بتاريخ ٢٢/ ٢/ ١٤٤٦ هـ
لسماع المحاضرة صوتًا
( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )
(وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً)
قال عز في علاه: ﴿إِذ تَلَقَّونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَتَقولونَ بِأَفواهِكُم ما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَتَحسَبونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظيمٌ﴾ [النور: ١٥]
حديثنا اليوم عن آية نزلت عتاباً لأفضل الخلق، لبعض صحب رسول الله-ﷺ- رضي الله عنهم وأرضاهم في حادثة الأفك،
وكان سبب نزولها حديثٌ طعن في عرض أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- سمعه الصحابة –رضوان الله عليهم- فلم ينكروا على صاحبه لغياب الحجة عنهم وعدم تثبتهم،
فما كان من أمرهم إلا الصمت، وكان ذاك الصمت عند الله عظيماً..
فكل ذنب من أعمال القلب أو عملاً من أعمال اللسان والجوارح يستصغره العبد ويجعله جزءاً من تفاصيل يومه قد يكون عند الله عظيماً.
في قرن يُعد من خير القرون يخاطب الصحابي الذي طال عمره حتى أدرك التابعين من أبناء الصحابة وأبناء أبنائهم والمسلمين الجدد
الذين لم يرو النبي -ﷺ- الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه قائلاً: (إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أعْمالًا، هي أدَقُّ في أعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا لَنَعُدُّها علَى عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ المُوبِقاتِ) سنن الترمذي ،
الموبقات هي: الكبائر التي توبق الإنسان وتُدخله في عذاب جهنم،
وهذا الحديث دار بعد مدة قليلة من زمن الرسول -ﷺ-، فكيف بزماننا وحالنا بعد تلك السنون؟
نبدأ حديث اليوم بالأعمال اللفظية، تلك التي امتلأت تفاصيل يومنا بها وتعايشنا معها وكأنها من المسلمات وهي من المهلكات،
تلك الذنوب التي استصغرها العبد فأودت به، صغيرة هي في عينه كبيرة عند خالقه.
نبدأ بسؤال عقبة بن عامر رضي الله عنه لرسول الله -ﷺ- حينما قال: يا رسول الله ما النجاة قال: (أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ) سنن الترمذي،
من معجزات الله في خلقه أن خلق اللسان والعين بتركيب عضوي يختلف عن غيرهما من الأعضاء، وكأنهما يحاطان بغلافان يجعلان استخدامهما مرهوناً بالمرور بمرحلتين،
ما أن تنتهي من الأولى حتى تصل إلى الثانية، تفكر بالأولى ثم تقرر الإكمال أو التراجع، إرادة يعقبها قرار،
وذاك لخطورة هذين العضوين فهما مزلقان عظيمان مهلكان، أما قوله “وليسعك بيتك” أي أن الأصل في الخروج هو الحاجة والبقاء في البيت هو الأصل،
“وابك على خطيئتك” فبكاؤك وحده دليل صريح على حياة قلبك واستشعاره للذنب، فلا تجعل قول أحدهم يحبطك بأن ذاك الشعور شعور خاطئ فقد يكون منقذاً منجياً من النار.
وفي حديث آخر عن سُليمان بن عبد الله الثقفي حين قال: يا رسولَ اللهِ حدِّثْني بأمرٍ أعتصِمُ به، قال رسولُ اللهِ -ﷺ-:( قُلْ: ربِّيَ اللهُ ثمَّ استقِمْ )
قال: يا رسولَ اللهِ ما أكثَرُ ما تخافُ عليَّ ؟ قال: ( هذا ) وأشار إلى لسانِه. صحيح ابن حبان
حين يكون سؤال العبد عن الاعتصام بأمره والنجاة ينبئ عن همٍ أشغله وأرقه، لا سؤال الباحث عن الرخصة.
حديث آخر لمعاذ –رضي الله عنه- حينما قال: يا نبيَّ اللهِ، وإنَّا لِمُؤاخَذون بما نتَكلَّمُ به؟
قال – ﷺ-: (ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا معاذُ ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم (صحيح الترمذي.)
ويقول النبي -ﷺ- في حديث آخر دالٍ على أثر الكلمة: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ،
وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ) صحيح البخاري،
كلمة تهوي بك في النار وكلمة تنقذك منها، فاجعل هاجسك وهمك ألا تتحدث بغير الخير
فيكون حديثك آية تبلغها أو حديثاً تنشره أو قولاً تهدي به ضالاً أو كافراً تكون سبباً في إسلامه فتنقذ روحاً ينقذ بها الكريم روحك.
يقول – ﷺ- عن أثر سوء الكلمة:(ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيءِ)الجامع الصغير،
ويقول -ﷺ- في حديث آخر:(ما شيءٌ أثقلَ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسنٍ، وإنَّ اللهَ يبغضُ الفاحشَ البذيءَ) صحيح الترغيب،
تخيل أن تكون مكروهاً ممن خلقك بسبب كلمة هزأت بها من رجل دين أو كلمة أردت بها إضحاك غيرك أو سباب ولعان بينك وبين أخيك فيكون ذاك سبباً في غضبه عليك والتفات قلبك،
فلا يعود ذاك القلب مستقيماً ولا مؤمناَ لكون استقامة العبد وإيمانه مرهونة باستقامة لسانه. الأفعال اللفظية التي تهوي بالعبد أهمها وأولها الكذب وما كان خلق أبغض لرسول الله -ﷺ- منه،
قال -ﷺ-عليه الصلاة والسلام: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ…) صحيح البخاري،
وقال -ﷺ- في حديث آخر: (وَيلٌ للذي يُحدِّثُ القَومَ، ثُمَّ يَكذِبُ؛ ليُضحِكَهم، وَيلٌ له، ووَيلٌ له) إسناده حسن. لا يكتب اسمك عند الله كذاباً منافقاً لأجل أن تضحك أحدهم، احذر أن تبتاع آخرتك بدنياك فتهلك.
يدلنا -ﷺ- إلى طريقين أحدهما يهدي إلى الجنة والآخر يهدي إلى النار: (إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ،
وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يَكونَ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) صحيح البخاري.
وللكذب أنواع، ولعل كذب المشايخ أعظمها، مصداقاً لقوله -عز في علاه- :{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}[ النحل ١٦]،
فيبحث العبد عمن يجد له مخرجاً يطابق صوت الشيخ فيه صوت داخله، فيحلل ما حرم الله تهاوناً
فيضع ذاك العبد المتلون عباءة الدين بمثابة المشرع فيهلك هو ومن تبعه، كيف بك أن تفتري على خالقك؟
يعقب كذب المشايخ النوع الثاني وهو الكذب على رسول الله -ﷺ- لقوله -ﷺ-: (إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) صحيح البخاري،
والكذب على رسول الله -ﷺ- يكون بنشر حديث غير متأكد من صحته، كقول احدهم أن النظافة من الإيمان حديث،
وأن الدين معاملة حديث، وكلاهما ليسا بحديثين صحيحين، وعلى المسلم تتبع الصحة والدقة في النقل عن رسول الله -ﷺ-.
النوع الثالث أن يكذب الإنسان وهو مازحاً، ومصداق ذلك قوله – ﷺ-: (لا يُؤمنُ العبدُ الإيمانَ كلَّهُ حتَّى يتركَ الكَذبَ في المِزاحةِ، والمِراءَ وإنْ كان صِدْقًا) صحيح الترغيب،
وفي حديث آخر عنه -ﷺ-: ( أَنا زعيمٌ ببيتٍ في ربضِ الجنَّةِ لمَن ترَكَ المِراءَ وَهوَ مُحِقٌّ، وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لِمَن ترَكَ الكذِبَ وَهوَ مازحٌ، وببيتٍ في أعلَى الجنَّةِ لِمَن حسُنَتْ سريرتُهُ) الترغيب والترهيب،
بيتاً يبنى في وديان الجنة لتارك الكذب ولو مازحاً ولتارك الجدل ولو كان محقاً،
أسأل الله لنا جميعاً سكناها فالمهر قليل والسلعة غالية.
حديث البرزخ يقول -ﷺ- فيه: (أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعَثانِي ، وإنَّهُما قالا لي انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما…) الحديث طويل،
موضع الشاهد هو حديثه -ﷺ- عن مشاهد عذاب البرزخ حين قال: (فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بكَلُّوبٍ مِن حَدِيدٍ،
وإذا هو يَأْتي أحَدَ شِقَّيْ وجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنْخِرَهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنَهُ إلى قَفاهُ، – قالَ: ورُبَّما قالَ أبو رَجاءٍ: فَيَشُقُّ –
قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ بالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِن ذلكَ الجانِبِ حتَّى يَصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى )،
يرى النبي -ﷺ- هذا المشهد فيأسى لحالهم، فيخبراه الملكان بأمرهم: (وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ،
وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ) صحيح البخاري،
أهناك حديثٌ يستحق أن يعذبك الله به كل هذا العذاب؟ يقول -ﷺ- في حديث آخر: (فإنَّ اللَّهَ حَرَّمَ علَيْكُم دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا) صحيح البخاري،
حديثك في عرض أخيك ليس بأقل من سفكك دمه، وليس العرض مجرد زنا وفجور، فالحديث يشمل كل ما يكره المرء أن يتحدث به عنه،
ونستدل بحديث الرسول -ﷺ- حين مر بالكعبة، والجلال الذي يصيب العبد حين رؤيتها وحرمتها وشرفها، أن حرمتها ليست بأكثر من حرمة العبد وشرفه
فيقول –{-ﷺ-: (ما أطيبَك وما أطيبَ ريحَك ما أعظمَك وما أعظمَ حُرمتَك والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه لحُرمةُ المؤمنِ عند اللهِ أعظمُ من حُرمتِك مالُه ودمُه) الترغيب والترهيب،
فحرمة العبد عند الله أغلى من حرمة بيته الشريف المعظم.
يأتي النبي -ﷺ- لزوجته أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- فيقول لها أعطي دابتك لصفية،
وصفية –رضي الله عنها- هي أحد زوجات النبي كانت يهودية ثم أسلمت بعد الغزوة، فتغار منها زينب بنت جحش –رضي الله عنها- القرشية ذات الحسب والنسب
ولا تقبل نفسها الطلب فتقول: أنا أُعطِي تلك اليهوديةِ؟ فما كان من رسول الله -ﷺ- إلا أن هجرها قرابة الثلاث أشهر حتى تابت وأدخلت الوسطاء ليعفو عنها زوجها ويعود.
وفي حادثة أخرى مشابهة حين غارت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في القصة المعروفة فقالت: من تكون صفية؟ -وأشارت بيدها تعني قصر قامتها-
فقال لها رسول الله -ﷺ- (لقدْ قلتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بماءِ البحْرِ لَمَزَجَتْهُ) صحيح الجامع، وهي أشارت ولم تتلفظ، فكانت الإشارة تمازج ماء البحر من عظمها،
وفي الحديثين استياء رسول الله -ﷺ- وغضبه وعدم رضاه عن الغيبة لا لكونهما زوجاته، بل لعظم شأن المؤمن وحرمة عرضه.
وقال النبي -ﷺ- للأعرابي: (يا معشرَ من آمنَ بلسانِه ولم يدخلْ الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتِهم،
فإنه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعُ اللهُ عورتَه، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضحُه في بيتِه) صحيح أبي داوود،
وقال -ﷺ- :(من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنَهُ الله رِدْغَةَ الخَبالِ حتَّى يخرجَ ممَّا قال وليس بخارجٍ) صححه الألباني،
وردغة الخبال: هي عصارة أهل النار ومكان يجمع فيه قيح وصديد حروقهم، ذاك جزاء لمن قال في أخيه ما ليس فيه.
وقال النبي -ﷺ- في الحديث: (خمسٌ ليس لهنَّ كفَّارةٌ الشركُ باللهِ عزَّ وجلَّ وقتلُ النَّفسِ بغيرِ حقٍّ أو نهبُ مؤمنٍ أو الفرارُ من الزحفِ أو يمينٌ صابرةٌ يقتطعُ بها مالًا بغير حقٍّ) أخرجه أحمد،
وما ذكره أبو هريرة -رضي الله عنه- حين قال: (أما تسمعون ما أسمعُ ؟. فقلنا : وما ذاك يا نبيَّ اللهِ ؟ قال : هذان رجلانِ يعذَّبان في قبورِهما عذابًا شديدًا، فى ذنبٍ هيِّنٍ.
قلنا : فيم ذاك ؟ قال : كان أحدُهما لا يستنزِه من البولِ، وكان الآخرُ يؤذي الناسَ بلسانِه، ويمشي بينهم بالنَّميمةِ.
فدعا بجريدَتَينِ من جرائدِ النَّخلِ، فجعل في كلِّ قبرٍ واحدةٍ. قلنا : وهل ينفعُهم ذلك ؟ قال ؟ : نعم؛ يخفِّفُ عنهما مادامتا رطبتَينِ) صحيح الترغيب.
قبران يسمع صوت عذاب صاحبيهما في القبر منذ أن ماتا ودفنا حتى قيام الساعة، ليس ذاك بالوقت القصير ولا بالهين،
فهذا رسول الله -ﷺ- يرتجف قميصه لهول ما سمع من الصراخ، وليس ذلك بالعذاب المنتهي، بل إن عذاب الآخرة ينتظرهما.
يقول النبي -ﷺ-:(لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ) صحيح البخاري، القتات: هو النمّام الذي يمشي بين الناس بالنميمة،
هؤلاء يحرمون دخول الجنة لنشرهم الأحاديث والأقاويل بين الناس، وقال النبي -ﷺ-: (أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ ؟
قالوا : بلى يا رسولَ اللهِ. قال : إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ. لا أقولُ : إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ) صححه الألباني،
الإفساد بين الناس يخلق التباغض والتناحر والبغضاء، فلا يجعل قلب العبد سليماً ولا يجعله راضياً مطمئناً فيملأه بالحسد والكراهية على أخيه.
قال -ﷺ-: (دبَّ إليْكم داءُ الأممِ قبلَكم الحسدُ والبغضاءُ هيَ الحالقةُ لا أقولُ تحلقُ الشَّعرَ ولَكن تحلِقُ الدِّينَ
والَّذي نفسي بيدِهِ لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أفلا أنبِّئُكم بما يثبِّتُ ذلِكَ لَكم أفشوا السَّلامَ بينَكم) صحيح الترمذي،
يحذر الحديث من الحسد والبغضاء ويخبر أنه حالق للدين منافٍ للإيمان، ومانع من دخول الجنة، وينتهي الحديث بدعوة العبد إلى مغالبة نفسه بإفشاء السلام بينه وبين أخيه،
وإن كان بينهما ما كان من الشحناء، لأن ذلك مدعاة لرحمة الله وسلام الملائكة عليه وذاك خير وأحب.
ونختم بحديث نبينا -ﷺ-: (لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما لَم يتحاسَدُوا) حسنه الألباني، دعوة من نبي الله -ﷺ- للخير وعدم التحاسد،
وذلك لن يكون بغير إجبار النفس وإخضاعها، ودعاء الله أن يرزقه قلباً سليماً، وأن يسلل سخيمة صدره، ولا ينسى استشعار زحام النعم التي تحيط به، وعدل الله في قضائه بين عباده.
* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.