله لك إنك تكون في معالي الأمور سواء في العبادات و العلم و الدعوة وفي مشاريعك أنت ،
إنك ما تختار تعبد الله عز وجل على الحد الأدنى ولا تقبلين سفاسف الأمور ،
قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:«أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ نُودِيَ في الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللهِ، هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلاةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهادِ، دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ،
ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيامِ، دُعِيَ مِن بابِ الرَّيّانِ …» المصدر: صحيح البخاري
فنحن ننظر إلى أبواب الجنة الثمانية ونتمنى ونجتهد للدخول من أحد أبوابها، لكن عندما نقول أننا نريد أن نكون من أهل المعالي
فيجب أن نتمثل بردة فعل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- عندما سمع هذا الحديث
فقال:«يا رَسولَ اللهِ، ما علَى أحَدٍ يُدْعَى مِن تِلكَ الأبْوابِ مِن ضَرُورَةٍ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوابِ كُلِّها؟
قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ، وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ» المصدر: صحيح البخاري
يقول المتنبي : “ولم أر عيوب الناس عيبًا كنقص القادرين على التمام”
لا يوجد نقص أو عيب في الإنسان إلا أن يكون بنفسه قادرًا على إتمامه وتصليحه ومع ذلك يأبى أن يتم أموره على الوجه الذي يرضي الله عز وجل به،
مثل من كان على رأس الشر بشخصية قيادية ،و لما تاب قرر أن لا يكون له دور! مع وجود الشخصية و القيادة والمؤهلات ،
أين ذهبت الآن؟ وهذا كما قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- في الجاهلية: أجبار في الجاهلية خوّارٌ في الإسلام؟
فلا ترضَ أن تكون خوار وضعيف لذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعادِنَ، خِيارُهُمْ في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإسْلامِ،
إذا فقِهُوا، وتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ في هذا الشَّأْنِ أشَدَّهُمْ له كَراهيةً. وتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذا الوَجْهَيْنِ الذي يَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ، ويَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ» المصدر: صحيح البخاري
الناس التي تقاتل من أجل السمعة والجاه فلا تغفل عن هذا الشرف:
شرف المؤمن قيامه بالليل، فكم هو نصيبك من هذا الشرف؟
وهل تتمنى وتعمل لأن تكون من أهل قيام الليل أصحاب مئة ركعة أو عشرة ركعات؟ الشرف هو الجاه، والجاه هو من تتقاتل عليه الناس في الدنيا حتى يكونوا من أهله،
والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصحح لك تلك النظرة القاصرة في أن تكون صاحب جاه في الدنيا دون الآخرة،
فما هو نصيبك من هذا الشرف؟ وما نصيبك من وردك القرآني اليومي؟
عثمان بن عفان-رضي الله عنه- قال:” لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا، يدخل في سورة طه ثم سورة الإسراء، ثم سورة الكهف ثم سورة يوسف وكأنه يتنقل من جنة إلى جنة فكن من أهلي المعالي”.
إن لم تكن في علو كنت في نزول
هذه الكلمة هي واقع حقيقة ليست فقط شعار ،فالإنسان إذا لم يكن في علو فهو في نزول فهو كائن متحرك،
فاللحظة التي توقف فيها أنت نزلت، مافي خيار، مافي شيء اسمه وقوف هذا اسمه نزول ،
و هذا النزول يحتاج منا إلى إلى وقفة صادقة وجزء من هذا العلو إنك أنت تبدأ تتفحص في إيمانك خلال السنة اللي مضت و مهم إنك أنت توقف مع نفسك .
اترك وراءك أثرًا
هذه العبارة مشهورة، والناس بدأت ترددها على أنها شعارات رنّانة، والمقصد في الأثر هو الأجر،
ولا يكون إلا بحسنات جارية لك في أن تعمل صالحًا فأي مكان تذهب إليه ، تكون مباركًا أينما كنت، و أن يكون من دعائك اليومي،
دعوة عيسى ابن مريم-عليهما السلام-: “اللهم اجعلني مباركًا حيثما كنت” ،
عندما نقول مباركًا: أي إلى أن نموت وما بعد الموت وإلى آخر الزمان وحتى يأتي يوم القيامة، كما دعا عيسى ابن مريم.
في عامك هذا الجديد عليك أن تدعو الله عز وجل أن يجعلك مبارك حيثما كنت، في كل الدوائر التي تعيش فيها، في جمعتك مع أهلك،
وجلستك مع أصدقائك ومكان عملك وجامعتك ومجتمعك، لا ترضَ أن تكون إنسانًا صفريًا في هذا العالم! بل كن فاعلًا بين دائرتك بفعل الخيرات.
الإسلام ليس فقط أن تسلم لله، بل أن تتحول إلى شخص إيجابي، ولذلك كلما اقترب الإنسان إلى الله عز وجل تزيد طاقته ولا تنضب،
طوال يومه يقبل على الخير ويريد أن يعلم الناس وأن يكون لغيره النور الذي يتمناه لنفسه، وهو يردد دعواته ليلًا نهارًا، ويقول: اللهم اجعلني نورًا.
لا تكن إنسان سلبي في أي مكان كان، فإذا زرت منطقة ما و أخذت قائمة الأماكن لزيارتها ، لا تنسى زيارة المركز إسلامي هناك ،
و اسأل الإمام هناك و المسلمين ناقصكم شيء؟ ممكن اللي ينقصهم مصاحف، فمثلا ترسلها لهم بالشحن ،
ولذلك شيخ ابن عثيمين-رحمه الله- عليه كان يتفقد بهذا السؤال الطلاب المبتعثين ويقول لهم: اسألوا ماذا يحتاج المسلمين هناك؟ فأحد الشباب بلغه بإن السجون فيها ناس كثير مقبلة على الإسلام لكن لا توجد مصاحف. فقرر الشيخ ، سنوياً إرسال مئات المصاحف لهم .
إذن كن مبارك حيثما كنتِ، واجعلها من ضمن شعاراتك لهذه السنة واحتسب النية، مع أولادك، عيالك وزوجك.
حدد هدفك لهذه السنة
ولا أقصد أن تكون هذه الأهداف نظرية، إنما تحديد ذلك الهدف والمشروع التي تريد أن تنجزه هذه السنة، وضع لنفسك حد إلى أن تأتي ١/١/١٤٤٧هـ وتكون قد انتهيت منه بعون الله!
ومن المشاريع المقترحة:
– مشروع الغمامة، وهو حفظ الزهراوين (البقرة وآل عمران)
-مشروع الظل، وهو أن تكون تحت ظل العرش بأن تكون أحد الذين ذكرو في الحديث، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ،
وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،
فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ” المصدر: صحيح البخاري
-مشروع المباهاة، وهو أن تبقى وتكون في الوقت الذي يباهي الله عز وجل فيه عباده أمام الملائكة،
وهو وقت الفجر ووقت العصر، فلما يسأل الله عز وجل الملائكة، ويقول: من أين أتيتم؟ يقولون: أتينا من عند عبادك، تركناهم يصلون وأتيناهم يصلون!
-مشروع الثبات على الصراط، فثباتك على دين الله عز وجل يجعلك تثبت على الصراط، فمن ثبت هنا ثبت هناك،
وأيضًا سعيك في حاجات الناس، ومساعدتهم على قضاء حوائجهم هذا يجعلك تثبت يوم القيامة على الصراط.
ومن المهم لما تكتب أهدافك ومشروعك ألا تغفل عن مثلث الحياة، وهو: العمل والعلم والعبادة، وخذ ورقة واكتب فيها عمرك،
واكتب فيها ٦٠ واكتب ماذا تود أن تفعله من اليوم حتى يكون عمرك ٦٠ سنة،
قال النبي-عليه الصلاة والسلام-: « – أعمارُ أمتي ما بينَ الستِّينَ إلى السبعينَ وأقلُّهم من يجوزُ ذلِكَ» المصدر: صحيح الترمذي،
فيفترض ألا يأتي عليك الستين إلا وقد فعلت كل ما في جعبتك من الخير.
لا تغفل. لا تغفل عن عامل الزمن
عامل الزمن مهم جدًا ولذلك أقسم الله عز وجل به، قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)﴾ (العصر: ١-٢)
لماذا يجب ألا نغفل؟ لأنه ما الفرق بين الشيء الرخيص والغالي؟ الرخيص مثال عليه كوب الورق لو رُمي،
هل يحزن عليه أحد أو يتحسر عليه؟ لا؛ لأنه رخيص، لكن ماذا لو كان هذا الكوب من طقم غالي،
وانكسر! كيف تشعر؟ بحزن عظيم، لماذا؟ لأنه غالي ولا يعوض؛ لكن الأساس أن لو شيئًا لا يتعوض في حياتك فهو وقتك وعمرك، وهذا لو ذهب غير قابل أساساً للتعويض.
فتّش عن الرفيق الصالح
فلو اسألك أنت في خلال هذه السنة الماضية كم رفيقة صالحة تعرفت عليها؟ إنسانه تعينك على الخير وتزيّنه لك ،
خسارة العمر أنك أنت ما لقيت لك إلى الآن ، فتش عن هذا الرفيق الصالح ، فعمر-رضي الله عنه- ما كان عمر إلا لأنه رفيقه أبو بكر-رضي الله عنه- فالاسمين اندمجوا مع بعض،
واثنينهم استفادوا من بعض، ولذلك عمر-رضي الله عنه- يقول: ما سابقت أبو بكر-رضي الله عنه- إلى شيء إلا سبقني،
فهم أصلاً في منافسة، وتذكر أن المجتمع أصعب من أن الإنسان ينفرد فيه لوحده، فالحياة متطلبة
أنوِ الخير إذا تشابكت عليك أمورك
مجرد هذه النية الطيبة التي تنويها قد تكون سببًا للفرج، يقول السلف-رحمهم الله-:”المرء يبلغ بنيّته ما لا يبلغه بعمله ونيّة المؤمن خير له من عمله”.
بمعنى أن هذه النية الصالحة الصادقة يبلغّك الله عز وجل فيها ما لا يبلغها العمل، فإذا نويت الخير ثم حبسك حابس عنه أو صرفك عنه من صوارف الحياة فالله عز وجل يكتب لك نية ذلك! .
النقطة العاشرة اتركها لكم فارغة (………….)، حتى تكتبوا فيه شعاركم لهذه السنة..
هذه التسعة كانت مجرد إلماحات حتى يستقبل الإنسان فيها عامه الجديد بشخصية جديدة، بقدراتك ومواهبك وحياتك أنت، بقدراتك وبنظام حياتك،
بالمجتمعات التي تخالطها، فاكتب أنت بنفسك.. ماذا يمكن أن يكون شعارك؟ اكتب واعلم أن من يصدق الله عز وجل يصدقه،
فمن يصدق مع الله عز وجل بنية الخير يصدقه الله عز وجل فييسر له هذا الأمر، وبداية الأمر وآخره هو سؤال الله عز وجل الهداية والإعانة والتسليم.
* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.