بتاريخ ٢٣/ ٥/ ١٤٤٦ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

(وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا )

حديثُ اليوم حول اسم من أسماء الله تعالى ، ورد في كتابه الكريم ثماني عشرة مرة ، وهو من أسماء الجلال ،

فأسماء الله جل جلاله تنقسم لأسماء جلالٍ وأسماء جمال، وسنحلّق اليوم في رحاب اسم الله الشهيد جل جلاله.

المعنى العام لاسم الله الشهيد:
اسم الله الشهيد يقتضي المراقبة، فالشهيد رقيب على عباده، حفيظ على كل شيء، رقيبٌ على ما يدور في الخواطر وما تتحرك به اللواحظ وما تقترفه الجوارح ،

وهو من لا يغيب عنه شيء صغيراً كان أو كبيراً، دقيقاً كان أو عظيماً، جميع المخلوقات تحت سمعه وبصره،

وبذلك لا يبقى شيء في كون الله عز وجل لا يدخل في شهادة الله جل جلاله، ويقتضي اسم الله الشهيد العلم أيضاً فالله عز وجل عليم بما خلق.

ولذلك قال الله عز وجل: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ} [سورة آل عمران ١٨].



لمحةٌ لطيفة في تكرار اسم الله الشهيد في القرآن:
أكثر مواضع ذكر اسم الله الشهيد في القرآن جبرًا لقلب النبي عليه الصلاة والسلام ، وتطييبًا لخاطره،

فإذا قام الكفار بتكذيبه أنزل الله الآيات جبراً لقلبه أنه سبحانه معه يراه ويسمعه، قال تعالى: {قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدَۢا بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡ} [سورة الرعد ٤٣].

فالله سبحانه و تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة من خير أو شر، في السماء أو في الأرض، وهذا كما أنه داعٍ لخوف العبد من ربه لأنه تحت مراقبته،

فهو كذلك يظلّل القلب سكينة ورضا وطمأنينة في المواقف المخوفة التي لا يصدق العبد فيها كائناً من كان ولا يشهد له بها أحد،

وهو سبحانه الذي يرقب آلامه في الوقت الذي لا يجد من يميلُ إليه ويفضي عليه همومه، فكلّ انزعاج يصيب قلب العبد لا يضيع عنده،

وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ) [صحيح البخاري]

فهذا الهم تكفر به الخطايا، حتى ولو كان حاجةً للعبد أضاعها في كمّ ثوبه فأصابه هم البحث عنه، وحتى إن كان صداعاً بسيطاً أصاب رأسه،

فكيف بالحال إن كان العبد مظلومًا أو تعرض لخيانة أو غيرها مما يجرح ويؤلم! فقلب المؤمن غالٍ عنده جل جلاله.



العبد يعمل، والملائكة تسجّل، والله على ذلك شهيد:
في كل لحظة ينشغل فيها العبد في أمرٍ ما، في أي بلد كان وفي أي زمان، وإن غير مجتمعه وانتقل لآخر ظاناً أن ليس هناك من يراه،

فأعلم أنك تحت رقابة الله، يقول سبحانه: {وَمَا تَكُونُ فِی شَأنٍ وَمَا تَتۡلُوا۟ مِنۡهُ مِن قُرۡءَانٍ وَلَا تَعۡمَلُونَ مِنۡ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَیۡكُمۡ شُهُودًا إِذۡ تُفِیضُونَ فِیهِۚ وَمَا یَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةٍ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ} [سورة يونس ٦١].

في شأن: كل عمل يعمله العبد فالله عليه شهيد .


حتى الخواطر الله سبحانه عليها شهيد:
يقول سبحانه وتعالى: {وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ} [سورة البقرة ٢٨٤] .
حين نزلت هذه الآية جاء الصحابة رضوان الله عليهم وعلى رأسهم أبو بكر رضي الله عنه جاء فجثا على ركبتيه عند النبي عليه الصلاة والسلام

وقال يا رسول الله: أُمِرنا بالجهاد فأطعنا وأُمِرنا بالصيام والصلاة فأطعنا، أمّا هذه فلا نطيق، يقصد بقوله أن الإنسان لا يملك خواطره وأفكاره فكيف له أن يمسكها؟

 فغضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال: “أتريدون أن تقولوا كما قالت اليهود سمعنا وعصينا، قولوا سمعنا وأطعنا” فقالوا سمعنا وأطعنا وذلت بها ألسنتهم،

وعلموا أنهم لابدّ عليهم أن يربوا حتى خواطرهم! ولكن تخفيف الله نزل في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [سورة البقرة 286].

لكنّ هذا التخفيف لا يشمله سوء الظن الذي يقع في الخواطر، واتّهام الناس بلا بينة ولا دليل، بل حدس محض غير مقرون بأي قرينة،

فخواطر الشر هذه إن غذّاها العبد بكثرة تفكيره حتى يمتلأ بها قلبه سيبدأ بالبحث عنها وجودًا، فكلّ شر كان مبدؤه خاطرة!



الشهيد -جل جلاله- معك أينما تكون:
يقول تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [سورة المجادلة 7].

فالأدنى أن يكون العبد مع نفسه، والأكثر حتى لو كنت مع آلاف البشر ، فاعلم أيها العبد أنك برسمك واسمك مكشوف عند خالقك،

وأنه سبحانه يرقب كلّ من كان معك فرداً فرداً، ولكن عليك بنفسك محاسباً متسائلاً عن سبب وجودك في هذا المكان ؟ أشهوتك قادتك له؟

وحين تجيب ستتذكر أنه كلما اتقدت نار الشهوة في قلبك اتقدت نار الحرام، وإذا صالت عليك نفسك عليك أن تذكرها بالشهيد الرقيب سبحانه.

جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إذا تَحَدَّثَ عَبْدِي بأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً، فأنا أكْتُبُها له حَسَنَةً ما لَمْ يَعْمَلْ، فإذا عَمِلَها،

فأنا أكْتُبُها بعَشْرِ أمْثالِها، وإذا تَحَدَّثَ بأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فأنا أغْفِرُها له ما لَمْ يَعْمَلْها، فإذا عَمِلَها، فأنا أكْتُبُها له بمِثْلِها.

وَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: قالتِ الملائِكَةُ: رَبِّ، ذاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، وهو أبْصَرُ به،

فقالَ: ارْقُبُوهُ فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها له بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، إنَّما تَرَكَها مِن جَرَّايَ) [صحيح مسلم]
فما أكرم الله! يجازي بالحسنة بعد أن همّ عبده بالذنب لكنه تركه حياءً من الله! وتخيل كيف يفوته هذا الشرف حين يكمل طريقه في معصية أو ذنب!

ولذلك قال الله عز وجل عن المنافقين: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [سورة النساء 108]

يعني يستحيون من الناس ولا يستحيون من الله فوقهم الذي يراهم!

يقول الشاعر:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيان
 فاستحي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني

من معاني اسم الله الشهيد: أنه يشهد على الخلق يوم القيامة:
في تفسير ابن كثير لقوله تعالى: {قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدَۢا بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡ} [سورة الرعد ٤٣].

قال: أي حسبي الله وهو الشاهد علي وعليكم فيما بلغت من الرسالة.

وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء،

فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلّهم لنا ألّا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم،

ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) [الصحيح المسند].

تخيل أن تأتي يوم القيامة وترى أمامك جبال من حسنات جرّاء أعمال صالحة عملتها من قيام ليل، وإطعام المساكين وغيرها فإذا هي هباءاً منثور،

اكأن ريحًا نفخت فيها فنثرتها، ذلك أن هؤلاء جعلوا الله أهون الناظرين إليهم لما أتيحت لهم فرصة عمل المحرمات فاستخفوا بنظر الله إليهم،

وهذا الوعيد الشديد في الحديث هو لمن أدام الفعل واستمرّ عليه، وليس لمن غلبه هواه مرّة.



منزلة اليقظة:
توحيد العبد ربه يضمن قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، يعني شهادة حضور بالقلب، وحتى يشهد قلب العبد معاني الإيمان يجب أن يكون متيقظًا،

إذًا يجب على القلب ألا يكون غائبًا وألا يكون غافلًا، فهذه الغيبة وهذه الغفلة هي التي تؤدي في القلب المهالك.

ولذلك قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَإلانسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [سورة الأعراف 179].

فهؤلاء وصفهم الله أن لهم قلوب وأعين وآذان لم يستعملوها بشكل صحيح، بل متعوا تلك الحواس بكل حرام،

وما استعملوها فيما ينقذها من عذاب الله، والمؤمن الذي يدرك هذا المعنى ويستشعر اطلاع الله عليه يكون قد وصل لمعنى اليقظة.

ما هي الأمور التي توقظ القلب؟!
1. دوام الذكر، وهو من العبادات السهلة ودليل اتصال القلب بالله، وذم الله المنافقين بعكس الصفة فقال: {لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [سورة النساء 142]

والإنسان الذي يداوم على ذكر الله سيثقل عليه ارتكاب الذنوب مخافة ذهاب الكم الذي جمعه من الحسنات،

وفي الحديث يقول عليه الصلاة و السلام:(ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ)  (صحيح الجامع) 

فحتى لا تكون صاحب هذا القلب عليك أيها العبد الإكثار من ذكر الله، وهذه الديمومة للعمل ستجعل قلبك حياً يعيش معنى شهادة الله،

فإذا نويت عيش معاني الخشوع في الصلاة، فكثرة صلاتك ستأتي لك بالخشوع ولو بعد حين،

وإذا تشبعت الجوارح بفعلك سيتشبع بعدها قلبك، ثم إن طاعة الله ستجعل القلب ينتزع ما عليه من تراكمات حتى يستنير.

2.    عدم اشغال القلب بالملهيات، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من اتبع الصيد، غفل) [مختصر سنن أبي داود]

 الصيد ليس بحرام لكن الديمومة والاستمرار عليه لتكون شغل العبد الشاغل ليفتتن به، وليقيس العبد على ذلك جميع ما يُلهي من أمور دنياه وإن كان من المباحات ،

ولمن أراد أن ينجو فليبحث عن كل أمر يستهلكه أمنقذه من عذاب الله؟ فإن كان غير ذلك فليتخفف منه وليستبدله بما يقربه.

3.أن يكون لك وِرد: وِردٌ من القرآن، وِردٌ من قيام الليل، وِردٌ من التسبيح، وقد سُمي الورد وِردًا لأن الذي يُورَد هو الماء،

والماء مكان الحياة فالقلب يكون في ظمأ والوِرد هو الحياة، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين) [صحيح الترغيب]

سورة الطارق تزيد عن العشر آيات وتحمي العبد أن يكون من الغافلين.

ماهي آثار الإيمان باسم الله الشهيد على قلب المؤمن؟
1. أن يراقب العبد خالقه عند كل عمل، ويستحضر النية، ويخلصها لله وحده، ويسأل نفسه عن حقيقة العمل ألله هو ؟ أو أن دخيل يشاركه ؟
وفي الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه قال: (كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَضَحِكَ، فَقالَ: هلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟

قالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: مِن مُخَاطَبَةِ العَبْدِ رَبَّهُ؛ يقولُ: يا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قالَ: يقولُ: بَلَى، قالَ:

فيَقولُ: فإنِّي لا أُجِيزُ علَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قالَ: فيَقولُ: كَفَى بنَفْسِكَ اليومَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الكَاتِبِينَ شُهُودًا،

قالَ: فيُخْتَمُ علَى فِيهِ، فيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قالَ: فَتَنْطِقُ بأَعْمَالِهِ، قالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بيْنَهُ وبيْنَ الكَلَامِ، قالَ: فيَقولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا؛ فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ) [صحيح مسلم].


2. الإكثار من الطاعات، قال ابن عطاء “أفضل الطاعات مراقبة الله على دوام الأوقات”.


3. أن يدافع العبد الذنب والمعصية لأنه يعلم تماما العلم أن الله عليه شهيد، وفي الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم يوم لا ظل إلا ظله

قال: (ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله) [ صحيح البخاري]


4. الدوام على الاستقامة، لأن الله عزوجل {لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٌ وَلَا نَوۡمٌ} [سورة البقرة 255]

وهذه رحمةٌ منه سبحانه أنه مع عبده في جميع أوقاته وأحلكها يسمعه ويبصره.
5. تزكية النفس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الإيمان)، وذكر منهن “وزكى نفسه

فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال:  (أن يعلم أن الله -عز وجل- معه حيث كان (الطبراني في الصغير .

وهذا المفهوم تعلمه الصحابة وتربوا عليه ، ومما يذكر من القصص عن ابن عمر مرّ يومًا براعي غنم وكان صغيرًا في العمر 12 أو 13 سنة،

فقال له: يا راعي هل من جزرة؟ يعني هل من شاة صغيرة عندك تعطيني إياها؟ قال الراعي: ليس صاحبها ها هنا، بمعنى لا أستطيع بيعك بلا إذن صاحبها،

قال: فقل له أكلها الذئب! فرفع الراعي رأسه إلى السماء ونظر إليه. قال فأين الله؟ كيف أكذب؟ حينها أكبرَ ابن عمر تصرفه وإيمانه فاشتراه وأعتقه.


اللهم اجعلنا ممن آمن باسمك الشهيد وممن تأثر به وممن جعله منهاجًا له في حياته ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمع.


ملخص الدرس:

وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا

معنى اسم الله الشهيد: الشهيد هو الذي لا يغيب عنه شيء، وهو الحفيظ على كل شيء، وعلمه وسع كل شيء، وأحاط بكل شيء، فلا يغيب عنه صغير ولا كبير، ولا دقيق، ولا عظيم، وجميع الموجودات هي تحت سمعه وبصره. وبهذا لا يبقى شيء في كون الله عز وجل لا يدخل في شهادة الله جل جلاله، واسم الله الشهيد يقتضي المراقبة، ويقتضي أيضًا العلم.

فالله سبحانه وتعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة من خير أو شر، في السماء أو في الأرض، وهذا كما أنه داعٍ للخوف من الله لأنك تحت مراقبته، فهو كذلك يظلّل القلب سكينة ورضا وطمأنينة في المواقف المخوفة التي لا يصدقك فيها أحد ولا يشهد لك بها أحد، وهو سبحانه الذي يرقب آلامك في الوقت الذي لا تجد من تميلُ إليه وتفضي عليه همومك.

وحتى يشهد قلبك معاني الإيمان يجب أن يكون متيقظًا، ومن الأمور التي توقظ القلب:

دوام الذكر

عدم إشغال القلب بالملهيات

أن يكون لك وردٌ من الأعمال الصالحة

آثار الإيمان باسم الله الشهيد:

تزكية النفس.

أنك ستراقب الله عند كل عمل، وتستحضر النية، وتخلصها لله وحده.

الإكثار من الطاعات، قال ابن عطاء “أفضل الطاعات مراقبة الله على دوام الأوقات”.

أنك ستدافع الذنب والمعصية لأنك تعلم أن الله شهيد عليك.

الدوام على الاستقامة.


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.