بتاريخ ٨ / ٩ / ١٤٤٠ هـ
لسماع المحاضرة صوتًا
( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط)
الملخص:
نحمدهُ تعالى أن أذن لنا أن نحيا لإدراك رمضان، وهذا الحمد حمدَ اعترافٍ بمنتهِ وفضلهِ، أن أحيانا حتى نتذوقَ من فيضِ الرحماتِ في هذا الشهر الكريم . أتخيل أن لدينا جميعاً أسئلة تدورُ في أذهاننا طيلة الشهر:
هل وصلنا يارب؟! هل غفرت لنا يارب؟ وإن لم نصل ماذا يمكن أن نفعل حتى نصل إلى الله -عز وجل-؟
يجيب الله سبحانه عن هذا السؤال ببشارة جاءت في سورة الأنعام، يقول فيها لنبيه:
﴿وَإِذا جاءَكَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِآياتِنا فقل سَلامٌ عليكُم كَتَبَ رَبُّكُم عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُم سوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِن بَعدِهِ وَأَصلَحَ فَأَنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾
[الأنعام: ٥٤]
يقولُ الله -عز وجل- بلّغ هؤلاء المؤمنينَ حينما يأتونك وهم ثانين ركبهم يُريدون أن يتحرّوا موضع الهداية، وسبيل الوصول إلى الله سبحانه، فقل لهم:
﴿ سَلامٌ عَلَيكُم كَتَبَ رَبُّكُم عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ ﴾.
الله -عز وجل- كتب على نفسه الرحمة، وتعهد على نفسه بها, ولكن لمن؟
هذه الرحمة ليست للمؤمنينَ الصالحينَ خاصة، وإنما هي للذينَ عمِلوا السوءَ وخانتهم أنفسهم حينما اقترفوا السيئاتِ في لحظةِ جهلٍ أو ضُعف.
فالله سبحانه هنا أعطانا أول إشارات الوصول:
وهي أنه عز وجل يرغب بك، ويحب منك رجوعك وتوبتك إليه، فلا يصل العبد إلى الله -عز وجل- بكثرة الأعمال فقط، وإنما بما يعمل في ذلك القلب بجانب تلك الأعمال.
والآن نستقبل شهر رمضان وليس لدينا كثير عملٍ ولا صلاح! بل دخلنا من بابِ الافتقارِ معتمدينَ فقط على كرمِ اللهِ سبحانه وجوده، ولعل هذا الافتقار الى اللهِ -عزَّ وجل- هو بوابةُ الدخولِ لهذا الشهر، ولذلك:
نحن نتذاكر اليوم سعة رحمة الله سبحانه بعباده .
حدّث النبي -عليه الصلاة والسلام- صحابته عن هذه الرحمة فقال: (جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ جُزْءًا، وأَنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا واحِدًا، فَمِنْ ذلكَ الجُزْءِ يَتَراحَمُ الخَلْقُ، حتّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حافِرَها عن ولَدِها، خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ).
لماذا ورد ذكر الفرس بالذات في حديث الرحمة في الرواية السابقة؟ لأنها أخفهم حركة، فلا يتخيل أحدنا أن هذه الفرس التي تتميز بسرعة حركتها أنه لو جاءَ ولدها الصغير بجانبها ترفع حافرها عنه حتى لا تُصيبه!
فكلُّ الرحماتِ الموجودة على الأرض هي جزءٌ واحدٌ فقط يتراحم الخلق بها، إنسهم وجنهم والبهائم والهوام، كل هؤلاء يتراحمون بهذا الجزء من عهد آدم -عليه السلام- إلى قيام الساعة، وأبقى الله تسعًا وتسعين جزءًا ليوم القيامة يرحم بها عباده.
وتتجلى هذه الرحمة في ستره حينما تفعل الذنب ويرخي عليك أستاره، فلا يراك أحد ولا يطّلع عليك أحد، ولا يعلم بك أحد، ولو شاء الله لفضحك! ولو شاء الله لجعل غدراتك وفجراتك على مرأى ومسمعٍ من الخلائقِ كلها، لكنه رحمك بسترهِ عليكَ حينما لم تفعل ما فعلت من الذنب مجترئًا.
ماذا يكون نصيب هذا العبد الذي يفعل الذنب المرة الأولى متخفيًا لا يريد أن يطلع عليه أحد، فلا يهتك الله ستره في الآخرة ؟
يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ،) يذكره بذنوبه التي اقترفها في الدنيا، فيقول: ( فَيَقُولُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ) فلم يكن الحساب عن عام واحد، كان الحساب عن الحياة كلها منذ بدأ التكليف إلى لحظة موته.
يُحشر الناس للحساب ، وترى أمامك هذا سُلسل وأُخذ إلى النار، وهذا فاز وأفلح وأُخذ إلى الجنة، وفي ذلك الحين ينادى باسمك للحساب، تذهب فرداً، ليس بينك وبين الله ترجمان، فلما تأتي للحساب أمام هؤلاء الخلائق على أرض المحشر، وإذا بالله -عز وجل- حين تُقبل عليه يُرخي عليك ستره ويصير الخطاب بينك وبين الله فقط .
لم يسمع أحد ولم يعرف أحد، فكما أكرمه الله بستره في الدنيا ها قد أكرمه الله عز وجل بستره في الأخرة،
ولذلك عندما يخبرنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المجاهرين بأنهم يخرجون من رحمة الله -عز وجل-، هذا لأنهم أخرجوا أنفسهم بأنفسهم من هذه الدائرة، ففي كل لحظة تصوّر فيها نفسك وأنت قائم على ذنب، أو تزيّن فيها لغيرك ذنب أو معصية، أنت هنا تهتك ستر الله عليك، وتجاهر بهذا الذنب.
يبقى هنا السؤال المهم: كيف نستجلب هذه الرحمة؟ وكيف نجعل الله يرحمنا ؟
الأمر الأول : اذا اتقى الانسان ربه، استجلب رحمته
قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣]، هنا تعلم أنه ليس بالأمر الهيّن كونك ليس في زمرة المتقين! الذين يتقون عذاب اللهِ وغضبه، فتترك ذنبًا ليس فقط لأنه حلال وحرام، بل لأنك تسأل نفسك: هل الله عز وجل يحبه؟ أم أنه لا يحبه ويغضب منه! ورتّب عليه عقوبة أو حد! فاحذر أن تعبد الله على طرف! فتبحث عن الحلال والحرام فقط دون أن تجتهد بأن تجعل بينك وبين عذاب الله حاجزًا ووقاية. فحالك وأنت هارب مما يمكن أن يكون فيه غضب الله وعذابه، هو حال تستجلب به رحمة الله -عز وجل-.
الأمر الثاني : الرحمة.
في الحديث ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) .فهؤلاء الراحمون ولأنهم تمثلوا بصفة الرحمٰن، فتكون الرحمة إليهم أقرب. فأنت حينما ترحم نفسك من الذنب والخطيئة تستجلب بذلك رحمة الله، ترحم نفسك عندما تتخيل وقوفها بين يدي الله، فترحمها من الحسابِ والعذابِ، فتجتهد في أن تقدم لنفسك الرحمة بحفظها من الذنب، وكذلك في رحمتك لمن هم حولك من ضعافِ الناس، ارحم أولئك الذين يأتمرون بأمرك ومن هم تحت سلطتك ومسؤوليتك، فكلما سعيت في رحمة الخلق، كلما كانت رحمة الخالق إليك أقرب.
الأمر الثالث : باتباعك لكتاب الله سبحانه أنت تستجلب الرحمة
إذ يقول الله تعالى: ﴿وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون﴾
[الأنعام: ١٥٥]
” لعلكم” في القرآن واجبة!
عندما تمر عليك هذه الآيات وتطرق سمعك، فهي من الله، فدعها تستقر بقلبك، لا تدعها تمر مرور الكرام! وتذكر أنما هذا الكتاب أنزل للعمل به، فتوقف واسأل نفسك عند كل آية: ما الذي يريده الله مني هنا؟ أمرًا أتبعه، أم نهيًا أجتنبه؟ توقف واستشعر ، وأنزل هذه الآيات على قلبك واعمل بها لتنال رحمة ربك الواسعة.
صلى بنا الإمام يوماً بسورة النور وقرأ قوله تعالى: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾
[النور: ٣١]
لا يمكن لأي امرأة أن تتلوَ هذه الآية وتسمعها بقلبها، وتخرج وهي تجاهر بزينتها، يستحيل ذلك وقد كرر -عز وجل- قوله ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾مرتين، فكيف لنا أن نسمع ونخالف! أين ما تلوت و سمعت؟! ولمَ لم يتحوّل ما نسمعه إلى عمل؟!
الأمر الرابع: إذا سمعت القرآن فأنصت له
يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف:٢٠٤] عندما تكون في صلاتك مع الإمام فاستمع ولا تسهو، مهما كانت قراءته وتلاوته، حاول أن ترعي سمعك وتنصت للآيات، لأن إنصاتك بقلبك هو باب استشعارك للآيات ومعانيها، فتجد نفسك تمر على قصص الأنبياء الواحدة تلو الأخرى فالله سبحانه لم يأتِ بكل هذه القصص عبثًا، بل هي تثبيت للنبي -عليه الصلاة والسلام-، و تثبيت لأمته من بعده.
الأمر الخامس: من مواطن استجلاب الرحمة هو أن تستغفر الله
يقول الله تعالى: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾
[النمل: ٤٦]
عن عائشة ر-ضي الله عنها- لما سألت النبي -عليه الصلاة والسلام-: يارسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال تقولين: ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنّي) .قال الشرّاح لهذا الحديث، لماذا يكون الدعاء فقط بالعفو؟ ولماذا أرشدها النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا الدعاء؟
لأن الله إذا عفى عنك أعطاك حاجاتك كلها بغير مسألة.
أنت فقط استغفر واطلب العفو، فإذا عفى الله عنك، وغفر لك ذنوبك كلها، وأصبحت قطعة بيضاء أمام الله، فحتما سيؤتيك حاجاتك من غير مسألة!
الأمر السادس: قدّم ما عند الله عز رجل في جميع أمورك تتنزل عليك الرحمات
يقول الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
[آل عمران :١٣٢]
فإذا كنت في قرار وموقف يخص حياتك، وما تعلم أتطيع أمك أم ربك؟ أتطيعي زوجك أم ربك؟، هنا يأتيك قوله سبحانه لينقذك من حيرتك، فيقول الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
[آل عمران :١٣٢]
الأمر السابع : الهجرة
يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
[البقرة: ٢١٨].
والهجرة : أن يهاجر الإنسان من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، والمهاجرون فُضّلوا بالهجرة، لأنهم حينما هاجروا تركوا منازلهم، و أملاكهم، وهاجروا إلى دار أخرى –المدينة-، وذلك رغبةً فيما عند الله -عز وجل-. تركوا كل ذلك وراءهم ترك حسي، فهاجروا من بلاد إلى بلاد، فهل هذا هو المقصود فقط؟ يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه). فعندما نتوب من ذنب ما، كأننا نحمل متاعنا، ونترك مكاننا الذي أذنبنا فيه، لنعود إلى الله ونهاجر من هذا الذنب إليه، حيث لا عودة ولا رجعة إلى الذنب مرة أخرى، فهذه الهجرة مما يُستجلب به رحمات الله عز وجل
فانظر إلى قائمة حياتك، وانظر إلى تلك الأشياء التي تحتاج منك أن تهاجر منها، وأقدم على ذلك في هذا الشهر الكريم.
الأمر الثامن: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من أسباب نيل الرحمة
إذ يقول الله تعالى: ﴿وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾
[النور: ٥٦]
أي أن تقيم الصلاة وتحافظ عليها، وألّا تفعلها كمن يوقّع حضوره فيها فقط، وإنما أقمها! أقم سجودها، وركوعها، واجعل إقامة صلاتك في شهر رمضان على الوجه الصحيح من الأعمال الصالحات التي تتقرب إلى الله بها، فتجوّد صلاتك وتقدّمها إلى الله -عز وجل-، وإيتاء الزكاة: تكون بزكاة أموالك أو زكاة الذهب، فعندما تقيم صلاتك، وتؤتي زكاتك، بنية أنك تتقرب بها إلى ربك، تكن حينها من رحمته منه أقرب.
الأمر التاسع: أن يكون الإنسان سمحًا
وهذه السماحة جاء فيها الحديث بدعوة النبي –عليه الصلاة والسلام: (رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى) في ثلاث مواطن، ليست مواطن عادية، فالإنسان فيها لا يريد أن يضيع له قرشًا واحدا. فلما كانت السماحة في هذه المواطن الثلاثة سببا في استجلاب رحمة الله سبحانه، فحتما هي ليس بالشيء اليسير بل يحتاج منا أن نربي أنفسنا عليها، فكن سمحًا، تكن من رحمة الله قريب.
الأمر العاشر: أحسن في عملك
يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: ٥٦]
كلما أحسنت في عملك، وراقبت الله بالإحسان، كلما كانت رحمة الله قريب منك، ولذلك تجد أننا جميعنا نذهب إلى الصلاة، لكنك تجد ذلك المحسن قد سبقك إلى المسجد، يتلذذ في طاعة الله، فلا تظن أن جميع من يؤدي العبادات والطاعات هم في الثواب سواء. فتجد أحيانًا أنك تفعل مثل ما تفعل كل يوم وكل ليلة ولكنك لا تجد نفس اللذة في قلبك، اعلم هنا أن ثمة خلل في نهارك أفسد عليك عبادتك بالليل، أو تجد أحيانا أنك تصلي وتشعر أن قلبك محلقا في السماء، ما السبب؟ فما الذي حرّك هذا القلب؟ هي الأعمال الصالحات عندما تحسنها.
مر رجل برجل تعلق بأستار الكعبة، وهو يرتجز بأبيات يقول فيها:
يا من يجيب دعاء المضطر في الظلم..
يا كاشف الضر والبلوى مع السقم..
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا
وأنت يا حي يا قيوم لم تنمِ
أدعوك ربي حزينًا هائمًا قلقًا
فارحم بكائي إله البيت والحرمِ
إن كان جودك لا يرجوه ذو سفهٍ
فمن يجود على العاصين بالكرمِ؟
ثم بكى بكاء شديدا وأنشد يقول:
ألا أيها المقصود في كل حاجةٍ
شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي
فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
أتيتك بأعمالٍ قباحٍ رديئةٍ
وما في الورى عبدٌ جنى كجنايتي
فلما اقترب الرجل منه فإذا هو زين العابدين علي بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو من آل النبوة، ومع ذلك يقول عن نفسه:
أتيتك بأعمالٍ قباحٍ رديئة!
يقول قوله هذا وهو المسمى بزين العابدين لعبادته، الذي ذكروا عنه أنه لما توفي وجدوا على ظهره خطوط وجراح، من أثر حمل أكياس القمح والشعير التي كان يتصدق بها على الفقراء وما كانوا يعرفون صاحب هذه الصدقات. فكلنا ندعو لكن من الذي يدعو بذلك القلب الخاشع الراجي ما عند الله سبحانه، وهو بذلك يستجلب رحمة ربه -عز وجل-.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى في هذه الليلة أن يرحمنا برحمته التي وسعت كل شيء وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، وأن يجعلنا ممن أُعتق رقابهم من النار ، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا ، ونعوذ يارب برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لانحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك، ولا إله إلا أنت، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.