بتاريخ ١٩ / ١ / ١٤٤٢ هـ


لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة الصوتية للنساء فقط)


الملخص:

إن الرسول ﷺ هو أحب الأنبياء والخلق إلى الله عز وجل، وبعثه إلى خلقه هادياً ومبشرًا و نذيراً

محبة النبي ﷺ من محبة الله عز وجل، فنحن نحبه لأن محبته تبعاً لله ، قال تعالى:” قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”

(آل عمران:31)

إذًا محبته ليست بالشيء الهيّن! 

و الله عز وجل أوجب علينا حُبّه ، قال تعالى:” النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا”

(الأحزاب:٦)

فهو ﷺ أولى بنا من أنفسنا لأنه كان أرأف وأرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا !

 اشتاق النبي ﷺ لأولئك الذين يحبونه دون أن يروه فيقول: “وددتُ أنِّي لقيتُ إخواني فقالَ أصحابُ النَّبيِّ ﷺ أوليسَ نحنُ إخوانَكَ قالَ : بل أنتُم أصحابي ولكنْ إخواني الَّذينَ آمَنوا بي ولم يرَوني .

المصدر : الصحيح المسند 

وقد وصف الله عز وجل الرسول ﷺ في كتابه فقال:”لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” 

(التوبة:١٢٨)

عزيز عليه ما عنتم: أي لا يحب المشقة عليكم 

حريصٌ عليكم: أي دائماً يأمرنا بما هو خير وهو الذي يسبقنا إليه وينهانا عن الشر. 

بالمؤمنين رؤوف رحيم: جعله الله عز وجل قدوةً لنا؛ لأن له من الشمائل والصفات و الأخلاق والسجايا ما يُحب لأجل ذلك ويحمد عليه. 


كيف كان حب الصحابة والتابعين لرسول الله ﷺ ؟

١- أبو بكر -رضي الله عنه- :

 عندما كان أبو بكر-رضي الله عنه- في فتح مكة جاء يقود أباه شيخًا كبيرا

أعمى لا يبصر، وقد اشتعل شعره من البياض، فجاء به ليبايع رسول الله ﷺ على الإسلام.

وضع  الشيخ الكبير -والد أبو بكر رضي الله عنه- يده على يد رسول الله ﷺ

فلما نظر أبو بكر إلى هذه اليد وهي تصافح يد والده والرسول ﷺ يلقنه الشهادة، بكى أبو بكر، فقال له الرسول ﷺ:

مه يا أبو بكر في مثل هذا اليوم؟ فقال أبو بكر -رضي الله عنه- والله لوددت أن تكون هذه اليد يد أبو طالب فوضعها في يدك فيسلم فتقر بها عينك

– يقصد عم رسول الله ﷺ –


٢- طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-:

في غزوة أحد حين  انكشف فيها الجيش المسلم فلم يبقَ أحد مع رسول الله ﷺ إلا سعد بن أبي وقاص

وطلحة رضي الله عنهما ، فأخذ طلحة الرسول ﷺ – بعد أن أصابته الجراح- وراءه على الجبل وهو يترس على

رسول الله بصدره، فيأتي رسول الله ﷺ يريد أن ينظر لما يحصل ويحارب، فيأتي طلحة ويضع رقبته

على رقبة رسول الله ﷺ ويقول :

“ بأبي أنت وأمي نحري دون نحرك“

ويأتي أيضًا أبو دجانة -رضي الله عنه-في نفس المعركة حينما سقط رسول الله ﷺ في إحدى الحفر

فخاف عليه من المشركين، فترس عليه أبو دجانة بظهره، فأصبح ظهر أبو دجانة كالقنفذ .

يتحمل كل هذا الألم من السهام لأجل رسول الله ﷺ.


٣- خالد بن معدان -رحمه الله-:

 أحد التابعين كان لا يأوي إلى فراشه إلا ويذكر شوقه إلى رسول الله ﷺ ومن مضى من أصحابه، ويقول:

هُم أَصْلِي وَفَصْلِي، وَإِلَيْهِم يَحِنُّ قَلْبِي، طَالَ شَوْقِي إِلَيْهِم، فَعَجِّلْ رَبِّ قَبْضِي إِلَيْكَ.

المصدر : سير أعلام النبلاء 


٤- المرأة التي استشهد كل أهلها: 

جاءت صحابية تستقبل جيش المسلمين بعد غزوة أحد، فدخل الجيش كلهم وهي تنظر أبيها وأبنائها وأخيها 

فأخبروها الصحابة رضوان الله عليهم بأنهم استشهدوا، قالت لهم : ما فعل رسول الله؟

فأشاروا إليه، فلما أقبل رسول الله-ﷺ- ورأت وجهه قالت: ”يا رسول الله كل مصيبة بعدك جلل“ أي كل الدنيا تهون طالما أنك لازلت حيًّا. 


ماذا قال الصحابة عن رسول الله ﷺ؟ 

كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يعيشون مع  رسول  الله ﷺ ومع ذلك يشتاقون إليه وهو بين أعينهم!

قال أنس -رضي الله عنه-: ”كان رسول الله ﷺ يقبل علينا وما على الأرض شخصٌ أحب إلينا منه“. 


قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:“كان والله رسول الله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ“


قال عمرو بن العاص-رضي الله عنه-: ”ولو سُئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أمليء عيني منه هيبة له“.


ثوبان -رضي الله عنه-:

رآه النبي ﷺ يومًا متغيرًا وجهه، فقال له الرسول ﷺ: ”يا ثوبان ما غير لونك؟“

قال:“ يا رسول الله ما بي من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك واشتقت إليك، واستوحشت

وحشة شديدة حتى ألقاك، و والله إنك لأحب إلي من نفسي وأهلي وولدي وأني لأكون في البيت

فأذكرك فما أصبر حتى أتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت الآخرة عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك“.

 فلم يلبث ثوبان -رضي الله عنه- مجلسه إلا ونزلت هذه الآيات، قال تعالى:

“وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا”

(النساء:٦٩)


حـياتــنا مع نـهج النبي ﷺ :

هل نحن نحب الرسول ﷺعلى الـوجه الذي يرضيه؟   

قال النبي ﷺ: “والذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ، ليأْتِيَنَّ على أحدِكم يومٌ ولِأَنْ يراني ثُمَّ لِأنْ يراني أحبُّ إليه من أهلِه ومالِه معهم“

المصدر : صحيح الجامع

هذه المشاعر ليست فقط للصحابة رضوان الله عليهم ولا التابعين، بل كل من عاش مع الإرث الذي ورثناه عن النبي ﷺ وهو أحاديثه وسنته ﷺ

وأعظم ما في هذا الإرث أنه يعلمنا كيف نعيش، فينبغي أن تكون حياتنا ليست مجرد قرارات واجتهادات شخصية بناءً على ما نرى نحن! 

إنما يجب أن نتأسّى بما تركه لنا رسول الله ﷺ من منهج وشرع. 

لذلك إذا تعرضت لأي موقف ضع نفسك مكان النبي ﷺ و اسأل نفسك هذا السؤال.

 لو كان النبي ﷺ مكاني ماذا كان سيختار؟

وبالتأكيد ستجد الإجابة؛ لأنها محفوظة ومعروفة في إرثنا.

وهنا حقيقة الاقتداء بأن تلبس تلك النظارة التي تنظر فيها إلى الحياة وكل ما أبعدت هذه النظارة كلما ابتعدنا عن سنة النبي ﷺ

انقطاع الوحي من السماء لا يعني انقطاع الإرشاد، فالقرآن خالدًا باقيًا يرشدنا إلى ما فيه خير الأمة.

فالقرآن لا يتركنا هملًا دون أن نعرف الأسباب والمسببات. فعندما تقرأ القرآن اقرأه ببصيرة قلبك قبل عينك، لا تقرأه فقط بلسانك.

قال تعالى:” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )

الروم:٤١ 

ضع تركيزك على (بما) الباء هنا سببية، أي ظهر هذا كله بما كسبت أيدي الناس، أي بسبب مصائب الناس وبعدهم عن دينهم!

قال رسول الله ﷺ:

” إذا ظهر السوءُ بأرضٍ أنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ بأهلِ الأرضِ بأسَهُ قالَتْ وفيها أهلُ طاعةِ اللهِ قال نَعَمْ ثم يصيرونَ إلى رحمةِ اللهِ”

المصدر: مجمع الزوائد

هذه هي عواقب الذنوب التي حذرنا منها النبي ﷺ، والتي نتدارس اليوم الشوق إليه والشوق إلى سنته ليس حبًا به فقط!

وإنما حبًا وشوقًا واقتداءً وتأسيًا حتى لا نترك غرسه فيصيبنا ما أصاب المفرطون بسنته.

قال تعالى:” وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ”

البقرة:١٤٣ 

قال النبي ﷺ بمعنى وسطًا: ”ما أنا عليه وأصحابي“. 

الفرقة الناجية هم الذين يتمسكون بغرس النبي ﷺ، ولعلك تلاحظ أن تعبيرات النبي ﷺ تدل على أن الوضع سيكون فيه غُربة، سيكون فيه شدة!

إذا النبي ﷺ أرشدنا إلى أن تمسكنا بغرسه وسنته وبكتاب الله عز وجل هي هذه الرحمة التي تبقى لهذه الأمه قال النبي ﷺ:”إنَّ أمَّتي أمَّةٌ مَرحومةٌ ليسَ عليها في الآخرةِ حسابٌ ولا عذابٌ، إنَّما عذابُها في القَتلِ والزَّلازلِ والفتنِ”

المصدر : المستدرك على الصحيحين 

 كيف لنا إذا جئنا يوم القيامة وقابلنا رسول الله ﷺ؟ ماذا سنجيب رسول الله حينما يسألنا عن هذا الإرث الذي أبقاه لنا وتركه عندنا؟

ماذا فعلنا للذب عن دينه ولنصرة كتابه وسنة نبيه؟

كيف تعلمنا و كيف عشناها في أنفسنا وكيف ورثناها لأبنائنا وأسرنا و للأجيال التي نعلمها من تحتنا؟ 

هذا سؤال مهم وهي مسؤولية كل شخص مسلم كبير كان أو  صغير.

هذا إرث رسول الله ﷺ وإن استبدلنا أو أغوتنا الدنيا وأخذتنا فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويُحبونه ويقول الله عز وجل عنهم في كتابه:

( ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)

محمد:٣٨


* تنويه: مادة المحاضرة جمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.

11 تعليقات
  1. zoritoler imol says:

    I do agree with all the ideas you’ve presented in your post. They’re really convincing and will definitely work. Still, the posts are very short for starters. Could you please extend them a little from next time? Thanks for the post.

  2. vorbelutrioperbir says:

    I was just seeking this information for some time. After 6 hours of continuous Googleing, at last I got it in your site. I wonder what is the lack of Google strategy that do not rank this kind of informative sites in top of the list. Normally the top sites are full of garbage.

  3. تغريد says:

    ليست الوسطية انحلالاً، وليست الوسطية التي تراها بعينك انت شخصياً ، انما الوسطية هي ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم .

    كثير من الناس يستخدمون كلمة الوسطية في غير محلها وبما يتفق مع هواهم ، فالتي تلبس البنطلون والبلوزة مثلاً وتضع على رأسها مايستر شعرها تعتبر نفسها محجبة حجاباً وسطاً (بين المنقبة والمتبرجة) . بينما في امور الدنيا لاترضى بالبيت (الوسط) ولا بالسيارة (الوسط) ….

  4. غير معروف says:

    أسأل الله ان يجمعنا في جنات الفردوس الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وموتانا وموتى المسلمين جزاك الله خير الجزاء 💕

التعليقات مغلقة