بتاريخ ١٦/ ٨ /١٤٤٢هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط )

الملخص


هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

كيف هو حالك في شعبان وقد بقت أيام قلائل لبلوغ الشهر الفضيل؟

وكيف هو حال قلبك مع الله -عز وجل-؟ كيف هي تلاوتك وكم عدد ختماتك؟

التحدي الذي أمامك الآن هو كيف تحافظ على استعداداتك وعلى قلبك طوال الوقت؟

فأكثر الناس توفيقًا في رمضان، هم الذين استعدوا وجهزوا أنفسهم لهذا الشهر بالذات.

يمكن أن يتوارد إلى الذهن لمَ أفعل هذا كله منذ الآن؟ أقرأ من القرآن أكثر من وردي اليومي المعتاد،

أو لماذا أكثر من الصيام إذ نحن مقبلون على رمضان وهو شهر الصوم والعبادة؟ ونغفل أحيانًا عن قاعدة ربانية فيها بشارة لكل من يعمل الخير،

وهذه البشارة قول الله -عزوجل-: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (الرحمن:٦٠)

فكل مَنْ أحسن وقام بأفضل ما عنده فالله-عز وجل- يجازيه بأفضل مما يتوقع و يتخيل.

يقول ابن القيم -رحمه الله- :(وقد دلَّ الكتاب والسنة في أكثر من مئة موضع على أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر قال الله تعالى:﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾(النبأ:٢٦)؛

أي كما تفعل يفعل بك، الفرق أن الله -عز وجل- يأتيك بالخير أضعافًا مضاعفة وأما السيئة فمن كرم الله -عز وجل- ألا يجزيك بالسيئة إلا سيئة مثلها.)


قواعد ربانية في معنى ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ من الكتاب والسنة:

أولًا: السنة النبوية:

1- كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ، وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ:

سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَقُولُ: مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ،

وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ” وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ. [أخرجه الترمذي في سننه، وقال الألباني: صحيح لغيره]

فمَنْ أرضى الله -عز وجل- ولو سخط كل الناس عليه فيجازيه الله -عز وجل- بأن يرضى عليه ويرضي عليه هؤلاء الناس،

ومَنْ أرضى الناس بسخط الله -عز وجل- يسخطهم الله -عز وجل-عليك ويسخط هو سبحانه عليه.

2- عن أَبي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ:

” مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللهُ عِزًّا”.

وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا…” [أخرجه الترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح]

في الواقع لو تصدقت بمبلغ من المال فسوف ينقص مالك بالمقدار الذي تصدقت به، ولكن الأمر مختلف في هذه القاعدة السماوية،

فإن المال يتبارك بالصدقة وكأنه لا ينتهي وهذا مصداق معاملتك مع الله -عزوجل-، فكما أحسنت يعاملك الله -عز وجل- بإحسانه.

3- عن عُمَر -رضي الله -عز وجل-عنه- يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ …)[أخرجه البخاري في صحيحه]،

وهذا السياق نفسه عن شارب الخمر: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

(مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ.) [أخرجه البخاري في صحيحه]

إن هذه قاعدة فقهية تنطبق على المعنى الوارد هنا: من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

فالقاعدة التي يدور حديثنا حولها ليست محصورة فقط في (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) بمعناها الظاهر فلو أرجعناها إلى مصدرها

سنجد أن أصل هذه القاعدة هي القاعدة العامة (الجزاء من جنس العمل ) أي أنك إن عملت خيراً تلقى خيراً وإن عملت شراً تلقى شراً.

4- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،

وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ،

وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً. [أخرجه البخاري في صحيحه]  

كل خطوة تخطوها إلى الله -عز وجل- وكل إحسان تفعله لله -عز وجل- فإنه يقابله أضعاف مضاعفة،

فمن أسماء الله -عز وجل- الحسنى (الشكور) حيث يجازي بالعمل القليل الجزاء الكثير. 

5- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَأَبِي الدَّهْمَاءِ قَالَا: أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقُلْنَا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا؟

قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ. [أخرجه أحمد في مسنده، وقال الألباني: إسناده صحيح]

هذه قاعدة ربانية معروفة: أن من ترك شيئا لله عوضه الله -عز وجل- خيراً منه. فلو كنت تريد شيء وتتمنى حصوله

واتضح لك أنه لا يرضي الله -عز وجل- فتركته ابتغاء مرضات الله -عز وجل- فسيبدلك الله -عز وجل- خيرًا منه ولا بد. 

6- أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ،

لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ،

وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”. [أخرجه البخاري في صحيحه] فقد تأتي في يوم القيامة وقد دنت عليك الشمس وأنت تغرق في عرقك بذنوب وسيئات قد فعلتها،

ومن ثم تبدأ نسبة العرق تخف حتى يفرج عنك فتتسأل وقتها: يا رب بما هذا؟ فتُجاب: بتلك الفرجة التي فرجتها في يوم كذا عن فلان بن فلان.

7- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللهِ فَلْيَعْلَمْ مَا لِلهِ عِنْدَهُ. [أخرجه البزار في مسنده، وقال الألباني: حسن بشواهده]

فلو كان الله -عز وجل- يشغل دائرة كبيرة من تفكيرك فاعلم أنك أنت عند الله -عز وجل- بمكان،

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:” أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي،

وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، …”  [أخرجه البخاري في صحيحه] والجزاء من جنس العمل.

8- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ.

[أخرجه أبو داود في سننه، وقال الألباني: صحيح] فالإنسان حين يرحم شيئًا فالله -عز وجل- يرحمه بتلك الرحمة،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ

قَالَ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ. [أخرجه البخاري في صحيحه]

فهذه المرأة البغي ذنبها عظيم ولكنها رحمت ذاك الكلب العطشان فملأت خفها فسقته فيه، فغفر لها الله -عز وجل- بهذا العمل البسيط، فلا تحقر من المعروف شيء.

9- عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ، … [أخرجه أحمد في مسنده، وقال الألباني: صحيح]

قال الله -عز وجل- : ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾(النور:٢٢)

هذه الآية نزلت في أبي بكر -رضي الله عنه- في حادثة الإفك، حين حلف أن لا ينفق على مسطح (وهو من الفقراء الذين ينفق عليهم ويتعاهدهم)

لأنه كان ممن تكلَّموا على السيدة عائشة -رضي الله عنها-، فلما نزلت الآية قال أبو بكر -رضي الله عنه-: بلى نحب أن يغفر الله لنا وأرجع نفقته لمسطح.


ثانيًا: من القرآن الكريم:

1- ﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾(يوسف:٥٦)

قال ابن القيم -رحمه الله- :(لما احتمل يوسف -عليه السلام- ضيق السجن وضيق المقام فيه، شكر الله -عز وجل- له ذلك

أن مكن له الأرض ومَنْ عليها فأصبح هو الآمر الناهي في كل البقع الذي يحكمها وهو الذي يقضي في الناس من يأكل ومن لا يأكل).

2- ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾(مريم:٤٩)

لما خاصم إبراهيم -عليه السلام- قومه وأرادوا أن يحرقوه فأنجاه الله من النار، هاجر -عليه السلام- إلى مكان لا يعرفه وكان وحيدًا ليس معه أحد.

فكافأه الله -عز وجل- نظير هجرته، فوهب له إسحاق ويعقوب -عليهما السلام- وجعلهما أنبياء وجعل سلالة الأنبياء من إبراهيم -عليه السلام-.

3- ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ (البقرة:٤٠)

قال العلماء: (مَنْ أوفى بعهد الله -عز وجل- أوفى الله -عز وجل- بعهده له)، فكما توفي بشرع الله -عز وجل- ببقائك ثابت على عهدك

يوفي الله -عز وجل-بعهده لك حينما تكون أحوج  ما تكون له في يوم القيامة.

4- قال الله -عزوجل-:﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾(يونس:٢٦) (لِلَّذينَ أَحسَنُوا الحُسنى): الجنة (وَزِيادَةٌ): الزيادة هي النظر إلى وجه الرب.

قال ابن رجب -رحمه الله- :”لأن أهل الإحسان هم الذي عبدوا الله -عز وجل- كأنهم يرونه”،

فالذي يعبد الله بهذا المفهوم يكون جزاؤه يوم القيامة أن ينظر إلى الله عيانًا.

5- يقول الله -عزوجل-: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(الزمر: ١٠)  يجازيك الله -عزوجل- على صبرك بغير حساب،

لأن مقدار احتمال الصبر لا يطّلع عليه أحد سوى الله -عزوجل-،  ولأن هذا المقدار يختلف في قوته وشدته بحسب الألم وبحسب الشخص.

6 – من المواضع الغريبة في تطبيق هذه القاعدة قال الله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾(المجادلة:١١)

ما هو الذي يفسح لك؟ هل تفكرت يوماً في معنى هذه الآية؟ قيل الفسح يشمل أن:

1- يفسح له في صدره،  فالصدر يصبح فسيحاً فيه نوع من السكينة والرضا والسلام.

2- يفسح له في رزقه.

3- يفسح الله له في قبره.

4- يفسح له في الجنة ونعيمها.

7- قال الله -عز وجل- عن فئة من الناس: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ﴾(البقرة:١٠)

المرض يأتي حين تسمح له أن يتفشى فيك فلا تقوِّي مناعتك ولا تزيد من قوة جسمك. وكذلك قلبك فإن لم تتوقف عن النظر إلى الحرام

والسماع إلى ما يغضب الله -عز وجل- لن تحمِ قلبك فتسمح للشكوك أن تدخل فيه، فتعكِّر عليك صفو إيمانك وتعشعش في داخلك.

8- قال الله -عز وجل-: ﴿سَأَصرِفُ عَن آياتِيَ الَّذينَ يَتَكَبَّرونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَإِن يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤمِنوا بِها﴾(الأعراف:١٤٦)

فكل آية يرونها  لا يؤمنوا بها ولا يقتنعوا بأدلة القرآن أو السنة ويزدادوا في ضلالهم وغيهم فيجازيهم الله بأن يصرفهم عن آياته

حتى يرون سبيل الغيّ أنه هو سبيل الرشد ويرون سبيل الرشد أنه هو سبيل الغيّ.

9- يقول الله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾(الأنفال:٢٤)

يقول ابن القيم -رحمه الله- تعليقاً على هذه الآية: “الرجل إذا حضرت له الفرصة من الخير،

فرصة القربة والطاعة فالحزم في انتهازها والمبادرة إليها، فالله يعاقب من فُتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه

بأن يحول بين قلبه وإرادته فلا يمكنه بعد ذلك من إرادته عقوبة له”.

10- وانظر إلى قول الله -عز وجل- في هذه الآية: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ

وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚأَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾(الجاثية:٢٣)

ما الذي فعله هذا الشخص؟ جعل إلهه هواه، فلا يريد أن يسمع لله -عز وجل-. بل يريد أن يتبع هواه!

فيقابله الله -عز وجل- بنقيض قصده فكما أنه اتبع هواه ولم يتبع الحق، فالله سبحانه يعاقبه بأن يختم على سمعه وقلبه ويجعل على بصره غشاوة.

11- قال الله -عز وجل- : ﴿بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(البقرة:٨١)

مثلما حوّط نفسه بالذنوب والخطايا في الدنيا، يفعل به في الآخرة فتكون جهنم محيطة به من جميع الجوانب،

قال -عز وجل- ﴿لهم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِن فَوقِهِم تغَواشٍ﴾(الأعراف:٤١).

12- ثم يقول الله -عز وجل- في آية أخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ﴾

قال ابن القيم -رحمه الله: “لما لم تفتح لهم أبواب السماء لأعمالهم وهم في الدنيا فلم تفتح لأرواحهم حينما ماتوا في الآخرة!”

13- من المهم في هذا كله أن تعرف القاعدة الأخيرة والتي بها نختم؛ يقول الله -عز وجل-:﴿وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴾(النساء:١١٩)

من يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسرانًا مبينا! وليست خسارة قليلة أو مؤقتة، ليست مادة سقطت فيها أو وظيفة خسرتها أو منصب فقدته،

ليس هذا هو الخسران! لكن إذا خسرت الجنة من يعوضك؟ وإذا صرخت صرخة ألم في قبرك من يعوضك؟ وإذا اشتعلت عليك النار من يعوضك؟ لا أحد.

ابن القيم -رحمه الله- يعلّق على هذه القاعدة فيقول: “والعبد كلما وسّع في أعمال البر وسّع له في الجنة”

ويقول: “من تنوّعت أعماله المرضية لله المحبوبة له في هذه الدار تنوعت له الأقسام التي يتلذذ بها في الجنة، وتكثّرت له بحسب ما يتكثر بها هنا”.

فتخيل أن أي شي تفعله لله -عز وجل- يأتي الله بأجره من جنس الشي الذي فعلته أو تركته!

نأخذ هذه القاعدة لتمهد فكرة أن مَنْ أراد الاستعداد والفوز في أول ليلة من رمضان، فيكون اسمه في أول القوائم التي تخرج إلى السماء،

ومَنْ أراد أن يوفَّق في شيء من عمل الخير في ذلك الشهر فليقابل ذلك الإحسان بإحسان من الآن.

أسأل الله أن يبلغنا رمضان ويبلغنا صيامه وقيامه وأن يجعلنا من أول عتقائه من النار.

تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.