لسماع المحاضرة صوتًا

( كرمًا المحاضرة خاصة بالنساء فقط )


الملخص:

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. أما بعد:

  • مدخل للقاعدة:

حديثنا اليوم عن موضوع مهم جدًا، وهي قاعدة من القواعد وسنة من سنن الكون، وسأبدأها بالقصة المعروفة لخديجة رضي الله عنها حينما جاءها النبي عليه الصلاة والسلام، بعد أن نزل عليه جبريل، كان النبي عليه الصلاة والسلام لأول مرة يرى ملك من الملائكة، وقال له: يا محمد اقرأ … -بالقصة المعروفة- إلى أن غطّه، ثم نزلت السورة الأولى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق:1]. رجع النبي عليه الصلاة والسلام إلى خديجة وهو مشدوه، فأخبرها النبي عليه الصلاة والسلام بالموقف كله من أوله لآخره، أما خديجة رضي الله عنها فلأنها تعرف القاعدة التي سنتكلم عنها اليوم قالت له: (كَلّا أبْشِرْ، فَواللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ)، أنت صاحب المعروف والذي يفعل هذا كلّه لا يمكن أن يخزيه الله عز وجل.

أهل المعروف هم أهله في الدنيا والآخرة

لا يمكن لإنسان أن يحسن في حياته ثم لا يتوقع أمامه إلا الإحسان،﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾

[الرحمن:60]

وقال تعالى: ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ﴾

[يونس: 26]

فلاحظ أن أول خطوة هي منك أنت: (للذين أحسنوا) أنت تحسن، ثم الله عز وجل يحسن لك وزيادة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (أهلُ المَعروفِ في الدُّنيا هُم أهلُ المعروف فِي الْآخِرَةِ، وَأَهْلُ المُنْكَّرِ فِي الدُّنيا هُم أهلُ المُنكر في الآخرة) وأهل المعروف في الدنيا يعني الناس الذين عُرفوا بالمعروف، أصحاب الخير الذين الناس ما تحكي عنهم إلا بكل خير، وأهل المنكر من غاصوا وغرقوا فيه ولم يريدوا الخروج منه، هم أهل المنكر في الآخرة لأنَّ الجزاء من جنس العمل. وسنرى ما قد يثير الاستغراب أن يكون الجزاء مشابه جدًا وحقيقةً لجنس العمل.

كلُّ عمل جزاءه من جنسه

يقول النبي عليه الصلاة والسلام في مجموعة من الأحاديث:  قال صلى الله عليه و سلم: (مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه) ، يقول ابن عمر رضي الله عنه: (كان في المدينة أقوام لهم عيوب سكتوا عن عيوب الناس فسكت الناس عنهم، وكان أُناس ليس لهم عيوب، خاضوا في عيوب الناس فخاضت الناس في عيوبهم) أي إنسان يعني تقريبًا لا يوجد له عيوب مذكورة، والناس ما تعرفها لكن لما خاضوا في عيوب الناس؛ فقام يقيم هذا ويحط بهذا ،قال: “فخاضت الناس في عيوبهم” قاموا أخرجوها من تحت الأرض لأن الجزاء من جنس العمل فـ  (مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه)، و(مَن ضارَّ ضارَّ اللهُ به، ومن شاقَّ شقَّ اللهُ عليهِ، وضارّ يعني: قام يشق على إنسان ، لاحظوا الجزاء لا يأتي من شخص آخر ليضرك، الحرب لم تصبح بينك وبين شخص، صارت بينك وبين الله! (ومن ضارّ ضارّ الله به).

ويقول النبي عليه الصلاة والسلام في صعيد آخر على أبواب الخير: 

  • قال صلى الله عليه و سلم: (مَن سترَ مُسلِمًا سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخِرةِ)، الستر هذا يمكن يكون معنوي وحقيقي، وهذا الستر من الله سيأتيك في أحوج ما تكون، لأنه لما يكون الجزاء من عند الله عز وجل فالستر ليس فقط في الدنيا يستره الله، حتى في الأخرة، ولذلك في أحاديث كثيرة، قال عليه الصلاة والسلام: (فإنِّي قدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وإنِّي أَغْفِرُهَا لكَ اليَومَ) وهناك ستر معنوي، فممكن إنسان يخطئ في كلام أو في تعبير، فأنت لما تأتي وتنقذ الموقف لهذا الإنسان فأنت تستر عليه معنويًا.
  • قال صلى الله عليه و سلم : ( ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ)، من ذاك قوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ رَجُلًا كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، أتاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فقِيلَ له: هلْ عَمِلْتَ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: ما أعْلَمُ، قيلَ له: انْظُرْ، قالَ: ما أعْلَمُ شيئًا غيرَ أنِّي كُنْتُ أُبايِعُ النَّاسَ في الدُّنْيا وأُجازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وأَتَجاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ، فأدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ)،.
  • وقال صلى الله عليه و سلم : (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ) 

 ولاحظوا الكلمة (من نفَّس) يعني الإنسان لما ينكرب ما يتنفس! كأن الدنيا ضاقت عليك كأنك تتنفس من خرم إبرة ( فمن نفّس عن مؤمن كربة نفّس الله عنه) تأملوا الكلمة، ما قال: فرَّج الله عنه، لا، هي نفسها ( نفَّس عنه) كأنه أعاد له النفس، هذه إعادة النفس في كربة من كرب يوم القيامة، والجزاء  هناك مهول مهول! إما جنّة وإما نار! لا بيت تأوي له ولا أسرة فكرب يوم القيامة لا مجال أصلًا للمقارنة بينها وبين كرب الدنيا، فيكون الجزاء لهذا الإنسان الذي نفّس عن هذا الإنسان الكربة أن ينفّس الله عز وجل عنها كربة من كرب يوم القيامة. 

  • قال صلى الله عليه و سلم : (مَن أقال نادمًا بيعتَه أقال اللهُ عَثْرتَه يومَ القيامةِ) ، يعني الذي يسامح، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ) 

وأنت لك هفوات أيضًا وأنت تريد الناس أنهم يعفون عنها، فإذا كنت تريد ذلك فاعفُ عن الناس. يقول الله عز وجل: ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾

[التغابن:14]

فمثل ما أنت تغفر للناس سيغفر الله لك. 

قال صلى الله عليه و سلم : (مَن لا يشكرُ النَّاسَ لا يشكرُ اللهَ)

لاحظوا شكر الله لعباده كيف يكون؟

سليمان عليه الصلاة والسلام حينما أشغلته الخير عن ذكر ربّه حبًا لها -القصة المعروفة- وعرف أنها هي التي ضيّعت الصلاة لأجلها

﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾

[ص:33]

أعطب بكل هذا الخيل ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾

[ص:33]

أعطبها كلها غضبًا؛ كيف ألهتني عن ربّي؟! فشكر الله له صنيعه، فماذا رزقه؟ 

قال الله عزّ وجل:﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾

[ص: 36]

فسخّر الله له الريح تجري بأمره فكانت تحمله هو وجنوده والجن الذين كانوا معه وعتادهم تجري بهم الريح رخاء ليّنة طيبة هادئة، كانت تحملهم مثل نسمة الهواء وتنقلهم حيث يشير سليمان عليه السلام، فمثل هؤلاء يعبدون الله عز وجل وهم يعرفون من يعبدون.

الصادق يصدق الله معه:

يقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضًا: (صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ)، قصة الأعرابي معروفة، والإمام أحمد لما صبر في محنته على ثلاثة خلفاء يتعاقبون على مبدأ خطأ واضح، فلما انتهت الفتنة سأله أبو حاتم الرازي فقال له: يا إمام كيف نجوت من سيف الواثق وعصا المعتصم؟ فقال له: “يا أبا الحاتم لو وُضع الصدق على جرح لبرأ!”.

الذاكر يُذكر في ملءٍ خير

عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما يَحكي عن ربِّه عزَّ وجَلَّ أنَّه قال: (مَن ذكَرَني في نفْسِه ذكَرتُه في نفْسي، ومَن ذكَرَني في ملأٍ مِنَ الناسِ ذكَرتُه في ملأٍ أكثرَ منهم وأَطيَبَ) أي شرف! والله لما تفكر فيها هل نستحق؟!  لأني قلت هذه الفائدة أن الله يذكرني في ملأ خيرٍ منه! هذا من كرم الله، ولأنه شكور، يُثيب على العمل القليل بالخير الكثير.

صدقة الله أعظم وأجزل:

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (… لَا يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا، …) ،واسمع لهذه القصة، يرويها النبي عليه الصلاة والسلام فيقول: (بَيْنَمَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ إِذْ سَمِعَ رَعْدًا فِي سَحَابٍ، فَسَمِعَ فِيهِ كَلَامًا: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ بِاسْمِهِ، فَجَاءَ ذَلِكَ السَّحَابُ إِلَى حَرَّةٍ فَأَفْرَغَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى ذِنَابِ شَرْجٍ، فَانْتَهَى إِلَى شَرْجَةٍ، فَاسْتَوْعَبَتِ الْمَاءَ، وَمَشَى الرَّجُلُ مَعَ السَّحَابَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَجُلٍ قَائِمٍ فِي حَدِيقَتِهِ يَسْقِيهَا، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟، قَالَ: وَلِمَ تَسْأَلُ؟، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ فِي سَحَابٍ هَذَا مَاؤُهُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ بِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا إِذَا صَرَمْتَهَا؟، قَالَ: أَمَا إِذْ قُلْتَ ذَلِكَ، فَإِنِّي أَجْعَلُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ: أَجْعَلُ ثُلُثًا لِي وَلِأَهْلِي، وَأَرُدُّ ثُلُثًا فِيهَا، وَأَجْعَلُ ثُلُثًا فِي الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ )..

إذا الله سقى لهذا المزارع البسيط وسخر له سحابه، لولا أن الله أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلّم بهذه القصة لم نكن لنعرفها، وما أكثر ما جرى سحاب لم نعرف فيه! سواء كان سحاب حقيقي، أو سحاب من سحابات الدنيا التي تأتي للإنسان فتوسّع عليه، وما على الدنيا حسرة، أنت فقط اربط حبالك مع الله عز وجل. 

قيل للحسن رحمه الله، وكان كثير العطاء والنفقة، فقالوا له: ليس في السرف خير، فرد عليهم قال: ( ليس في الخير سَرف).

بناءٌ بِــبناء:

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (مَن بنى للهِ مسجِدًا ولو كمَفْحَصِ قَطاةٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ) 

أنت الشيء البسيط الذي قدّمته، السهم الذي شاركت فيه أو عملته أو أنت وزملائك قررتم تجمعون لبناء مسجد كان ممكن تذهب في أمر كمالي فالذي يحصل أنك ستأتي يوم القيامة وعندك أملاك، تأتي لو تعذّبت في النار، وكنت أسوأ خلق الله، لكن عندك شيء في الجنّة أنت من بناه لن يذهب ولن يضيع، فالخير الذي أنت عملته موجود.

السلف كانوا يفهمون هذا الكلام بشكل صحيح  لما يأتيهم واحد يقول: مالكم بيوتكم؟ يدخل عليه فما يجد عنده أثاث كثير أو غيره، فيقول له: إنا لنا بيوتًا هناك نُرسل لها”

غضٌ يتبعه نور:

يقول الله عز وجل: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، والآية الي بعدها: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾

[النور: 31].

وما الآية التي جاءت بعدها؟ آية ٣٥ تقول:﴿ اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35].﴿ مَثَلُ نُورِهِ ﴾هذه الآية مثل نوره يعني مثل نوره في قلب عبده ، يقول أحد السلف: ( فمن غضّ بصره نوّر الله بصيرته).

حسنة قُبيل الفجر:

لما تقرر الاستيقاظ قبل الفجر بربع ساعة يأتيك الشيطان بجيشه كامل يوسوس لك ويثبطك لئلا تقوم،حتى لاتكون ممن ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[السجدة: 16-17]

فلا تعلم نفس: يقولون شرّاح الآية: لأنهم أخفوا عملهم، فأخفى الله لهم جزاؤهم كنوع من المفاجأة لهؤلاء، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة عين، لو ملك من ملوك الدنيا قال لك سيجازيك بشيء سيسعد قلبك ويقر عينك فيه، فأنت تحس بأن هذا الوعد عظيم، كيف الوعد لما يكون من الذي خلق الدنيا وما فيها؟!

أقبل ولا تدبر:

لما نتكلم عن الجزاء من جنس العمل، فإن المثال يكون جليًا في الثلاثة الذين دخلوا إلى حلقة، يقول الحديث: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَما هو جَالِسٌ في المَسْجِدِ والنَّاسُ معهُ إذْ أقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فأقْبَلَ اثْنَانِ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وذَهَبَ واحِدٌ، قالَ: فَوَقَفَا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّا أحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وأَمَّا الثَّالِثُ: فأدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ألَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أمَّا أحَدُهُمْ فأوَى إلى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ منه، وأَمَّا الآخَرُ فأعْرَضَ فأعْرَضَ اللَّهُ عنْه) 

يقول ابن القيم: “اعلم أن لك ذنوب بينك وبين الله تخاف عواقبها وترجوا أن يعفو عنها ويغفرها لك”. 

خاتمة

هذه قواعد ومنهج للحياة، أنت ما تنظر للناس لا هم ولا أسماؤهم ولا أشكالهم، أنت تعامل الله فوقهم، فإذًا لا تستهلك نفسك ولا مشاعرك مع الناس، القاعدة ذكرناها في عوامل الخير لكن تخيلوا في الشر كيف ممكن تكون؟ ومنها أن من نسى الله نسيه الله! وأصعب شيء ممكن يمر على الإنسان ألا يبالي الله في هذا العبد في أي أودية الدنيا هلك!  فكأنه مات حيًا. ولا تسأل عن الذين ضحكوا على المؤمنين في الدنيا استهزاء وسخرية، ويتهمونهم بالتخلف، كيف سيكون جزاؤهم من جنس عملهم، يقول الله عز وجل عنهم في آخر سورة المطففين ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين: 35-37]وتنتهي السورة بهذا السؤال. والجواب عليك!  وكما تفعل مع عباده، يُفعل بك.

نقف إلى هنا وأسأل الله أن يجعلني وإيّاكم ممن أحسن العمل وممن أحسن القول، وأن يجعل آخر أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم أن نلقاه وأسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ولإخوتنا الذين سبقونا بالإيمان الأحياء منهم والأموات.

هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.


* تنويه: مادة المحاضرة جُمعت من مصادر عدة وجميع المحاضرات في المدونة ليست كتابة حرفية لما ورد في المحاضرة؛ إنما تمت إعادة صياغتها لتُناسب القرّاء وبما لا يُخلُّ بروح المحاضرة ومعانيها.

1 عدد التعليقات

التعليقات مغلقة