بتاريخ ١٨/ ٤/ ١٤٤٦ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

حاجتنا إلى الإحسان

غراس الإحسان الذي تزرعه على هذه الأرض ستتفيّأ من وارف ظلاله يومًا، والجزاء من جنس العمل

حديثنا اليوم عن معنىً عظيم من معاني الإيمان، هذا المعنى قال عنه ابن القيم: “هو لُبّ الدين وروحه وكماله”،

في هذه المرتبة من مراتب الإيمان. قال الله -عزّ وجلّ-: {ذَ ⁠لِكَ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ (٦) ٱلَّذِیۤ أَحۡسَنَ كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَـٰنِ مِن طِین (٧) [سُورَةُ السَّجۡدَةِ: ٦-٧] 

وقال الله -عزّ وجلّ- كذلك: {ٱللَّهُ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارا وَٱلسَّمَاۤءَ بِنَاۤء وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِۚ ذَ ⁠لِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ } [سُورَةُ غَافِرٍ: ٦٤]

وقال -سبحانه وتعالى-: ({ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ⁠ت طِبَاقاۖ مَّا تَرَىٰ فِی خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُت فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُور (٣)

ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَیۡنِ یَنقَلِبۡ إِلَیۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئا وَهُوَ حَسِیر (٤) } [سُورَةُ المُلۡكِ: ٣-٤]

ويقول -عزّ وجلّ- عن نفسه: { وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَة وَهِیَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ أَتۡقَنَ كُلَّ شَیۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِیرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ } [سُورَةُ النَّمۡلِ: ٨٨]

الصفة التي سنتحدث عنها اليوم هي صفة الإحسان ومرتبته.

بدأنا بهذه الصفة التي ذكرها الله -عزّ وجلّ- في كتابه عن نفسه؛ لأن الله -عزّ وجلّ- كما يقول ابن القيم:

“كريم يحب الكرماء، جميل يحب الجمال، عفو يحب العفو، صبور يحب الصابرين، شكور يحب الشاكرين”.

فالله -عزّ وجلّ-حينما يأمر عباده بأي مرتبة، أو بأي صفة من صفات الإيمان فإنه يحب من عباده أن يتصفوا بها؛ لأنه -عزّ وجلّ- له صفة الكمال المطلق من هذه الصفة.

ولذلك خلق الله -عزّ وجلّ- كل شيء فأحسن خلقه. وقال لعباده: {وَأَحۡسِنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٩٥]

هذا أمر مباشر لنا جميعا أن لا نتعبد الله -عزّ وجلّ- بعبادة عادية، بل أن نحسن هذه العبادة. 


:كتب الإحسان على كل شيء

كتب الله -عزّ وجلّ- الإحسان على كل شيء. قال النبي ﷺ: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح) [صحيح مسلم].

فإذا ذبحتم البهائم فأحسنوا الذبح، هذا الدين الذي يأمرك بإحسان النهايات ألا يأمرك بإحسان البدايات وإحسان الحياة؟!

 والله سبحانه وتعالى يحب من العامل إذا عمل عملا أن يحسنه. يقول النبي ﷺ: (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) [حديث حسن، الألباني].

لاحظوا كيف يرشدنا الهدي النبوي إلى أن الإحسان ليس في طريقة كلامك ولا في معاملاتك مع الناس ولا المجاملات،

الإحسان يأخذك إلى مرتبة أعلى من ذلك بكثير، إلى درجة أنك تحسن في كل عمل.

قضية الإتقان والجودة هي معنى صغير من معاني الإحسان التي أمرنا بها سواء في تعبدنا للدار الآخرة أو في أمورنا الدنيوية. 

:شعار لحياة المؤمن

لما قال الله -عزّ وجلّ- في قصة قارون على لسان قومه:له   {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ}.(القصص: ٧٧)،

قال بعض السلف-رحمهم الله- عند هذه الآية: ما أجملها من شعار لحياة المؤمن. فكما أمدّك الله-عزّ وجلّ- بالصحة،

وأمدّك بالعافية، وأمدّك بحواسك وجوارحك، ومدّك في العمر، انظر في حياتك، وانظر أين مواطن الإحسان التي أحسن لكالله  فيها.

ما هو الإحسان؟

قال الشيخ ابن باز-رحمة الله عليه-: الإحسان هو أداء الواجبات وترك المحرمات، والاجتهاد في أنواع الخير زيادة على ذلك.

فالإحسان ليس الزيادة فقط؛ لأن البعض يزيد في الخير لكنه لا يترك المحرمات ولا يفعل الواجبات.

ولذلك في حديث الولاية يقول الله-عزّ وجلّ-: (وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضتُ عليْهِ) [صحيح، البخاري].

الإحسان أولاً: أن تفعل واجبات الله -عزّ وجلّ- وأوامره، وتتجنب المحرمات، ثم يأتي الإحسان في الزيادة من الخير،

هنا تبدأ مرتبة الإحسان، ولذلك قيل: الإحسان ببساطة هو الإتقان، أن تتقن عبوديتك لله -عزّ وجلّ- وأن تأتي بالمطلوب شرعاً على أكمل وجه.

وحقيقة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فأنه يراك.


أنواع الإحسان:

 هناك إحسان بينك وبين الله، وإحسان بينك وبين بقية المخلوقات. وأن نحسن مع الناس هو أمر نابع من إحساننا مع الله،

قال النبي ﷺ ( مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحُمَّى) [صحيح مسلم]

معنى هذا أن جزءاً من إحساننا أن نشعر بكل شعوب العالم المسلمين، الذين يربطنا معهم هذا الدين،

وهذه المودة، والتعاطف والتراحم جزء من الإحسان، ونحن مأجورون عليه، يقول النبي ﷺ في الحديث:

( أحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفعُهُمْ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تُدخِلُهُ على مُسلِمٍ، أو تَكشِفُ عنهُ كُربةً، أو تَقضِيَ عنهُ دَيْنًا،

أو تَطرُدَ عنهُ جُوعًا، ولَأَنْ أمْشِيَ مع أخِي المسلمِ في حاجةٍ أحَبُّ إليَّ من أنْ أعتكِفَ في المسجدِ شهْرًا، ومَنْ كفَّ غضَبَهُ، سَتَرَ اللهُ عوْرَتَهُ،

ومَنْ كظَمَ غيْظًا، ولوْ شاءَ أنْ يُمضِيَهُ أمْضاهُ، مَلأَ اللهُ قلْبَهُ رضِىَ يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أخيهِ المسلمِ في حاجَتِه حتى يُثْبِتَها لهُ،

أثْبتَ اللهُ تعالَى قدَمِه يومَ تَزِلُّ الأقْدامُ، وإنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفسِدُ العملَ، كَما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ) [حسن، الألباني] ،

هذه الأعمال التي ذكرها النبي ﷺ كلها نفعها متعدد ويدخل فيها الإحسان. 

متى آخر مرة أدخلت السرور على إنسان؟ 

متى رفعت هاتفك وأخبرت أحداً بأمر تعرف أنه سيسعده؟ 

متى أسعدت إنسان بزيارتك له من غير ميعاد لأنك تعرف أنه مشتاق؟

إن من أحب الأعمال إلى الله -عزّ وجلّ- سرور تدخله على مسلم، أي أحد من أقربائك أو من أصحابك أو من أخوتك في الله،

إلى جانب الأمور الأخرى المذكورة ، كأن تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا، أو تكشف عنه كربة،

 قال رسول الله ﷺ: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،

وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ،

وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ؛

إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ) [صحيح مسلم]


سَطَّر الأنبياء -عليهم السلام- أعظم القصص في هذا النفع المتعدي:

موسى عليه السلام

يخرج من مصر طريداً مهاجراً غريباً، لا شيء معه، ولا زاد، يجري هرباً من الملأ الذين يأتمرون لقتله،

ويصل إلى أول مدينة -بعد طريق طويل-، ويجد امرأتين تذودان غنمهما عن الماء، أي تحبسان غنمهما عن الناس حتى يفرغوا  سقي مواشيهم،

فلما رأى هذا المشهد سألهما كما ورد في قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير (23) فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ} القصص، ٢٣،٢٤.

يوسف عليه السلام

عندما دخل السجن ماذا قال له صاحباه عندما رأوه بين أربعة جدران؟ ومالذي رأوه فيه حتى يخبروه برؤياهم ليعبرها لهم؟!

قالوا: {إنا نراك من المحسنين}، يقول العلماء في تفسير هذه الآية: أنه ما كان منهم مريض إلا قام عليه يمرضه، وما كان منهم محزون إلا قام معه يسري عنه،

وكان العلماء يقولون لفظة الإحسان بقيت معه وهو فقير معدم مسجون، وكذلك وهو أعلى رأس في الهرم، لم يطغَ ولم يتشفَّ من إخوته.

النبي ﷺ

وهو سيد المحسنين وإمامهم، كان يهيئه الله -عزّ وجلّ- بهذا الإحسان لمرتبة النبوة، فلما نزل عليه الملك في غار حراء

وجاء إلى خديجة -رضي الله عنها- وهو مفزوع خائف، وأخبرها الخبر، وقال: (لقد خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا،

إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ) [صحيح البخاري].


الإحسان في العبادات:

وهي جميعها مشتقة من الإحسان في علاقتك مع الله -عزّ وجلّ-.

في الوضوء

 يقول النبي ﷺ: (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده) [صحيح مسلم]. تخيلوا أن  الوضوءفقط  تكفير، لكن لمن؟ لمن توضأ فأحسن الوضوء.

في صلاة ركعتين

يقول المطرف بن عبد الله: شهدت جنازة، واعتزلت ناحية قريبة فصليت ركعتين، وكأني خففتهما فلم أرضَ،

فرأيت صاحب القبر الذي- صلى عليه قبل -قليل كأنه يكلمني ويقول: ركعت ركعتين لم ترض إتقانهما، قلت: نعم قد كان،

قال: تعملون ونحن نعلم ولا نستطيع أن نعمل، ركعتاك أحب إلي من الدنيا وما فيها،

أي حتى الركعتان اللتان  لم ترض بها تنفعانك عند الله -عزّ وجلّ- هذا الميت يقول: ركعتين أحب إلي من الدنيا وما فيهما، عن النبي ﷺ: (ركعتان أحب إلى صاحب هذا من بقية دنياكم) [حسن، الألباني]

في تكفين الميت ودفنه

يقول النبي ﷺ:  (إذا كفن أحدكم أخاه فلْيُحسن كفنه) [صحيح مسلم]، وقال عن القبر : (احفُروا و أعمِقوا وأحسِنوا) [إسناده صحيح، الألباني]،

  لاحظوا كلمة الإحسان، ولذلك يلبس من يغسل الميت ويكفنه من السندس الأخضر.

هذه الأعمال البسيطة لها أجور عظيمة عند الله -عزّ وجلّ- إذا قام بها الإنسان على أكمل وجهه.

في الإحسان إلى الوالدين:

قال تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} -سورة النساء آية36-، ونكتفي هنا بحديث النبي ﷺ حينما سأله عبد الله بن مسعود،

قال: سألت رسول الله ﷺ أيُّ العمل أفضل؟ فقال: (الصلاة لوقتها، قلت: ثم أيُّ؟ قال : بر الوالدين، قلت: ثم أيُّ؟ قال : الجهاد في سبيل الله) [صحيح مسلم]

في الإحسان بين الزوجين:

قال النبي ﷺ: (استوصوا بالنساء خيراً) [صحيح البخاري]، وقال ﷺ: (خيركم خيركم لأهله) [صحيح، الألباني]،

وقال عن المرأة: (والمرأة راعية في بيت زوجها) [صحيح البخاري]، وقال ﷺ كذلك: (وكلكم مسؤولٌ عن رعيته) [صحيح البخاري]،

كل واحد منهم له حقوق،  وعليهواجبات ، والعلاقة قائمة على المودة والألفة والرحمة بينهما.

ولذلك قال الله -عزّ وجلّ- في أصعب مرحلة بين الزوجين وهي الطلاق: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ} -سورة البقرة آية 237-، أي لا تنسوا العشرة بينكم ولا تنسوا المعروف، وهذا أمر بالإحسان.

في الإحسان إلى الأرحام :

جاء رجل للنبي ﷺ : (قال: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ،

فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ) [صحيح مسلم]،

أي كان معك جيش ومدد من السماء، و معك ظهير من الملائكة نصير ما دمت أنت على ذلك، أي أن لا ترد الإساءة .بإساءة

في الإحسان إلى اليتامى والمساكين:

قال الله -عزّ وجلّ-: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين} سورة النساء، ٣٦،

ويكفي قوله ﷺ: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) [صحيح، الألباني] وأشار باصبعيه السبابة والوسطى.

في الإحسان إلى الأجير والخادم:

 قال النبي ﷺ: (إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ) [صحيح البخاري]

في  الإحسان :بإطعام الطعام

 يقول الرازي: أشرف أنواع الإحسان هو الإحسان بالطعام، وذلك لأن قوام الأبدان بالطعام، ولا حياة إلا به.

وفي الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، هذه المنازل العلية في الجنة لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام.

في الإحسان إلى الأموات:

ماهي أخبار الأموات؟ ما أخبار عمتك، عمك، خالتك، خالك، جدك، جدتك، أمك، أبوك، أو أي أحد من العائلة ممن توفاهم الله. بعض الناس لا ينسى، وفي كل جمعة يتذكرون موتاهم بالصدقات.


فوائد الإحسان

-لو كنت ممن يحسن فيما ذكرناه سابقًا فأبشر من الله -عزّ وجلّ-، فأنت من الناس المبشرة برحمته -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف – 56 ]،

فكلما أحسنت في عبادتك، وفي مشيك إلى الله -عزّ وجلّ-، كانت رحمة الله قريبة منك.

-يقول الله -عزّ وجلّ-: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران – 134 ]، كلما أحسنت أصبحت في مرتبة أعلى، أن الله يحبك. 

-يفتح الله قلبك لنور العلم والهدى والفقه، قال -عزّ وجلّ- عن نبيه: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [يوسف – 22 ]،

أعطاه الله -عزّ وجلّ- الحكمة والعلم، قال الله -عزّ وجلّ-: { وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [يوسف – 22 ]،  فهذا المحسن لا يتركه الله تائهاً ولا يتركه حائراً ،

فيرى الأثر  مباشرة وكأنه يُهدى إلى القرار الصحيح وإلى العلم الصحيح.

-سبب في إحسان الله إليك، يقول -عزّ وجلّ-: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن – 60 ]،

ويقول الله -عزّ وجلّ- {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس – 26 ] الحسنى أي الجنة، قالوا: وزيادة، هي النظر إلى وجه الله -عزّ وجلّ-، لكن الأعظم من هذا كله هي الفكرة،

أن للذين أحسنوا الحسنى الجنة وزيادة على ذلك، ويقول الله -عزّ وجلّ- {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء – 7 ] .

-سبب في صلاح الذرية، قال الله -عزّ وجلّ- عن إبراهيم -عليه السلام-: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ

وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام – 84 ]،

 كل هذي الذرية المباركة الموجودة من نسل إبراهيم عليه السلام كانت ثمرة الإحسان: { وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[الأنعام – 84 ]. 

-سبب في زيادة الفضل من الله والخير والإكرام لصاحبه، يقول الله -عزّ وجلّ-: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة – 58 ]،

والله -عزّ وجلّ- يقول: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} التوبة، ١٠٠، من رحمة الله ،أن الآية لم تقف هنا قال: {والذين اتبعوهم بإحسان} التوبة، ١٠٠،

الذين جاؤو بعدهم لكنهم أحسنوا ونهلوا من المصدر نفسه، ويقول الله -عزّ وجلّ- في الثواب الأخير عن الإحسان: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس – 26 ]

  وقال الله -عزّ وجلّ- : {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة – 85 ] 

فلكل من يحسن عمله أبشر بهذه الفضائل من عند الله -عزّ وجلّ-.

أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المحسنين، وأن يأجرنا أجر المحسنين، وأن يوصلنا إلى ما أوصل إليه المحسنين، وأن يجعلنا وإياكم ووالدينا في منازل الفردوس الأعلى، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.